النسوية العربية: رؤية نقدية..النسوية الإسلامية: حركة نسوية جديدة أم استراتيجيا نسائية لنيل الحقوق

نتابع المحور الثالث من الملف الذي نشرته مجلة (المستقبل العربي) في عددها الأخير:

ما انفكَّ الفكر الرافض للحداثة يُصدر بين الحين والآخر توليفات مثيرة للتساؤل، مثل (الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان، الديمقراطية الإسلامية، الاشتراكية الإسلامية) وغيرها من المفاهيم، غير أن ابتداع المفاهيم لم يقتصر على ذلك، إذ وفدت إلى العالم الإسلامي مصطلحات ذات صلة بالإسلام كـ(الإسلاموفوبيا) و(جهاد الجندر).

أما آخر التوليفات فهي (النسوية الإسلامية) التي تُعرف بأنها حركة عابرة للحدود، توثّق الصلة بين جميع المسلمات الساعيات إلى إعادة تعريف هويتهنّ على نحو يعتبرنه تطويعاً أكثر أصالة إلى الحداثة ومتطلبات ديانتهن وثقافتهن (1) وهنَّ متمسكات بحقوقهن، رافضات التضحية بها لفائدة الأصولية المتشددة.

وانضمّت إلى النسوية الإسلامية نساء عشن تجربة الاستعمار والحركات النضالية القومية، فضلاً عن المحجبات وغيرهنّ، مما يجعل من ذلك تنوّعاً متميّزاً في نظر رائدات هذه الحركة.

إنّ المتابع لما تكتبه المنتميات إلى النسوية الإسلامية،  يُدرك أن من بينهن من تُجاهر بانتمائها إلى الحركة، وعلى الرغم من اختلاف التخصص والانتماء الجغرافي لهؤلاء النساء، فإن ما يجمع بينهنّ هو انتماؤهنّ إلى الأجيال التي انتفعت من التعليم، ونما وعيها الحقوقي وإن بدرجات متفاوتة.

أولاً: نشأة المصطلح والإشكاليات التي يُثيرها.

هناك عوامل ساعدت على بروز هذه الحركة، منها اعتبارات سياسية، وأيديولوجية، وثقافية، وهي تختلف باختلاف كل بلد، نذكر منها:

– تعليم النساء ودخولهن سوق العمل، واختراقهن أسوار المعرفة، وخصوصاً المعرفة الدينية.

– انحسار النسوية في عدد من البلدان، فضلاً عن اختلاف الناشطات النسويات وتشتتهن، وتباين التوجهات الإيديولوجية والأهداف المعلنة.

– تنامي الحركات الإسلامية، ونجاحها في استقطاب النساء، والتغلغل في أوساط المجتمع  والمؤسسات، وبروز جيل جديد من الإسلاميات تميّز بجرأته. فقد شددن على أن الإسلام يُفضّل المعايير التي أسستها الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان للمرأة، رغم تشكيكهن في حركة تحرير المرأة، واعتبارها فاشلة في معالجة حقوقها، وتفعيل موقعها في الأسرة والمجتمع.

– شعور المسلمين باحتدام معالم (الصراع الحضاري) بين الغرب والإسلام، وخاصة في البلدان التي يكون فيها المسلمون أقلية.

– رغبة النساء المسلمات الملتزمات التصدي للأصولية المتشددة(خصوصاً بعد نظام طالبان)، عبر حركة نسوية معولمة تُعبّر عن إسلام متسامح يُكرّم المرأة ولا يُهينها. فضلاً عن بروز شعور قوي لدى أولئك النسوة وطليعة من الرجال المسلمين بوجود ظلم وإجحاف شديدَين تتعرض لهما المرأة في ظلّ تلك البُنى الاجتماعية والتاريخية الموروثة (2).

– تقلّص عدد المؤيّدات للنسوية، وصعوبة انتداب عضوات من الأجيال الجديدة، نظراً إلى التشويه الذي لحق بالمصطلح في المجتمعات الإسلامية. فقد عُدّت النسوية مفهوماً أجنبياً غربياً يعمل على تغريب المجتمع، وتغيير البُنى الاجتماعية والثقافية والسياسية، وهي حجة على تدخل النسوية الغربية في المجتمعات الإسلامية من خلال مؤسسات الأمم المتحدة وغيرها، مما رتّب عليه عزل النسوية عن الجمهور.

