«رؤية الحزب الشيوعي السوري الموحد»حول مستقبل البلاد بعد الأزم

إنني أشكر وأثني على هذه الرؤية الصائبة والهامة والضرورية في هذه المرحلة من الأزمة، التي عصفت بوطننا الحبيب سورية، وجرى ما جرى من قتل ودمار وسيطرة على أجزاء هامة من قبل المسلحين الإرهابيين، والمدعومين من قوى إمبريالية ورجعية عربية وإقليمية، فقد وجدوا مرتعاً خصباً في الداخل السوري، بل أوجدوا وخططوا لإحداث هذه الأزمة، هذه الهجمة الحاقدة على الدولة السورية ودورها الوطني والمقاوم في المنطقة لأجل إضعافها ثم تفتيتها إلى كانتونات متبعثرة هنا وهناك، فكان الحاضن موجوداً بشخص حركة الإخوان المسلمين، ذات الميول الرجعية والحاقدة والعميلة تاريخياً مع الغرب الإمبريالي، والأنظمة الرجعية العربية، ولكن الجديد في هذه الأزمة هو التنسيق والتعاون الواضح مع العدو الإسرائيلي، والاستعداد للتنازل عن الجولان إذا أُسقطت الدولة السورية بدعم من الكيان الصهيوني.

وكل هذا وذاك أوجد أرضاً خصبة، ومنافذ مفتوحة أمام هؤلاء الغزاة الإرهابيين الذين أتوا بهم من أكثر من مئة دولة عربية وإسلامية وحتى أوربية وكل الدول الرأسمالية. فكان الشعب السوري بقواه الوطنية والتقدمية الشريفة، وعلى رأسه الجيش السوري البطل، لهم بالمرصاد، وبالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء الإقليميين والدوليين، وعلى رأسهم روسيا والصين وإيران ومجموعة دول البريكس ومعاهد شنغهاي.

هذا الصمود البطولي المقاوم الوطني من شعبنا السوري وجيشه البطل شكّل مفاجأة كبيرة للأعداء وكل الحاقدين على دور سورية الوطني والتقدمي، المقاوم لنهج الدول والأنظمة الإمبريالية والصهيونية والرجعية العميلة، لكن علينا أن نشير هنا إلى ظاهرة سلبية في هذه المرحلة الحرجة من الأوضاع الراهنة والصعبة التي تمر بها بلادنا الحبيبة، هي أن حجم النجاحات والانتصارات يزداد يوماً بعد يوم، بينما حجم الخدمات والأوضاع المعاشية للجماهير الشعبية في عملية عكسية تماماً. هذه الظاهرة السلبية غير مقنعة لدى الكثير من أبناء شعبنا السوري وجيشه البطل بل وقواه الوطنية والتقدمية.

نأمل أن نستفيد من تجربة هذه الأزمة اللعينة 2011 بأن لا يتكرر ما حدث مرة أخرى، ولأجل ذلك يجب أن نعمل بقلب واحد، بمحبة وإخلاص في سبيل تعزيز وتقوية الوطن السوري وحمايته، وتحقيق الازدهار والنمو فيه، في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية.

إن الجماهير الشعبية الكادحة من عمال وفلاحين، وصغار الكسبة، وكل المنتجين الوطنيين هم صاحبو المصلحة الحقيقية في تقوية الوطن وحمايته، من كل المعتدين عليه من الداخل والخارج، بل هم حماة الوطن ودرعه المتين، سطروا آيات من البطولة والشهامة، ولقنوا الأعداء درساً رائعاً وعظيماً في المواجهة والنضال، يجب منح وإعطاء التقدير لهؤلاء الأبطال الأشاوس، وخاصة أفراد الجيش السوري ورجال الدفاع الوطني البواسل، من رجال الشرطة ورجال الأمن والمتطوعين من عامة الشعب.

فألف تحية وقبلة وسلام لهؤلاء المقاتلين البواسل، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار، شهداء الجيش السوري ورجال الدفاع الوطني، والخزي والعار للخونة والجبناء عملاء الدول والأنظمة الإمبريالية والصهيونية والرجعية.

ولابد هنا أن أشير إلى ما تقوم به الطبقات البرجوازية وأدواتها، من تجار الحروب والأزمات ومن الفساد والمفسدين في أجهزة الدولة والمجتمع، فهم مازالوا يعبثون بأموال الشعب وثرواته وخيراته، ولذلك فإن محاربتهم لا تقل أهمية عن محاربة القوى الإرهابية المسلحة.

إنهم يتحضرون لمرحلة إعادة البناء والإعمار بفارغ الصبر، وبحماس شديدٍ، للانقضاض على الاستثمارات واحتكار المواد واستغلالها، والتحكم بالسوق بيعاً وشراء، ليمتصوا النمو الجاري في الاقتصاد الوطني ويفشلوا أعمال البناء والإعمار.

