الأصوات الوطنية الصادقة.. تدعم الصمود وتشحذ النفوس وتحارب اليأس

الأمر لا يحتاج إلى أمثلة كثيرة، ولا إلى براهين.. يكفي أن نتلمس الحرب الإعلامية المتعددة  الأشكال التي شنتها وماتزال تشنها وسائل الإعلام التابعة، والمأجورة، للتحالف الدولي المعادي لسورية، لتتوضح لدينا أهمية تقوية وسائل الإعلام الوطنية في سورية ودعمها، لا بهدف مجابهة (الميديا) المعادية، المتطورة، ووسائلها المتعددة فقط، بل بهدف رصّ صفوف السوريين لدعم صمود سورية في وجه أخطر غزو إرهابي شهدته  البشرية.

أثناء العدوان الثلاثي على مصر بقيادة جمال عبد الناصر في عام 1956 يذكر الكثيرون أثر الصحافة والإذاعة  والأناشيد الوطنية الحماسية في رفع معنويات المصريين والسوريين الذين وقفوا بالطوابير للتطوع في المقاومة الشعبية للدفاع عن مصر، ولمجابهة التهديد الأمريكي- التركي ضد سورية..

من ينسى مانشيتات الصحافة المصرية والسورية على وجه الخصوص؟ (بور سعيد لن تسقط أيها الغزاة.. الفدائيون يزرعون الموت في معسكرات الصهاينة.. هذه أرضي أنا.. بورسعيد مقبرة  الغزاة).

من ينسى النشيد الذي كتب كلماته المناضل المصري الوطني الشيوعي كمال عبد الحليم وهو في السجن، ليلهب حماس العرب:

دع سمائي فسمائي محرقة

دع قنالي فمياهي مغرقة

واحذر الأرض فأرضي صاعقة

هذه أرضي أنا وأبي ضحّى هنا

وأبي قال لنا مزقوا أعدائنا

من ينسى: (حأضرب لآخر نقطة بدمي

زي أبويا ما قالها لعمي)!؟

منذ بداية أزمة السوريين، أدت صحافة الأحزاب الوطنية دوراً هاماً في توضيح الحقائق، ومجابهة مساعي التحالف المعادي لسورية لأخذ سورية من الداخل، وكان لهذا الدور الأثر البارز في تجميع كلمة السوريين في مواجهة التدخل الأجنبي، ودعم الإصلاحات السياسية والاجتماعية.. ثم في شحذ همِم من تعزّ عليهم سورية، لمواجهة الغزو الإرهابي الذي دعمته الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها الخليجيون والأتراك، لهدم كيان الدولة السورية ومؤسساتها وتفتيتها أرضاً ومجتمعاً، رغم بعض السلبيات التي ظهرت في سياق أداء رسالتها.

ما لنا اليوم نهمل تشجيع الأصوات الوطنية ودعمها، في وقت تنشط فيه (الطوابير) الخامسة.. والعاشرة لزرع اليأس في نفوس السوريين؟!

ليس غريباً أن تُبرز وسائل الإعلام الرسمية في كل يوم مقالات السياسيين ورجال الفكر والإعلاميين المعادين للغزو الإرهابي لبلادنا في الدول العربية والأجنبية وآراءهم ومواقفهم، وتُعد ذلك دعماً لمواقف الحكومة السورية، وفي الوقت نفسه نعمد إلى إحراج صحافة الأحزاب الوطنية، وفق مبدأ (الأوليات)! علماً بأن هذه الصحف الوطنية كانت ومازالت تؤكد مبدأ الأوليات في السياسة والاقتصاد.. لكننا لم نكن نعلم حتى اليوم أن تشجيع الأصوات الوطنية أصبح غير ضروري وخارج سلم الأوليات!

سورية الشعب والجيش تواجه خطراً بحجم حرب كونية، وغزواً مدعوماً من جميع مراكز الإمبريالية الأمريكية والحلفاء النفطيين.. والأردوغانيين، السياسية والمالية والاقتصادية والإعلامية.. وهذا ما يجعل إعلاء شأن الصحافة الوطنية مهمة وطنية من الدرجة الأولى.

الأمل معقود على المساندة الحكومية لصحف الأحزاب الوطنية السورية، وإبرازُها، والمساعدة على انتشارها، وهذا ما نعتقده، هما في جدول أوليات المرحلة الراهنة، تأكيداً لدورها في رصّ صفوف السوريين لمواجهة الغزو، والمساهمة في بناء مستقبل سورية الديمقراطي.. العلماني، عبر الحوار والتوافق بين جميع مكونات شعبنا السياسية والاجتماعية.

العدد 1105 - 01/5/2024