– لم تعد الجمعيات النسائية غير الحكومية تُمثّل قوة فاعلة في المجتمعات، إذ ظلّت نخبوية ومفتقرة إلى الدعم المادي، ومساندة الجماهير لها، فهي متّهمة بأنها تولي المرجعية الدولية أهمية تفوق المرجعية الدينية، فضلاً عن مراقبة أجهزة الدولة لنشاطاتها، وتضييق الخناق عليها.

– الإحباط الذي لازم بعض ممثلات الحركة النسوية، وممثلات الحركة اليسارية، إثر اتهامهنّ بمعاداة الدين والوطن، والتواطؤ مع الإمبريالية الغربية، وتحوّل بعض النساء من أيديولوجيا إلى أخرى (3).

أما تعريف النسوية الإسلامية (4)  فإنه يُثير صعوبة، بسبب غياب تعريف دقيق وواضح. بالمحصلة هي آلية لتحليل المجتمع والتاريخ، تُستثمر لتغيير الأوضاع المجحفة بحق النساء، كما أنها استراتيجيا إصلاحية تهدف إلى تغيير بُنى المجتمع.

إنّ المتابع للخطاب الذي صيغ حول النسوية الإسلامية يُلاحظ اختلافاً بين الناشطات حول المصطلح، في حين تُلحُّ أُخريات على نسب أعمالهن إلى حركة النسوية الإسلامية. أما الاعتراضات المصاحبة لنشأة مصطلح النسوية الإسلامية، فتَمثّل في رفض النسويات العلمانيات هذا الربط بين النسوية والإسلام لاختلاف السجلّيْن. ولئن سعت الدراسات إلى تأصيل مفهوم النسوية من خلال دمجه في الثقافة الإسلامية، إلاّ أن هذه العملية تفضح اختلاف المرجعيات الفكرية واللاّتجانس بين المصطلحين. فالإسلام معتقد ديني، والنسوية حركة حقوقية مدنية عالمية ترفض إقحام الدين في مجال الحركة النضالي. ولا يأتي الاعتراض من جانب النسويات العلمانيات فحسب، فبعض الناشطات الإسلاميات يرفضن هذه التسمية، لأن النسوية الغربية لا تتلاءم مع الواقع الثقافي والاجتماعي للمجتمعات الإسلامية. هبة رؤوف عزت ترى أن المرأة لم تنل حقوقها التي منحها إياها الإسلام، غير أنها ترفض التسمية، لأن النسوية تُناقض الدين، وتومئ إلى ما يُمثله الغرب من سيطرة واستعمار، لذا تقترح الاستعاضة عن النسوية الإسلامية بالحركة النسائية الإسلامية.

إذن، يُثير مصطلح النسوية الإسلامية مجموعة من الإشكاليات النظرية منها:

– إذا كانت النسوية الغربية قد مرت بمراحل تاريخية لها طروحها، وخصوصياتها، وتفرّعت إلى نسوية ليبرالية، واشتراكية، وراديكالية، وبيئية،  فعن أيّة نسوية نتحدث في العالم العربي؟ هل تُعد النسوية الإسلامية فرعاً جديداً من بين فروع النسوية الغربية؟ وإذا كان المقصود بها تلك التي تخصُّ المسلمات، فهل يعني بروزها تحويلاً لمسارَيْ النسوية الغربية والنسوية العربية لاحقاً؟

– إذا كانت النسوية في الأصل حركة سياسية، ذات أهداف اجتماعية، ثمّ تحوّلت إلى حركة اجتماعية تهدف إلى استقلالية المرأة، وإبراز أهمية دورها في الحياة، والدفاع عن حقوقها، فهل يُعد إضفاء صفة الإسلامية على النسوية تحديداً لمجال عمل هذه الحركة، وتسييجاً لإطارها النظري، حتى تنسجم مع الرؤى السائدة في المجتمعات الإسلامية؟ فللغرب نسويته، وللمجتمعات الإسلامية نسويتها التي تتلاءم مع الخصوصيات والسياق التاريخي الراهن الذي أصبح فيه المدّ الأصولي حقيقة لا لَبْسَ فيها.

