المؤتمر الـ12 للحزب تطلعات وآمال

 انتهت أعمال المؤتمر الـ12 لحزبنا الشيوعي السوري الموحد صباح 30/10/،2015 بعد أن أنجز المؤتمرون مناقشة مشاريع التقارير السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والتنظيمية ونشاط الحزب بين مؤتمرين وإقرارها، وإدخال بعض التعديلات على النظام الداخلي، كما أنجز المؤتمر انتخاب لجنة مركزية جديدة مؤلفة من 75 رفيقاً ورفيقة، عقدت اجتماعها الأول وانتخبت رئيساً لها وهيئة رئاسة ومكتباً سياسياً وأميناً عاماً للحزب.. كما انتخب المؤتمر لجنة رقابة وتفتيش مؤلفة من 11 رفيقاً اجتمعت أيضاً وانتخبت رئيساً لها ومكتباً لتسيير أعمالها اليومية.

في الظروف الاستثنائية الصعبة التي تمر بالبلاد، لم يكن الهاجس الأساسي للحزب أن يتعامل مع المؤتمر كاستحقاق شرعي تفرضه مبادئ المركزية الديمقراطية فحسب، بل كضرورة وطنية بالدرجة الأولى، ذلك أن الحزب لم ينظر إلى الأحداث منذ بدايتها عام 2011 حتى الآن، إلا أنها معركة ضد الإرهاب التكفيري – الاستعماري وضد الهيمنة الإمبريالية على المنطقة التي استعملت الإرهابيين ومنظماتهم أدوات بشرية لتنفيذ مخططاتهم. إنها معركة ثقافية وفكرية، في مواجهة الفكر الظلامي الأسود الذي يريد ن يُحلّ محلّ الوعي الوطني والطبقي وعياً زائفاً ومشوهاً وخارج التاريخ.

وهي معركة اجتماعية بالجوهر، إذ تخوض الشعوب في بلداننا النامية معركة التخلص من الهيمنة والسطو الغربي على ثرواتها، ومن الطبقات الطفيلية التابعة، بينما (تخترع) الإمبريالية أدوات جديدة باستمرار لكي تحيد الشعوب عن طريق نضالها الاجتماعي، ووضع أهداف أخرى بديلة لا علاقة لها بمسألة التقدم الاجتماعي.

لقد انفضحت كل الذرائع والتبريرات لهذا العدوان الإمبريالي المنفذ بأياد إرهابية، والذي ارتكب أفظع جرائم الإبادة بحق شعبنا السوري، ومما يؤسف له وقوع بعض الأقلام التي كانت محسوبة على اليسار في شِرك تبريرات لم تصمد طويلاً أمام وهج الحقيقة.

لقد وجد حزبنا منذ بدايات الأزمة أن الحلقة الأساسية في نضال جميع الشرفاء الآن هي إحباط المخطط التدميري لسورية، الأمر الذي لعب فيه صمود الجيش العربي السوري وبسالته والمعونة العسكرية الروسية دوراً كبيراً في تغيير موازين القوى، وأُفسح المجال أمام حدوث تقدم في مسار الحلول السياسية للأزمة.

لقد دعونا منذ البداية إلى التلازم بين المعركتين العسكرية والسياسية، لتهيئة الظروف للوصول إلى حل سلمي، مؤكدين أن أي حل من هذا النوع يجب أن يضمن وقف نزيف الدم السوري، وإخراج الغزاة المرتزقة من الأراضي السورية، وإلقاء السلاح من قبل الذين يقاتلون الدولة، والحفاظ على سيادة الوطن ووحدة أراضيه.

كما نظرنا إلى مسألة الإصلاحات السياسية والاجتماعية بوصفها إحدى أدوات الصمود ومقوماته، فلم يعد من الممكن تجاهل المطالبة بتغييرات ديمقراطية تدفع بالوطن إلى رحاب التعددية والحريات العامة واحترام الدستور والقوانين.. كما لم يعد ممكناً تجاهل المطالبة الشعبية الواسعة النطاق بالسيطرة على الأسواق وإطفاء لهيب الأسعار وإزالة الحيف عن مصالح الجماهير، وبناء اقتصاد وطني مستقل بقيادة الدولة، ودعم القطاع العام الذي ثبت أنه لولاه لما تمكنت الدولة من التماسك.

على هدى هذه الاتجاهات الثلاثة: الوطنية، والاقتصادية الاجتماعية والفكرية، سار الحزب طيلة الخمس سنوات الماضية.

لقد أصبحت هذه التوجهات السياسية قراراً جماعياً صادراً عن أعلى هيئة في الحزب التي هي المؤتمر العام.. كما أن النضال ضد الاحتكار والفساد وضد سارقي قوت الشعب، وفي سبيل تحسين معيشة الشعب، قد تكرس بوصفه جوهر أهداف الحزب ومبادئه.

لقد كان انعقاد مؤتمر الحزب في هذه الظروف غير الطبيعية امتحاناً كبيراً للحزب، وتحدياً كبيراً له، في حين تردد البعض في إعطاء حكم مسبق على مدى نجاحه.. ولكن ها قد أثبت الواقع صحة تقديراتنا رغم كل الصعوبات التي واجهتنا.

لقد خرج حزبنا من المؤتمر أكثر وحدة وأكثر وضوحاً وأكثر تصميماً على متابعة مهماته في سبيل حرية الوطن وحرية المواطن ولقمة عيشه.. وخاض أقسى المعارك في سبيل تحقيقها، والحزب الذي تجاوز العديد من المحن منذ تأسيسه عام ،1924 يجدد عزمه اليوم على مواصلة طريق قادته وكوادره الأوائل الذين رحلوا وهم يحلمون بوطن حر وشعب سعيد.

العدد 1107 - 22/5/2024