كي لا ننسى: الرفيق جورج عويشق (1922- 2012)

ولد في دمشق عام 1922 ودرس في المدرسة الأرثوذكسية المعروفة بالآسية، وكانت الآسية حسب تعبيره منارة للحركة الوطنية. اشترك طالب الآسية جورج عويشق في مظاهرات شهري كانون الثاني وشباط،1936 وأثناء تفريق الشرطة لإحدى المظاهرات ومطاردة المشاركين فيها هرب جورج عويشق ملتجئاً إلى الأزقة الضيقة، ومصادفة وجد في أحد أزقة البحصة باباً مفتوحاً، فدخله لينقذ نفسه من الاعتقال، ووجد في تلك الدار عدداً من أبناء حي القصاع، وهم إيليا مباردي وحكمت ربوع، وسيمون شمشيخ، وعرف منهم أن هذه الدار هي مكتب للحزب الشيوعي. ومن هنا بدأت صلته بالحزب الشيوعي. وأخذ يتردد على المكتب وعمره لم يتجاوز الرابعة عشرة. وبسبب صغر سنه، ولأنه لا يلفت الأنظار، كلفه رشاد عيسى أحد أعضاء القيادة بنقل المناشير المخبأة بين الطعام إلى فوزي الزعيم في سجن القلعة، ودخل جورج عويشق الحزب الشيوعي عن طريق إيليا مباردي عام 1939 وهو طالب بكالوريا، ثم انتسب إلى دار المعلمين، وتعرف على الطالب الشيوعي النشيط نجاة قصاب حسن، وتأثر بأساتذته التقدميين فاخر العاقل وجميل صليبا وكامل عياد.

بعد تخرجه في دار المعلمين عُيِّن معلماً بدرعا في أيلول سنة 1943. وبسبب نشاطه الكثيف منع قضائياً من التدريس.

كان عويشق في عداد السبعة عشر شاباً المدافعين عن مكتب الحزب الشيوعي عام 1947 وأثناء هربه من المكتب أطلق عليه أحد المحاصِرين للمكتب النار، فأصيب في رجله، وعانى طيلة حياته بسبب تلك الإصابة. وفي أواخر أربعينيات القرن الماضي كانت قيادة الحزب في سورية مؤلفة من خالد بكداش وفوزي الشلق وجورج عويشق.

في الفصل الرابع من كتاب (ذكريات ومواقف) للرفيق الراحل يوسف الفيصل، وتحت عنوان الهجوم على مكتب الحزب الشيوعي، جاء ما يلي:

في اليوم التالي لقرار مجلس الأمن بتقسيم فلسطين، عشية هذا اليوم جرى اجتماع قيادي حضره الرفيق خالد بكداش وفوزي الشلق وجورج عويشق، بحثت فيه احتمالات الهجوم على مكتب الحزب وعلى بيوت الرفاق ،كنا سبعة عشر رفيقاً تجمّعنا في المكتب المركزي للحزب، الكائن في منتصف شارع فرعي يمتد من أول شارع باكستان عند مقسم شرطة عرنوس، ويقع على الزاوية. ولم يكن في ذلك الحين من بناء سوى في الجانب المحاذي لمقسم الشرطة، أما المساحة المقابلة فكانت خالية بشكل ساحة واسعة.

أذكر من هؤلاء الرفاق: المهندس فوزي الشلق، مهندس الكهرباء في محافظة دمشق. الأستاذ عبد القادر إسماعيل، وهو اللاجئ العراقي الذي هرب من تعسف نوري السعيد، وأقام في سورية، وناضل في صفوف الحزب الشيوعي السوري. المحامي نجاة قصاب حسن (وكان في ذلك الحين مسؤولاً عن منظمة دمشق)، جورج عويشق. جوزيف شاغوري، حسين عاقو (عامل نسيج). عدنان البني وعدنان شرف (طالبان جامعيان). كمال يعقوب (معلم). ألبير قدسي وجوزيف مصابني (موظفان). عبد الرحمن الأيوبي (مصور). بهجة بكداش (متفرغ في الحزب). عبد الوهاب كيكي (معلم). وأنا. كان ذلك في 28 تشرين الثاني عام 1947.

أثناء الحملة الانتخابية في خريف 1954 كان جورج عويشق في قائمة الاتحاد الوطني المؤلفة من خالد بكداش ونصوح الغفري وجورج عويشق، وقد نال كل من الغفري وعويشق ثمانية آلاف صوت.

وإبان الوحدة المصرية – السورية، كان جورج عويشق من أوائل المعتقلين الشيوعيين الذين زجت بهم المخابرات السورية، مع آلاف الشيوعيين والديمقراطيين، في سجن المزة العسكري، ووقف فيه مدافعاً عن الديمقراطية والوحدة رغم تعرضه للتعذيب الشديد مراراً وتكراراً، لكنه بقي  وفياً لموقف الحزب صامداً في وجه الجلادين حتى نهاية عهد الوحدة عام 1961.

كان جورج عويشق قامة شيوعية باسقة، وأعطى الحزب جلَّ فكره وزهرة شبابه، توفي في عام ،2012 ونعاه الحزب الشيوعي السوري الموحد قائداً بارزاً للحركة الشيوعية في سورية.

العدد 1105 - 01/5/2024