هل ما زالت الدولة في خدمة …

هل ما زالت الدولة في خدمة الشعب؟
#العدد824 #بقلم_إيمان_أحمد_ونوس #جريدة_النور

لا شكّ في أن ما أفرزته حرب السنوات السبع (التي ما زالت مشتعلة في مناطق قليلة) من تبعات نفسية ومادية واجتماعية، يحتاج إلى جهود مُكثّفة من الحكومة كي يتمّ تجاوزه بأقلّ الخسائر وأقلّ زمن. فسورية اليوم تحتاج إلى كل الجهود حتى تلك الضئيلة أو المتواضعة من جانب المواطن الذي يحتاج بالتأكيد إلى دعم الحكومة، كي يبقى صامداً ومعطاءً في هذه المرحلة العصيبة من حياتنا.
جاء في المادة 12 من الدستور السوري ما يلي:

(الدولة في خدمة الشعب وتعمل مؤسساتها على حماية الحقوق الأساسية للمواطنين وتطوير حياتهم، كما تعمل على دعم المنظمات الشعبية لتتمكّن من تطوير نفسها ذاتياً).
ففي ظلّ هذه المادة الدستورية، وفي ظلّ ما تُردّده الحكومة باستمرار على ألسنة وزرائها ومسؤوليها على مختلف المستويات عن إعادة البناء والإعمار، علينا أن نتلمّس صدى الاهتمام الحكومي الجدي والحقيقي بحياة المواطن وكرامته، المواطن الذي صمد طيلة سنوات الحرب بكل ما أوتي من قوة رغم الفقر والقهر الذين ما زالا مُعشّشين في حياته ومعيشته اليومية. علينا أن نتلمّس هذا الصدى بخدمات مختلفة ولو بحدودها الدنيا، تدعم المواطن البائس الذي يسعى أبداً فقط لتحصيل لقمة عيشه بعيداً عن احتياجات أساسية أخرى، وذلك بسبب بقاء الحكومة في حيّز الشعارات فقط دون الاتجاه الجدي والحقيقي لتحسين حياة الناس، إضافة إلى تسلّط الفساد الذي يُفشل كل جهود وإمكانات مهما كانت كبيرة في هذا المضمار.
وانطلاقاً من هذا، على الحكومة أن تعي أمراً أساسياً وهو أن إعادة إعمار البنية التحتية بمختلف مرافقها أسرع وأسهل بكثير من إعادة بناء الإنسان وترميمه، بعد الحرب الوحشية التي عايشناها جميعاً وبكل تفاصيلها المفجعة والمؤلمة. وبناءً عليه، فإن عمل الحكومة وجهدها المُكثّف يجب أن يتجه أولاً لاجتثاث الفساد ورموزه بأسرع ما يمكن، بالتوازي مع إعادة تأهيل المواطن نفسياً قبل أيّ شيء، من أجل أن يكون قادراً على مواكبة الحكومة بإعادة إعمار ما دمّرته الحرب، وذلك باتخاذها قرارات جريئة وسريعة على هذين المستويين (الفساد وترميم نفسية المواطن).
فاجتثاث الفساد ورموزه هو العون الأكبر للحكومة على القيام بمهامها الكبيرة والجسيمة في مرحلة ما بعد الحرب، وما لم يتحقق ذلك، لن تُثمر كل الجهود والإعانات الدولية، ولن تُجدي لا المعارض ولا المؤتمرات الدولية الساعية إلى إعادة بناء سورية أو إعمارها.

العدد 1104 - 24/4/2024