حذار.. حذار.. حذار.. من لصوص الطبقات البرجوازية بالتعاون مع البرجوازية البيروقراطية والطفيلية (البيروفيلية). وكما أنه يجب في هذه المرحلة الدقيقة إعادة النضال السياسي إلى المجتمع السوري، لأن المجتمعات دون نضال سياسي بمثابة جسم بلا روح. ولتكن، بل وليصبح مجتمعنا السوري كخلية نحل تعمل وتنظم عملها بنشاط فعال وهادف، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة.

إن أهم قضية يمكن العمل فيها لأجل إعادة البناء والإعمار، هي التحضير لإيجاد الإنسان القادر لقيادة المرحلة، من كوادر إنتاجية وفنية وإدارية وقوى وطنية وتقدمية فاعلة، جديرة في قيادة المرحلة إلى بر الأمان، فلنخرج من قمقمنا، كفانا التهرب من المسؤولية واتهام الآخرين بالتقصير ونسيان أنفسنا وأخطائنا وترهلنا.

الوطن يناديكم، ينادي جميع أبنائه، لأن العدو لم يستسلم بعد وهو يخطط ويتآمر للعودة من جديدة بأسلوب أو بطريقة أخرى. إن الأنظمة الإمبريالية مجروحة، لذلك ستعيد عملها من جديد وبوحشية أكثر، لأنها أصيبت بضربة موجعة ومؤلمة في سورية الصمود والتصدي والمقاومة.

الحلفاء والأصدقاء

لشعبنا السوري حلفاء وأصدقاء كثيرون في المنطقة والعالم، وعلى رأسهم روسيا والصين وإيران وكل دول البريكس ومجموعة شنغهاي، يمكن الاعتماد عليهم والاستفادة منهم، لا للذهاب إليهم لأجل التنزه والاصطياف، بل لأجل جلب الدعم العلمي والمعرفي والمادي والمعنوي، ولتكن علاقات تعاون وتضامن مع كل الشعوب الخيرة وبشكل خاصة مع قواها الوطنية والتقدمية التي تقف معنا ضد الدول والأنظمة الإمبريالية والصهيونية والرجعية.

قطع العلاقات مع كل الأنظمة التي تعادينا ووقفت ضدنا إلا إذا تراجعت عن مواقفها العدائية، واعترفت بأخطائها المشينة، واعتذرت من الشعب السوري ودولته وقيادته الحكيمة.

العلاقات الداخلية

مطالبة كل القوى الوطنية التي تعاونت مع القوى والأنظمة الإمبريالية والصهيونية والرجعية بالاعتذار وإجراء الانتقاد الذاتي، في بيان صادر منهم، أي الاعتذار من الشعب السوري، فمن خلالهم استطاع الأعداء السيطرة على مواقع عديدة في وطننا الحبيب سورية.

في السياسة الداخلية

إضافة إلى ما ورد في الرؤية، يرجى الاهتمام بالجيش العربي السوري عدة وعتاداً وتدريباً ودعماً مادياً ومعنوياً، وعلى كل المستويات، أفراداً وصف احتياط وضباط، وإعادة الاعتبار لأجهزة الشرطة والأمن بكل أنواعه، وكل من ساهم فعلياً في الدفاع عن الوطن، وتنظيف أجهزة الشرطة والأمن من العناصر المعادية والمتخاذلة واللاوطنية.

أما في الإصلاح السياسي، كما ذكرت أعلاه أعيد وأكرر يجب إعادة النضال والنشاط السياسي الفعال إلى المجتمع السوري.

يجري الحديث كثيراً عن التعصب الديني في هذه المرحلة، وهذا صحيح جداً، لكن هنا يجب أن ننتبه إلى أشكال أخرى من التعصب، كالتعصب القومي الشوفيني حتى من قبـل بعض الفعاليات المجتمعية.

التعصب الديني والقومي خطران يحدقان بالمجتمع السوري يجب الانتباه والحذر منهما جيداً. إن الانتماء الاجتماعي مثل الانتماء الديني أو القومي أو الطائفي أو المذهبي، يتم عن طريق الوراثة، أي لا إرادي، مفروض فرضاً على الإنسان منذ الولادة. إذاً المشكلة ليست في مثل هذه الأشكال من الانتماءات، بل هي في الانتماء الطبقي بين طبقة ظالمة وأخرى مظلومة، أي الطبقات البورجوازية والطبقات الكادحة، فهنا يجب حسم الموقف.

ملاحظة

نتيجة لقراءتي ودراستي لرؤية حزبنا الشيوعي السوري الموحد، دفعتني لإبداء بعض الآراء والملاحظات، وأتمنى أن أكون موفقاً وصائباً في أطروحاتي واقتراحاتي. المهم يمكن التواصل والحوار والاجتهاد للتوصل إلى المهم والأهم بل والصحيح والأصح.

وشكراً لكم لهذه المبادرة الرائعة والتقييم الصائب والناجح.

العدد 1107 - 22/5/2024