استراتيجية إعادة الإعمار… التنمية الاقتصادية حتى 2025

يخسر الفلاح كل عام جزءاً من رأسماله الخاص. وظل الفلاحون أقرب إلى الفقراء المعدمين بهامش ربح ضئيل جداً أحياناً. هجّرت السياسة الزراعية برفع أسعار المشتقات النفطية مئات الآلاف من الأرياف نزحوا إلى المدن الكبيرة مثل دمشق حلب، ثم (هجّر بعضهم إلى السويد وغيرها من الدول الأوربية، بشكل خاص من المحافظات الشرقية، فتراجع الأمن الغذائي عاماً بعد عام. ثم جاءت حرب الاستنزاف لتدمر ما عجزت عنه العناصر السابقة. أصبحت معاناة الفلاحين كارثية، كذلك معاناة الكادحين من عامة الشعب، فأصيب الاقتصاد بمرض (التضخم الجامح)، فارتفعت الأسعار ارتفاعاً جنونياً لم يسبق له مثيل تحت ذرائع شتى،أولها (خوّات) المسلحين أو رموز الفساد، ارتفاع كلفة الشحن، ارتفاع سعر الدولار (حرية التسعير)، التي وضعتها السياسة الاقتصادية سيفاً بيد التجار في وجه الجمهور! يخالفه التموين يخالف التاجر فقط، إذا لم يتكرم بإعلان السعر على بضاعته! كم بلغ عدد الناس الذين ماتوا جوعاً؟ كم بلغ عدد الأطفال مذ تشكلوا في رحم الأم حتى السنة الخامسة من العمر ،الذين أصبوا بمرض (التقزم) وكم نسبتهم من إجمالي عدد الأطفال في القطر؟ بلغ عدد السكان عام 2000 نحو 17 مليون نسمة، من المنتظر أن يتضاعفوا، ليصبحوا نحو 35 مليون نسمة عام 2025. المطلوب توفير فرص عمل للوافدين الجدد، زيادة الإنتاج الزراعي بأكثر من 150 %، لتحقيق الأمن الغذائي لـ 35 مليون نسمة، رفع وسطي حصة الفرد من المواد الغذائية ليماشي مثيله في الدول المتطورة اقتصادياً، تحقيق مخزون احتياطي وفير وفائض كبير للتصدير في منتجات محددة، انطلاقاً من اتفاقيات مع الدول المعنية مثل روسيا الصين البرازيل إيران فيتنام فنزويلا وباقي الأقطار العربية وغيرها نوعاً وجودة وسعراً، ريثما يثبت قطاع الصناعة التحويلية الجديد أقدامه ويكون منافساً في الأسواق الدولية في سلع محددة انطلاقاً من استراتيجية التنمية الصناعية حتى 2025 .

المطلوب من استراتيجية التنمية الزراعية حتى 2025 ما يلي:

– تحقيق الأمن الغذائي من منتجات نباتية حيوانية لـ 35 مليون نسمة.

 – مخزون استراتيجي وفير فائض للتصدير في سلع محددة، انطلاقاً من اتفاقيات مع الدول الصديقة المعنية مثل الصين الهند روسيا البرازيل فيتنام إيران فنزويلا باقي الأقطار العربية غيرها من الدول النامية، مما يتطلب زيادة مساحة الأراضي الزراعية من نحو 5 ملايين هكتار عام 2000، إلى قرابة 10 ملايين هكتار.

 – رفع الإنتاجية باعتماد الطرق الزراعية الحديثة.

 – جعل 4 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية مروية، ريثما يتطور قطاع الصناعة التحويلية الجديد بحيث يصبح قادراً على التصدير بوفرة، مع مراعاة الجودة المتفق عليها مع الدول الصديقة باقي الأقطار العربية غيرها من الدول النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية

 – استصلاح 3 ملايين هكتار لزراعة الحبوب: قمح، شعير، بقول، خضار، فواكه.

 – استصلاح 2 مليون هكتار لزراعة واحات النخيل، حيث تزرع في الطابق العلوي بالأشجار المثمرة الملائمة في الطابق السفلي بالأعلاف، الخضار، وغيرها.

