صور من معاناة المخطوفين في معتقلات الإرهابيين

 اجتاحت الجماعات الإرهابية مدينة عدرا العمالية في كانون الأول عام 2013 المشؤوم، وبدأت مأساتنا أنا وأختي في اليوم الثاني، ففي 12/12/2013 أخذونا من بيتنا وساقونا إلى المخفر في عدرا العمالية، عند الساعة العاشرة صباحاً، بتهمة أننا من طائفة مختلفة عنهم، وعند الساعة الثامنة مساء، أصبحنا سبع نساء،
ثم جرى نقلنا بميكرو إلى منطقة التوسّع في عدرا العمالية، وكان في الميكرو ثلاثة مسلحين (تونسي، وليبي، وأردني). قال لنا الأردني: (أنا جيت من الأردن عشان النحر- أي الذبح)! وكان معنا أيضاً شباب من العمالية مخطوفين، كنا مكبلين بقيود بلاستيكية،
عند (التوسع) أنزلونا من الميكرو وبدأت رحلة عذاب مُرّة، واقتادونا مشياً على الأقدام حتى وصلنا الساعة 3 صباحاً إلى دوما، ووضعونا في مزرعة وكان الطريق صعباً وقاسياً، وكانت إحدى المخطوفات تمشي حافية القدمين من بيتها إلى المخفر..
كانت ليلة سوداء ذقنا فيها قسوة الثلج الذي نزل فوق رؤوسنا، وبقينا في المزرعة يومين قاسينا البرد والزمهرير والجوع، ثم نُقلنا إلى سجن آخر يدعى سجن الباطون، فيه يجري التحقيق، وهولا يقل عن سجن أبو غريب وحشية، بقينا ستة أشهر ولكن بعد وصولنا بيومين ألحقوا بنا 65 مخطوفاً بينهم 18 امرأة وطفلان.

بعد شهرين (بتاريخ 20 شباط 2014) قسموا الغنائم وفرقوا العائلات، أخذوا أختي وبعض المخطوفين والمخطوفات إلى الاتحاد الإسلامي..
كنا يومياً ننام ونصحو على أصوات التعذيب للأسرى، قتل وصلب وترفيس بالأقدام والجلد بكل أنواع الأنابيب (عصا، كبل رباعي) لانتزاع الاعترافات، وصلب بعض الأسرى بالزنازين والمنفردات..
أما الطعام فكان وجبة كل 24 ساعة لا تكفي لطفل صغير.. عدد من اللقيمات، ومرت شهور لا نعرف الخبز، الأكل كان نوعاً واحداً، كل يوم رز، لا خضار ولا فواكه، ستة أشهر لا نرى الشمس، بقينا لمدة شهرين 25 أسيرة في غرفة (3 3 م) ننام ورديات وأغلبنا لا ينام، وأنا أذكر أنني كنت أغفو.

حياة رعب وخوف وتنكيل بالأسرى، لأننا كنا مع الرجال في المكان نفسه، وهو مركز البحوث الزراعية بدوما، وكانت الغرف تحت الأرض.

بتاريخ 13 حزيران 2014 نقلونا إلى سجن آخر هو التوبة.

المرحلة التالية من العذاب هي حالة شبابنا الذين أصبحوا هياكل تمشي على الأرض، أشباح تكاد من ضمورها تطير وتختفي، وذلك من الغربة والعمل المستمر بحفر الأنفاق، وكم من شهيد لقي حتفه تحت الأرض بـ25 متراً. ثلاث سنوات من الأعمال الشاقة تحت الأرض وفوقها.

لقد رأيت أخي وعدداً من الأسرى منذ سنة، عندما جرى وقف إطلاق النار في الغوطة السنة الماضية في 18 شباط 2016 قام جيش الإسلام بخطفهم مع أختي وباقي الأسرى وجلبوهم إلى سجن التوبة في مركز البحوث الزراعية بدوما..
تخيلوا عندما رأيتهم وللحظات لم أعرفهم، وكانت صدمة قاسية لمظهرهم المحزن وهيئتهم الغريبة.. مكثوا أسبوعين ولم يسمحوا لي بمشاهدتهم سوى مرتين، تصوروا أختي في غرفة مع بنت أختي، وأنا في غرفة، وعند الزيارة يجلس معنا مسلحون..
وفي 5 آذار اقتادهم فيلق الرحمن إلى جهة مجهولة وبقوا حتى جرى تحرير النساء والأطفال، وأبقوا على الشباب، فلا فرحة كاملة.. كان التحرير في 10/12/2016 يوم السبت.

 هذه قصة عائلة من آلاف القصص ومثلهم كثيرين.. الرجاء العمل على تحرير مَن بقي من أسرانا، لأنه في كل أسبوع يستشهد اثنان أو ثلاثة، وإذا بقي التعاطي مع هذه القضية بهذا البطء فلن يبقى أحد.

إن فرحتنا غير كاملة ولكن مأساتنا كاملة وأكثر من كاملة.. ماذا تنتظرون؟ إن الزمن ليس بصالحنا إذا تقاعسنا عن تحرير أسرانا لأنهم أمانة بأعناق كل ذي ضمير وشريف على أرضنا الحبيبة.

نحن عانينا على مدى ثلاث سنوات و3 أشهر من الظلم والعدوان والقهر والبؤس وكل ما في الكون من عذاب.. كفى للأمهات وأهالي الأسرى والمفقودين من مرارة الحرمان لفلذات أكبادهن وأزواجهن وأخوتهن.. آن الأوان أن يعود الأطفال إلى بيئتهم الحقيقية.. ماذا ننتظر؟!

أسيرة محررة

العدد 1105 - 01/5/2024