دور المرأة.. وتنظيمها …

دور المرأة.. وتنظيمها
#العدد824 #بقلم_ديمة_حسن #جريدة_النور

كغيرها من الحروب، انعكست الآثار الكارثية للحرب على سورية على جميع السوريين دون استثناء، وإن اختلفت قوة هذه الآثار بين شريحة وأخرى. فبالتأكيد لن تكون تضحية الشريحة المفقرة (الخاسرة الكبرى) كغيرها من الشرائح.
وبناء على ذلك يصعب التنبؤ أو المقارنة بين الخسائر التي تعرض لها الجنسان من ذكور وإناث، بحكم اختلاف شكل التضحية باختلاف القطاعات التي ينخرطون فيها.
ولكن بنظرة سريعة إلى دور المرأة السورية خلال سنوات الأزمة سنرى تحولاً كمياً ونوعياً في المجالات والقطاعات التي دخلتها المرأة، إذ اضطرت إلى الخوض في مجالات عديدة كانت قد أبعدت عنها بسبب طبيعة الإنتاج والعادات والتقاليد السائدة، إذ أدى غياب الرجل في كثير من العائلات ولأسباب يطول ذكرها إلى تحملها لمسؤوليات أكبر، فألقيت على عاتقها المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية، وقد أثبتت السنوات أنها كانت على قدر عال من الكفاءة والالتزام وقدمت تضحيات جمة، ودحضت الافكار التي حاول المجتمع تكريسها لعقود، من عدم القدرة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات، إلى إطلاق الأحكام البالية عليها كنقص العقل والدين وغيرها.
وبالرغم من المحاولات التي تبذل اليوم لإبراز المرأة السورية مشارِكةً فعالةً في العملية السياسية والاقتصادية إلا ان هذه المشاركة لا تزال هزيلة ولا تتعدى المشاركة الشكلية اللونية في كثير من الأحيان للأسف، فلا نجدها في أماكن صنع القرار الحقيقي إلا بنسب ضئيلة جداً.
وكيف لا يحدث ذلك بظل قوانين وتشريعات لا تزال مجحفة ومهينة للمرأة وتنتقص من كرامتها واستقلاليتها، من قانون الأحوال الشخصية والجنسية وغيرها.
إلى أن نصل إلى قضية هامة مرت مرور الكرام كغيرها من القضايا الهامة التي لا تحرك شعرة عند أصحاب القرار، ألا وهي حل الاتحاد النسائي، وماذا كانت الحجج والمبررات؟!
ما هي الأسباب المودية لحل منظمة جماهيرية يفترض بها أن تكون النصير الأقوى لقضايا المرأة وتحررها؟! هل وصلنا إلى مرحلة من المساواة والإنصاف لدرجة تغنينا عن هذا الاتحاد؟!
إن استمرار عمل اتحاد النساء الديمقراطي العالمي وعمل الاتحادات النسائية في معظم دول العالم حتى المتقدمة منها لخير دليل على ضرورة استمرار وجود مثل هذه المنظمات التي تسعى لاستنهاض دورة المرأة في المجتمعات وإضفاء الطابع المنظم على الجهود المبذولة لنيل الحقوق الأساسية للمرأة.
لا يجوز للمرأة السورية اليوم بالاكتفاء بالمكتسبات الحالية، او الفرح بأدوار ثانوية وهمية تعطى لها، مع تهليل وادعاءات بأنها قد حصلت مكانة لم تحصلها الكثير من النساء في العالم.
إن توحيد جهود جميع النساء التقدميات في سورية بات ضرورة ملحة خاصة في المرحلة القادمة التي تقبل عليها سورية، فانتزاع الحقوق أصبح بالأمر الأيسر اليوم انطلاقاً من موقع القوة لا من موقع الضعف، وبالتأكيد فإن مسيرة تحصيل الحقوق لن تثمر دون دعمٍ من الجنس الآخر من التقدميين المناصرين لقضايا التحرر والمساواة الذين سيكونون سنداً وداعماً للمرأة في وجه جميع القوى التي تأبى التغيير.

العدد 1102 - 03/4/2024