 – زراعة 3 ملايين هكتار بالغابات بالأشجار الملائمة للبيئة مثل اللذاب في جبال القلمون والمناطق الصخرية الملائمة، لأنه من أفضل الأشجار في تنقية الهواء، وخشبه من أجود أنواع الخشب. البطم الأطلسي في البادية، السنديان والبلوط والخرنوب والزعرور بأنواعه الكثيرة، العناب، العذر، القطلب، الكستناء، الغار، الصبار مصدّات للرياح أيضاً وغيره، لتصبح حصة الغابات من إجمالي مساحة القطر أكثر من 16%، وترفع هذه الحصة إلى أكثر من 30% كما كانت قبل قرن نيف. بذلك يتوقف زحف الصحراء ويجري تثبيت التربة وحمايتها من الانجراف بسبب الأحوال الجوية من رياح أمطار، وحجز الغبار (الطوز) في المناطق الشرقية الشمالية، الذي يسبب الكثير من الأمراض للعيون وجهاز التنفس، فتتحسن جودة الحياة تحسناً مستداماً.

 – توفير فرص عمل جديدة في الأراضي الزراعية الجديدة لقرابة 2 مليون مشتغل بشكل دائم، ونصف مليون مشتغل يعمل بشكل رئيسي في القطاع الزراعي موسمياً، وفي القطاع الصناعي نصف مليون مشتغل بشكل ثانوي في القطاع الزراعي ورئيسي في القطاع الصناعي مع الاحتفاظ بسكنه في قريته.

 – توفير 20 مليار م3 من مياه الري الإضافية اعتماداً على (قطاف مياه الأمطار) تحليه مياه البحر.

 – رفع دخل الفلاحين باعتماد أسعار أعلى من كلفة المزرعة بهامش أرباح مجزٍ.

 يتولى القطاع العام ملكية (أسواق الهال) فيتسوق منتجات الفلاحين مقابل عمولة رمزية صغيرة، تخلص الفلاحين من شرائح التجار، الذين يستولون على أرباح فاحشة دون حق، كي تصبح الزراعة مجزية للفلاح تشده إلى البقاء في الأرض تحقق له فائضاً جيداً يتيح له حياة كريمة تسمح له بتطوير وسائل إنتاجه عاماً بعد عام، واستثمار حصة من أرباحه كل عام وتحدد لها أسعاراً مقبولة للمستهلكين. فنحرر الفلاحين المنتجين والمستهلكين من عامة الشعب من جشع التجار في آن واحد.

– تقدم القروض البعيدة المدى والمتوسطة المدى للفلاحين بفوائد صغيرة رمزية (نحو 1%).

– يتولى القطاع العام جمع السلع المعدة للمخزون الاستراتيجي للتصدير، يوضبها ويغلفها تبعاً لاتفاقيات مع الدول المعنية.

– توفير مشتقات الطاقة والأسمدة والبذار بأسعار مدعومة.

– تشييد 200 قرية جديدة تضم كل منها 2000 وحدة سكنية لـ 14000 نسمة في الأراضي المستصلحة.

– إنشاء جمعيات تعاونية للمعدات والآلات الزراعية من جرّارات وحصّادات وشاحنات لنقل المحاصيل والفواكه والخضار إلى الأسواق.

– إنشاء جمعيات تعاونية لقطاف الزيتون والفستق الحلبي وغيره.

– تشييد مستودعات لتخزين الخضار والفواكه وتوضيبها.

– التخطيط لتحقيق الأمن الغذائي من قمح وشعير وحمّص وعدس وفول وزيتون وزيت زيتون ولحوم حمراء ولحوم بيضاء وبيض وألبان وأجبان وأعلاف وخضار وفواكه.

– إدخال زراعات جديدة مثل الشاي والقهوة وغيرها، بعد (التأكد من ملاءمة المناخ).

– تشاد صناعة وسائل الإنتاج للقطاع الزراعي وتدرج في استراتيجية التنمية الصناعية.

