حول أهمية المؤتمر الثاني عشر للحزب

على أبواب المؤتمر الثاني عشر للحزب الشيوعي السوري الموحد

 يأتي موعد المؤتمر الثاني عشر للحزب في ظروف دامية يمر بها الوطن، هذه الظروف التي ندرك نحن الشيوعيين أكثر من غيرنا أنها تبدّيات أزمة بنيوية مستحكمة للنظام الإمبريالي العالمي يريد أن يحلها على حساب شعوبنا وثرواتنا. نعم، نحن ندرك أكثر من غيرنا أن الإمبريالية المتوحشة تريد تدمير دول المنطقة وتفكيك جيوشها الوطنية وتمزيق نسيجها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وأن الشعارات التي ترفعها أدواتها من قوى التكفير الإرهابي والرجعية العربية ما هي إلا ذر الرماد في العيون لتخفي أهدافها الحقيقية.

نحن الشيوعيين نرى الآن بعين اليقين أن ما قاله ماركس ولينين حول النظام الرأسمالي والإمبريالي العالمي لم يكن مجرد دراسات نظرية فوق الواقع الموضوعي، لقد أعادت أزمة النظام الإمبريالي العالمي الاعتبار للفكر الماركسي، لأنه الفكر التقدمي الوحيد الذي حلل هذا النظام وتوقع تطوراته وأزماته.لقد انتهج حزبنا طيلة هذه السنوات الدامية للمأساة السورية سياسة وطنية تدعم موقف الدولة السورية وجيشها الوطني في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادة دولتها وتحريرها من قوى الظلام العميلة، ويأتي المؤتمر الثاني عشر ليؤكد أهمية هذه السياسة وليقرّها نهجاً ثابتاً للحزب.

هذا المؤتمر هو مؤتمر التحدي، تحدي النظام الإمبريالي العالمي وأدواته التكفيرية والقوى الرجعية العربية وإسرائيل، من جهة، وتحدي قوى الفساد الداخلي من جهة أخرى، التي تلعب دوراً سلبياً سيئاً في صمود الشعب السوري، مفضلةً مصالحها على مصالحه في ظروف بالغة القسوة هزت ضمير العالم.

لكن رغم قسوة الظروف صمد جيشنا الباسل واستطاع، بمعونة أصدقاء سورية وحلفائها الشرفاء، أن يواجه هذا الهجوم الإمبريالي الإجرامي، وصمد من ورائه هذا الشعب العظيم الذي رغم جراحه وآلامه بقي واقفاً مع دولته وجيشه، والذي لولاه لسقطت سورية منذ الأشهر الأولى كما كان يتمنى أعداؤها، وهذا ما كانوا يتوقعونه وبنوا حساباتهم عليه، وكانت المفاجأة.. سورية لم تسقط! لقد استطاع هذا البلد الصغير وهذا الشعب المميز بمعونة أصدقائه أن يواجه النظام الإمبريالي العالمي، ورغم الخسائر الجسيمة والدمار الهائل وعشرات آلاف الشهداء استطاع أن يصمد في وجه إعلام شديد التطور وأجهزة مخابرات ذات حرفية عالية، وقوى تكفيرية متوحشة، ورجعية عميلة لا ضمير لها، ولم يكن كل ذلك بالقليل.

نحن نتطلع أن يكون هذا المؤتمر للحزب مهرجاناً وطنياً يدعم ويعزز صمود سورية وقيادتها وجيشها الباسل من جهة، ويشجب ويعري قوى الفساد وقوى التكفير التي تنال من هذا الصمود من جهة ثانية.

لقد وقف حزبنا ضد التوجهات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات المتعاقبة من قبل المأساة السورية وخلالها، وخاصةً فيما يتعلق باستمرار النهج الليبرالي ورفع الدعم، وأكد ضرورة تدخّل الدولة في التجارة الداخلية والخارجية وضبط الأسواق ومكافحة التهريب والفساد والتهرب الضريبي، وألا تكون حلول المشاكل الاقتصادية على حساب المواطن العادي الذي تآكل دخله بفعل ارتفاع الأسعار الجنوني، أو الذي فقد عمله وبقي دون دخل على الإطلاق، وأكد أهمية إعادة إحياء المناطق الصناعية في المناطق المحررة وضرورة تقديم المساعدات الممكنة للصناعيين لتعينهم على إعادة تشغيل معاملهم.

إن دعم المواطن الذي تضرر من الحرب هو واجب على الدولة مهما كان توجهها الاقتصادي، وكم من الدول الرأسمالية قدمت لشعوبها أيام الحروب المساعدات اللازمة التي دفعت عن مواطنيها العوز والحاجة وأمنت لهم الحد الأدنى من الحياة حتى لا يضطر مواطنوها إلى البحث عن ذلك خارجها، فهذا له علاقة بسلامة كيان هذه الدولة واستراتيجية الأمن لحاضرها ومستقبلها، فتبقى الشعوب هي قوة العمل الرئيسة في الحرب والسلم ولولاها لعجزت الدول عن المواجهة أثناء الحرب أو عن إعادة الإعمار بعد الحرب. نأمل أن يكون مؤتمرنا مناسبة لإيصال مواقفنا الاجتماعية والاقتصادية المختلفة إلى الجهات المعنية عساها تأخذها بعين الاعتبار قبل استفحال مشكلة الهجرة بشكل لا ينفع معه إصلاح.

كما يجب أن يكون المؤتمر تقوية للشروط الذاتية للحزب وتعزيزاً لوحدته ورص بنيته التنظيمية ليستطيع تحويل سياسته الوطنية إلى قوة فاعلة في المجتمع السوري وبين قواه السياسية، نحن نتطلع أن يصبح حزبنا قبلة الوطنيين الشرفاء، ومنارةً للفكر التقدمي الوطني، ومنبراً لفضح الفكر التكفيري، منبراً للدفاع عن حلم السوريين بدولة علمانية ديمقراطية وطنية معادية للإمبريالية الاستعمارية العالمية، يتساوى فيها الجميع أمام القانون، وتعددية سياسية تسمح بتداول سلمي للسلطة ضمن شروط العداء للإمبريالية، دولة مدنية يتحقق فيها فصل السلطات، وينعم فيها الجميع بفرص متساوية في العمل والحياة، نتطلع أن يزيد التنسيق بين قوى اليسار الوطني الفاعلة على الساحة السورية وأن تتطور العلاقة معها إلى التعاون والمواقف المشتركة، فالشيوعيون واليساريون مستهدفون من قوى التكفير والفساد بغض النظر عن انتمائهم الحزبي، لذا عليهم أن يواجهوه معاً ليكونوا أقوى وليصبح صوتهم أعلى وأكثر تأثيراً.

سيأتي المندوبون إلى المؤتمر رافعين شعار الحزب: (السلاح بيد والحل السياسي باليد الأخرى)، مؤكدين صحة سياسة الحزب في الدفاع عن الوطن من جهة، وعن ضرورة الحل السياسي الذي يحقن دماء السوريين ويصون حلمهم بوطن حر مستقل سعيد من جهة أخرى.

فإلى المؤتمر الثاني عشر كتفاً بكتف ويداً بيد لحماية سورية ورفعتها وسؤددها وسيادتها.

العدد 1104 - 24/4/2024