لقاء الفعاليات الدينية في السويداء

في إطار التحضير للحوار الوطني في محافظة السويداء، عقدت اللجنة الفرعية للحوار مع القيادات السياسية والفعاليات الدينية والاجتماعية والمرجعيات الروحية لقاءً تشاورياً، وأكدت هذه الفعاليات خلال المناقشة الأفكار والرؤى الهادفة إلى حل الأزمة الراهنة بالحوار وفق رؤية شاملة مبنية على الثوابت الوطنية.

 

الحرية هي حرية التفكير والتعبير والمعتقد

أكد سماحة شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين يوسف جربوع، أن لغة الحوار هي لغة العقل والمنطق والأدب والفكر، والحرية هي حرية التعبير والتفكير والمعتقد والقدرة على الاختيار والتميز. وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمسؤولية، وهذا ما أكده فيلسوف الوجودية جان بول سارتر، عندما أكد أن الحرية هي الرابط مع المسؤولية. إذ لا توجد حرية دون وحدة، ومبدأ الوحدة يجب أن يكون بالتنوع.. لأن الوطنية بمفهومنا الحاملة لمنظومة العادات والتقاليد والمآثر الاجتماعية والتاريخية تتمثل بالأبناء، وبالتالي لا يكون وطن حر إذا لم يبنه مواطنون أحرار، يتمتعون بحقوق المواطنة، ويدافعون عن وطنهم، لا لأنهم مواطنون فحسب، بل لأنهم شركاء في خياراته ومكوناته ومؤسساته، فكلما كانت أشكال الخيارات ديمقراطية روعيت التعددية والتنوع، وبالتالي يصبح الوطن أقوى في مواجهة الأعداء.

اليوم تتضح ضرورة للحوار الوطني الواسع القائم على التعددية والتنوع، وأهمية الإصلاح السياسي والاقتصادي وفق ورشة عمل دائمة تتضمن جميع الفعاليات والقطاعات.. نحن سوريون أصحاب ثقافة وموقف، لا تجمعنا لغة الرصاص والقتل والعنف، بل يجمعنا الأدب والفكر والمنطق المتمثلة بالحوار. علينا أن نصلي معاً حينما نسمع أجراس الكنائس وأصوات المآذن، كما بالماضي: الصليب عانق الهلال لطرد الاحتلال التركي والفرنسي، وكما فعل أجدادنا بسد فوهات المدافع بالعمامات، طارحين شعار (الدين لله والوطن للجميع). ومن موقعنا الروحي والديني والإنساني علينا العمل لوقف نزيف الدم لأنه دم سوري، وهم أهلنا وإخوتنا وأبناؤنا، التنوع بالاختلاف يعني أفكاراً متجددة، وهي رؤى تخدم الوطن وتجمع الشمل وتوحد الصف. ولهذا علينا اليوم أن تكون الكلمة الطيبة هي الموقف الوطني والسلاح الأقوى لإنقاذ الوطن من محنته، وذلك بالحوار الوطني.

 

شمول اللقاءات كل الشرائح السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية  

سيادة المطران سابا إسبر، مطران جبل العرب وحوران والقنيطرة للروم الأرثوذوكس، بين أن الوطن هو العائلة الكبيرة التي تضم كل فرد من أبناء الشعب السوري، وأن الحوار هو أساس بناء كل عائلة لذا فإننا ندعم الحوار القادم بين جميع السوريين، ونؤكد ضرورة أن يشارك فيه كل أفراد العائلة السورية. وأن تكون هناك آلية في إجراء اللقاءات التشاورية بحيث تسمح لجميع شرائح المجتمع السوري إيصال صوتها، وأن تشمل اللقاءات كل الشرائح السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والأهلية بما يغني الحوار الوطني ويحقق أهدافه في الوصول إلى تحقيق الأمن والأمان في ربوع الوطن.

 

الحوار يؤسس لبناء سورية الحديثة

وأشار سماحة الشيخ حكمت الهجري، شيخ العقل الأول لطائفة المسلمين الموحدين في سورية، ضرورة الانطلاق والتوجه نحو طاولة الحوار الوطني بين مختلف أطياف المجتمع السوري، باعتبار أن الحوار يؤسس لبناء سورية الحديثة. داعياً جميع أطياف الشعب السوري للمشاركة بنيات صادقة في مؤتمر الحوار الوطني وتأكيد مناخ العيش المشترك في الوطن، والاتفاق على مستقبل سورية على طاولة الحوار، والوقوف ضد أعمال العنف والقتل والتدمير التي يرتكبها أعداء الوطن، والعمل لما فيه خير سورية وتقدمها وازدهارها لتحقيق المستقبل الذي نصبو إليه.

 

لا يمكن وقف نزيف الدم إلا بالحوار

وبين سماحة الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين في سورية، أهمية هذا اللقاء الذي يحمل معاني وأهدافاً سامية يتم به التطلع إلى ما فيه خير الوطن الذي هو فوق كل الاعتبارات. إذ لا يمكن وقف نزيف الدم في سورية إلا بالحوار البنّاء والهادف و تحت سقف الوطن، بما يضمن حماية سورية وبناء سورية الحديثة، إضافة إلى تعزيز دور المرجعيات الدينية والاجتماعية في توجيه أبناء المجتمع نحو الحوار، والدعوة إلى إصلاح ذات البين واجتماع الكلمة، وتوحيد الصف، وإعلاء كلمة الحق.. مشيراً إلى أن سورية كانت ومازالت النموذج المتكامل للإخاء الإسلامي والمسيحي.وبفضل تماسك شعبها ووعيه ولحمته الوطنية كانت أكبر من كل المؤامرات.

 

الوطن إخوة من مختلف الأديان والطوائف

ورأى فضيلة الشيخ محمد النمر، إمام جامع علي بن أبي طالب في السويداء، أنه يتوجب علينا أن نجتمع على المحبة والألفة والصدق مع أنفسنا ومع خالقنا، وأن نعتصم بحبل الله وتأكيد أن الإنسان هو أخ الإنسان، وبأننا بالمحبة ننتصر، وسورية هي الوطن الذي نحبه ونحميه. وبين أننا في الوطن إخوة من مختلف الأديان والطوائف، ونحن يد واحدة ضد كل أعداء سورية. وما علينا في هذه المرحلة إلا الحكمة والموعظة الحسنة والدعوة لخير الوطن وازدهاره.

 

الاحترام المتبادل البعيد عن التشكيك والإقصاء

وبين الشيخ كميل نصر أنه آن الأوان لمراجعة الذات والإدراك أن لا لغة أخرى نواجه بها التحديات والمؤامرات والقتل والتدمير والهدم والتشريد التي تتعرض لها سورية سوى لغة الحوار الوطني الذي يضع الوطن بأمنه واستقراره. إن بديل الحوار هو التوتر السياسي، وخطاب الكراهية والفرقة، والطائفية، والتجزئة، والانقسامات، وربما أكثر من التشتت. وبالحوار يمكن تطابق الآراء والأفكار، في إطار الاحترام المتبادل البعيد عن التشكيك والإقصاء، إذ لابد لنا من جعل الحوار وسيلة بناء لا هدم ودمار، وهذا يوجب علينا الاعتراف بالآخر والتعاون معه حتى ولو كنا على خلاف معه (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة)، إذن علينا بالحوار أولاً ودائماً.

العدد 1105 - 01/5/2024