– تشاد الصناعات الضرورية للقطاع الزراعي، مثل الأسمدة بأنواعها والمبيدات والأدوية البيطرية وغيرها وتدرج في استراتيجية التنمية الصناعية.

– تشاد مراكز بحثية متخصصة بالنخيل، البطم الأطلسي في تدمر، اللذاب في القلمون.

– تشاد الصناعات التي تعتمد على القطاع الزراعي ويتم تطويرها مثل:

– صناعة الأخشاب من تمز الزيتون وأعواد القطن.

– معاصر الزيتون تعبئ الزيوت في عبوات زجاجية جاهزة للمستهلك وللتصدير، تبعاً للاتفاق مع الدول المعنية.

– صناعة الشوكولا باستخدام مركبات الخرنوب، اعتماداً على براءة اختراع حصلت عليها باحثة سورية في جامعة اللاذقية.

– صناعة المربيات (قمر الدين والدبس من الرمان والتمور والرمان).

– صناعة تجفيف الفواكه.

– صناعة (التين الهبول) بطريقة عصرية وإعداده غذاء للأطفال، خاصة في المدارس، وللتصدير.

– تخمير بعض المخلفات الزراعية لتحويلها إلى سماد طبيعي (تورف).

– استخدام المخلفات الزراعية في صناعة البناء المسبق الصنع.

– صناعة عبوات لنقل الخضار والفواكه والبيض وغيره من سلال وسحاحير مصنوعة من سعف النخيل مثلاً وغيره من المخلفات الزراعية، حفاظاً على سلامة الغذاء ولتخفيض الكلفة وعبوات ملائمة للحليب من الزجاج وللألبان بعيداً عن البلاستيك، حفاظاً على البيئة.

– صناعة تدخين اللحوم والأسماك العريقة عند العرب التي أهملت مثل كثير من المعارف والتقنيات، للاستهلاك المحلي وللتصدير.

– تطوير الثروة الحيوانية من إبل وأغنام وأبقار كما يلي:

* التركيز على الإبل حتى يصل عددها إلى 1 مليون رأس،لإنتاج مليون طن من اللحوم ومليون طن من الحليب.

* الأبقار ليصل عددها إلى 6 ملايين رأس، منها مليونا بقرة حلوب، لتنتج 6 ملايين طن حليب 7,0 مليون طن لحوم.

* الأغنام 30 مليون رأس، لتنتج 1 مليون طن لحوم، و6 ملايين طن حليب.

* الماعز الشامي5 ملايين رأس.

–  تشاد مصانع قطاع عام للألبان والأجبان في مواقع مختارة بين القرى، التي تتولى إحضار الحليب من المزارع وتعقيمه وتعبئته وتصنيع الألبان والأجبان وتسويقها.

– تتولى الجهات المعنية بوزارة الزراعة توفير المشاتل والبذار.

خاتمة

 للقطاع الزراعي أهمية قصوى وأولوية في المراحل الأولى للنهضة الاقتصادية. تستمر هذه الأهمية للحفاظ على الأمن الغذائي وتأخذ قطاعات اقتصادية أخرى مركز الصدارة على التوالي، مثل الصناعة التحويلية. ينبغي الانطلاق من فلسفة (اقتصاد الحرب) ربما لعقود،حتى ننجز نهضتنا الاقتصادية، لا خيار لنا في ذلك. علينا أن نقاتل بيد ونبني بيد دوماً. ولن نحقق الأمن الإستراتيجي والرفاه الاقتصادي قبل أن ننجز الوحدة العربية والنهضة الاقتصادية. تظل الحلول القطرية مهددة حتى ذلك الحين. كانت الصين عندما استقلت عام 1949 دولة نامية، أصبحت الآن دولة عظمى ومن المنتظر أن تتبوأ المركز الأول اقتصادياً في العالم خلال أقل من عقد من الزمن، متجاوزة الولايات المتحدة.

 ستتلو حلقات أخرى حول القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل المياه، الطاقة، النقل الصناعة التحويلية، وغيرها.

العدد 1140 - 22/01/2025