– إذا كانت مسلمات المهجر المنتميات إلى النسوية الإسلامية يُدافعن عن حقوقهن في التعبير والتفكير والاعتقاد، وعن مكتسباتهنّ في ظلّ أنظمة أقرّت بمواطنتهنّ، فإلى أيّ مدى سيكون تماهيهنّ مع الخطاب الإسلامي السائد في البلدان العربية؟ ألا يطرح هذا الأمر قضية تعدد الإسلام، واختلاف الإسلام الأوربي أو الأمريكي عن الإسلام العربي؟

ثانياً: الطروح والأهداف المُعلنة:

هناك اختلاف بين الباحثات حول المنظومة التي يُحال عليها، هل هي القرآن فقط، أم القرآن والسنّة، مع الاستفادة من منظومة حقوق الإنسان؟ وعليه فإننا نورد مجموعة الأسس التي يرتكز عليها الإطار النظري للنسوية الإسلامية.

1- رفض الأساس النظري الذي عولجت في إطاره قضية تحرير المرأة. فالمسلمة قادرة على أن تتحرر من دون أن تتماهى مع النموذج الغربي للمرأة.

2- الإيمان بأن التقاليد الأبوية الجاهلية هي المتسببة في تدهور أوضاع النساء، وليس الإسلام، فالإسلام منح المسلمة مجموعة من الحقوق التي حُرمت منها النساء في ديانات ومجتمعات أخرى، وبناءً على ذلك، تأتي أطروحة النسوية الإسلامية رداً على النسوية الغربية الراديكالية.

3- رفض المركزية الذكورية، والاعتقاد بأن الدين قد تشكّل عبر رؤية رجولية. آن لنا أن نفضحها ونبرز التحيّزات الذكورية الكامنة في الخطاب والوعي. فالتمييز الحاصل ضدّ المرأة، هو نتيجة قراءة حرفية وسيئة للنصوص الدينية.

4- العمل على إعادة اكتشاف المرأة لذاتها وفعاليتها، ومساعدتها على صياغة هويتها الخاصة، إذ لا يُعقل أن تتماهى المرأة مع الشخصية الذكورية. إن زيادة وعي المرأة بذاتها، واكتسابها ثقة في قدراتها، وكفاءتها سيمكنانها من اكتساح مجال المعرفة الدينية بطريقة جديّة. وهنا توجّه الانتقادات إلى رجال الدين، وكذلك الداعيات الإسلاميات لأنهنّ رأين أن تحرير المرأة مفهوم غربي، ولم يُنتجن تفسيرات خاصة بهنّ حول قضايا المرأة، وترى أماني صالح أن قضية الاجتهاد تعكس رؤية ثقافية شاملة للحياة، وهي قضية حتمية تفرضها التحوّلات النوعية التي طرأت على واقع المرأة في المجتمع (5).
5- تأكيد أهمية مراجعة الإسلام لتطوير نظرية إسلامية حول تحرير المرأة، هو مشروع لن يتسنىّ تحقيقه إلا بواسطة الاجتهاد، وإعادة تفسير الأصول النصيّة والقيم التقليدية، واستقصاء التاريخ الإسلامي (6). تقول رفعت حسن: (إن القرآن أكثر إنصافاً من شأن النوع، بينما يستمد معظم الأحكام المجحفة بالنساء مصادره من الحديث (7).

6- ضرورة التمييز بين الشريعة، التي هي أصل ثابت، ولها أحكام شرعية منزلة، وقطعية الدلالة، والأحكام الاجتهادية الاستنباطية البشرية المراعية للاعتبارات الاجتماعية المتغيّرة.

7- المطالبة بالحقوق المهدورة للنساء، وتحريرهنّ من أسر الضغوط الاجتماعية البعيدة عن روح الإسلام. ومما لا شكّ فيه أن إنصاف المرأة إسلامياً، والتمسّك بفكرة المساواة الإنسانية والأخلاقية والدينية يحلان محلّ الدعوة إلى المساواة المطلقة بين الجنسين.

8- بعض المنضويات تحت هذه الحركة رأين أن النسوية الإسلامية تمثل سفينة النجاة بالنسبة إلى المأزق الذي يعيشه الفكر الإسلامي. فهي الخطاب البديل، بل إنها تغيير للنسوية ذاتها، من خلال بلورة خطاب نسوي ديني قائم على أسلمة مصطلحات تُستعار من الفكر النسوي، فيغدو الحديث عن أسلمة التمكين، وأسلمة الجندر، وجهاد الجندر. وبذلك لم تعد النسوية الغربية متمركزة على ذاتها، لقد أفضت هذه الحركة إلى تفعيل دور المرأة في مجال المعرفة الدينية، وإقدامها على اقتراح مجموعة من الاجتهادات الخاصة بأحكام النساء، كالشهادة والمهر والقوامة والطاعة والنشوز والولاية (8). وقد عملت الباحثات على استقراء المفاهيم، مستفيدات في ذلك من مقولة الجندر.

