الذكرى الـ12 لاستشهاد القيادي الفلسطيني أبو علي مصطفى

«عدنا لنقاوم لا لنساوم»!

كلمات قالها القائد وهو يعود إلى أرض فلسطين أواخر أيلول /سبتمبر عام 1999.

(أبو علي مصطفى)

مصطفى علي الزبري

 الولادة 15/5/1938

 الشهادة 27/8/2001

 

إثنا عشر عاماً مضت على رحيل الجسد، لكن الأفكار التي حملها لاتموت، بل تتجذر أكثر في تراب الوطن الذي عشقه، وداخل آلاف الناس الطيبين، فقراء الشعب، ملح الأرض وقطرات الندى، الذين كان شهيدنا، ورفيق حياتهم ومعاناتهم، منهم تعلم العلاقة بين الأرض والإنسان، وكل تلك القيم النبيلة التي لازمته حتى توقف قلبه عن الخفقان، بفعل صواريخ طائرات الموت الصهيوأمريكية.

 

لمحة سريعة مقتضبة

عن حياة الشهيد

ولد أبو علي مصطفى في بلدة عرابة، قضاء جنين عام ،1938 درس المرحلة الأولى في بلدته، ثم انتقل عام 1950 مع بعض أفراد أسرته إلى عمان، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها.

انتسب إلى عضوية حركة القوميين العرب وهو لم يكمل العشرين من عمره، وتعرف مبكراً على القائدين الكبيرين جورج حبش ووديع حداد، بواسطة عضويته في النادي القومي العربي في عمان.

في نهاية عام ،1961 أصبح مسؤول شمال الضفة الغربية في الحركة التي أنشأت فيها منظمتين للحركة (الأولى للعمل الشعبي، والثانية عسكرية سرية).

تعرض لسنوات من الاعتقال، وعرفته أقبية التحقيق وسجن الجفر الصحراوي الأردني، مناضلاً استثنائياً، بصلابته وصموده.

في عام 1965التحق بدورة عسكرية سرية (لتخريج ضباط فدائيين) في مدرسة أنشاص الحربية في مصر، وعاد منها ليتولى تشكيل مجموعات فدائية، وأصبح عضواً في قيادة العمل الخاص في إقليم الحركة الفلسطيني الذي بدأ ببناء الأنوية الأولى للرصد والاستطلاع داخل الوطن المحتل مع بداية ستينيات القرن المنصرم.

في أعقاب حرب حزيران عام 1967 كان مع الدكتور جورج حبش وعدد من الرفاق من أوائل العاملين على التحضير للبدء بمرحلة الكفاح المسلح، وكان أحد المؤسسين لهذه المرحلة التي قامت عليها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

قاد الدوريات الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة والقطاع.

كان ملاحقاً من قوات الاحتلال الصهيوني، واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس.

تولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام ،1971 وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما كان قائدها في أحداث أيلول 1970 وحرب جرش – عجلون في تموز عام 1971.

غادر الأردن سراً إلى لبنان في تموز ،1971 وفي المؤتمر الوطني الثالث للجبهة الشعبية عام 1972 انتخب نائباً للأمين العام، وتولى مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام ،2000 وانتخب في المؤتمر الوطني السادس أميناً عاماً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

شغل عضوية المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام ،1968 وعضو المجلس المركزي الفلسطيني، عضو اللجنة التنفيذية ل م.ت.ف ما بين عام 1987 – 1991.

رجع إلى الضفة في نهاية أيلول /سبتمبر عام 1999.

منذ عودته إلى الداخل، زار العديد من مدن الضفة والقطاع وبلداتهما وقراهما ومخيماتهما، مناضلاً، يحمل هموم أبنائهم ويشاركهم أحلامهم وطموحاتهم، ويتعلم من تجاربهم، ويقدم لهم رؤيته للمهمات الوطنية الراهنة. كما قام بالتواصل مع العديد من قادة وشخصيات النضال القومي التحرري داخل الوطن المحتل منذ عام 1948. كل ذلك النشاط الجماهيري، لم يمنعه من العمل المتواصل لإعادة هيكلة أوضاع الجبهة الشعبية بما يتلاءم مع مهماتها التنظيمية والكفاحية.

قبل عام في 26/8/،2012 وبمناسبة ذكرى استشهاده، كتب غسان شربل مقالة تحت عنوان (رجال يهزمون قبورهم) يحلل رؤية العدو لدوره: (كان أبو علي مصطفى في حساباتهم متهماً بإخفاء نواياه. وكانوا ينظرون إليه، كما ينظرون إلى رجل يشتبه بأنه يهيئ، سراً، عبوة قاتلة، وينتظر موعد زرعها في المكان والزمان الملائمين. وشارون نفسه كان يعرف قصة الرجل، الذي اتهم بأنه محرك الخيوط القاتلة ومحرك (غيفارا غزة) ورفاقه، وقد تولى شارون، شخصياً، في نهاية الستينيات، الإشراف على تصفية هؤلاء، ولم تكن تقديرات الإسرائيليين خاطئة، فأبو علي مصطفى رفض في الواقع إعادة النظر في مساحة خريطة فلسطين، التي كانت هاجسه الدائم، ويوم قرر في ،1999 الذهاب إلى مناطق السلطة، اختار أن ينطلق من الوقائع التي أوجدتها الاتفاقات، لإعادة إشعال الحلم السابق لها. كان شارون يعرف أن رفيق جورج حبش ووديع حداد لن يوقع على سلام منقوص أو يوطن نفسه على التعايش مع المستوطنات، عاد ليزرع النار وليستنهض جيلاً جديداً في الجبهة الشعبية).

بعد ثلاثة أسابيع، جاء رد أبناء ذلك الجيل على جريمة اغتيال أبي علي. حمل يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر نبأ إعدام أحد قادة المستعمرين الصهاينة رحبعام زئيفي وزير السياحة في حكومة الغزو والاحتلال، وأبرز دعاة طرد العرب الفلسطينيين من وطنهم.

في حضرة الغائب/ الحاضر، المقيم فينا، بكل روحه الثورية، ونُبل أخلاقه، وعفة يده ولسانه، نتذكر تلك النماذج المضيئة في تاريخنا الكفاحي (جورج حبش ووديع حداد وغسان كنفاني وأحمد اليماني وغيفارا غزة) والمئات من أولئك الرجال والنساء، الذين تحولوا إلى أيقونات خالدة في حياتنا، في حياة الجيل الجديد الذي يحمل تلك القيم والروح، في صفوف الحركة الوطنية والقومية والأممية التي وهب راحلنا الكبير حياته لها، يبقى الأمل.

العدد 1105 - 01/5/2024