أما ردود الفعل تجاه النسوية الإسلامية في الداخل والخارج، فقد جاءت متباينة بين مشجّع ومندّد، على النحو الآتي:

الموقف الأول: هو الرافض للمصطلح منذ بداية طرحه، والساعي إلى توجيه النقد اللاذع للحركة، فهي من منظور بعض الإسلاميين المتشددين علامة على الاغتراب. فالغرب غزا الأمة الإسلامية فكرياً بالنسوية العلمانية، وهاهو ذا اليوم يوفد إلينا النسوية الإسلامية التي لا تخدم الأمة. وبعضهم يتهم الباحثات بالافتقار إلى الكفاءة في دراسة الدين وتفسيره، وبعضهم يناصبها العداء لأنها تهدد مصالحه التي طالما تمتع بها في ظل المجتمع البطريركي. وتعادي النسويةَ الإسلاميةَ فئةٌ من النساء، لأنها تحول دون الاستمتاع بالحماية الذكورية، بسبب الدعوة إلى تغيير الأدوار الجندرية. وتعدّ النسوية الإسلامية بحسب الناشطين الحقوقيين واليساريين مزدوجة المعايير، فهي تستغل الفراغ المسجل في المشهد السياسي الثقافي، بسبب تراجع الفكر العلماني واليسار والليبرالية، لتنتج خطاباً دينياً توفيقياً يذمُّ النسوية الغربية، وفي نفس الوقت يستثمر آلياتها في التحليل، ويظهرها في لبوس ديني. تقول دلال البزري في هذا الصدد: (ورثت النسوية الإسلامية كل مفاعيل اندفاعية النسوية الغربية، لكنها تنكرت لها، وقالت إنه الإسلام (9).

الموقف الثاني: الذي يتسم بالاعتدال، فهو يقرّ بخصوصية هذه الحركة، ووجاهة ما تدعو إليه، وإن كان لا يتفق معها في عدة نقاط، ويرى أنه من الخطأ التسرّع في الحكم عليها قبل إخضاعها للنقد، وليس المهم التمحيص في صحة التسمية، بل النظر في مدى خدمة هذه الحركة لمجتمعنا.

الموقف الثالث: هو الذي رحّب بميلاد هذه الحركة، وتبنى الطروح، وسعى إلى نشرها رائياً أنه لا ضير في التعامل مع المفاهيم الغربية. والنسوية العربية مثلاً ارتبطت منذ البدء بخطابات متعددة، كالخطاب العلماني والوطني والقومي وغيرها من الخطابات. وقد نجحت النسوية الإسلامية في تحويل مبادئ مساواة الجنسين والعدالة بين الجنسين إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع.

يقودنا النظر في الأسس التي قامت عليها حركة النسوية الإسلامية إلى الوقوف عند الملاحظات التالية:

– إن عدم اهتمام أغلب الباحثات بتقديم تعريف دقيق للمصطلح، قد أسهم في ذيوع مصطلحات عديدة تُطلق على هذه الحركة أو تدور في فلكها.

– أدت سعة الإطار الجغرافي للحركة إلى تبيّن خصائص مميّزة لنشأة النسوية الإسلامية بحسب كل بلد.

– تقوم هذه الحركة على مبدأ الانتقائية، فهي تأخذ من النسوية الغربية ما ينسجم مع أهدافها، وتأخذ من الإسلام ما تراه ملائماً، وهو أمر يدفعنا للتساؤل: ألا يُعدّ اللجوء إلى الإسلام توظيفاً؟ ألا يعني هذا الارتباط بالسلف الصالح، والبحث عن النماذج النسائية المشرقة استمراراً للعمل بمبدأ الاتكال والتبعية؟ ثمّ، ألا يُعدُّ اللجوء إلى النسوية توظيفاً نفعياً؟ ألا يُعدّ هذا الطرح التلفيقي التوفيقي علامة دالّة على استشراء حالة الانفصام، وإقبالاً على بعض مكتسبات الحداثة ورفض بعضها الآخر ؟

– تؤمن رائدات هذه الحركة بدور العامل الديني في تقوية دور المرأة الثقافي والاجتماعي، وتمكينها في المجال العام، ويركّز الخطاب المنتج على ضرورة تفعيل دور المرأة المسلمة وخصوصاً المجتهدة، ولكن ألا يؤدي هذا إلى التمييز بين النساء داخل المجتمع الواحد على أساس الدين؟ ألسنا إزاء تمييز بين الدارسات العلميات المسلمات إسلاماً ثقافياً، والباحثات الملتزمات؟ ثمّ، ألا تُعد الحركة نخبوية في خياراتها وأهدافها، مؤثرةً الاهتمام بالنساء العالمات؟

– ألا يؤدي التركيز على أنه لا خلاص للمرأة إلا بالاعتماد على الدين إلى اختزال كينونة المرأة في هويتها الدينية؟ ثم إن تنزيل القضية النسائية في إطار ديني صرف يساير الطرح السائد من أن الإسلام هو الحل، ويجعل المسؤول عن معالجة ما تعانيه النساء هو المؤسسة الدينية، وليس دولة القانون؟ كما أن التركيز على الاجتهاد يُفضي إلى تهميش العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقضايا المتصلة بالجنسانية وغيرها.

– هل تندرج هذه التوليفة الجديدة (الإسلام النسوي أو النسوية الإسلامية) في إطار المواقف الدفاعية: الرد على الغرب الذي استشرت فيه صور نمطية بشأن الإسلام، وبخاصة المسلمات، وكذلك الرد على الإسلام السياسي.

– تزعم النسوية الإسلامية أنها نجحت في لمّ شمل المسلمات، وتكوين شبكة تضامنية، ولكن اللغة المتداولة توحي بوجود معسكرين هما: الكاتبات المسلمات الناطقات باللغة الإنكليزية، والكاتبات باللغة العربية، فإلى أي مدى يقع التنسيق، ويتمّ الاطلاع على الأعمال المتبادلة؟ إذ نجد فرقاً بين ما تطالب به المسلمات في مجتمعات يكون فيها الإسلام دين الأغلبية، وما تطرحه المسلمات المهاجرات من مسائل.

تشير نشأة هذه الحركة وعولمة خطابها إلى اختلاف منظور التعامل مع قضايا النساء من مرحلة تاريخية إلى أخرى، وإلى تعدد الحركات الاجتماعية الإصلاحية. وسواء أكانت النسوية الإسلامية ترفاً فكرياً، أم مغامرة فكرية لم تنضج بعد، فإنها في نظرنا، مظهر دال على تجليات فكر ما بعد الحداثة.

وأمام استشراء ظاهرة التكفير في عدّة بلدان، يغدو الالتفاف حول النسوية الإسلامية مفهوماً، وعقد التحالفات بين العلمانيات والإسلاميات كاشفاً على العنف المسلّط على الناشطات وكيفية مواجهتهنّ للإسلام السياسي وللنسوية الرسمية، نسوية الدولة.

هوامش:

(1)- إيفون يزبك حداد وجون ل. سبوزيتو، محرران، الإسلام والجنوسة والتغيّر الاجتماعي، ترجمة أمل الشرقي (عمان: المكتبة الأهلية 2003) صفحة 13.

(2)- أماني صالح، قضية النوع في القرآن: منظومة الزوجية بين قطبي الجندر والقوامة، المرأة والحضارة، العدد3 أكتوبر/ تشرين الأول 2002 صفحة 17.

(3)- أصبحت صافيناز كاظم الصحفية اليسارية كاتبة إسلامية معادية للنسوية، تنظيم النساء: الجماعات المسائية الرسمية وغير الرسمية في الشرق الأوسط، ترجمة معين الإمام، القاهرة 2001 صفحة 239.

(4)- استعملت ماركو بدران المصطلح سنة 1999.

(5)- صالح، إشكاليات تنازع الهوية عند الباحثات المسلمات في مجال المرأة.

(6)- نور والشطي، تنظيم النساء: الجماعات النسائية الرسمية وغير الرسمية في الشرق الأوسط، صفحة 239.

(7)- معتز الخطيب، النسوية الإسلامية والتحيّزات الذكورية كنموذج تفسيري، الحياة 2005.

(8)- قضية النوع في القرآن: منظومة الزوجية بين قطبي الجندر والقوامة، صفحة 45-51.

(9)- دلال البزري، النسوية الإسلامية في الغرب، الجمل بما حمل، يناير/ كانون الثاني 2007.

أمل قرامي- جامعة منّوبة- تونس

العدد 1102 - 03/4/2024