طرابلسي: الحل الوحيد للأزمة السورية هو طاولة الحوار السوري السوري
عقد اللقاء الـ 23 للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية في أزمير، بتركيا بين 20 و23 تشرين الأول، ومثّل حزبنا الشيوعي السوري الموحد الرفيق نزار طرابلسي عضو مكتب العلاقات الخارجية.
وننشر فيما يلي كلمة الرفيق طرابلسي في هذا اللقاء:
أيتها الرفيقات.. أيها الرفاق..
اسمحوا لي، باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد، ومكتبها السياسي، وأمينها العام، وكل قواعد الحزب، أن أقدم التحية إلى كل المشاركين ممثلي الأحزاب الشيوعية العالمية في اللقاء الأممي الـ 23 للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، متمنين له النجاح والتوفيق والخروج بقرارات وتوصيات لصالح الحركة الشيوعية وكل الشعوب المناضلة ضد الإمبريالية والنازية والاضطهاد والتطرف والإرهاب والعنف. واسمحوا لي أيضاً أن أتقدم بالشكر إلى الحزب الشيوعي التركي وإلى كل الذين ساهموا في التحضير لأعمال هذا المؤتمر، على دعوتهم لنا واستضافتهم هذا الحدث العظيم، والذي سيؤدي حتماً إلى توطيد وتمتين أواصر العلاقة الرفاقية والأممية بين أحزابنا، وتبادل وجهات النظر والاستفادة من التجارب المتعددة التي مرت وتمر بها أحزابنا وحركتنا الشيوعية العالمية، وتقييم المرحلة الحالية والوضع الدولي وما فيه من مستجدات وأحداث متطورة ومتسارعة حدثت خلال الفترة الواقعة ما بين لقائنا اليوم واللقاء الأخير في كوبا في العام الماضي.
ينعقد مؤتمرنا هذا والكيان الصهيوني يستعرض كل فنون القتل والتدمير والإرهاب بحق الشعب الفلسطيني في غزة، حتى وصلت به درجة الإرهاب والفاشية إلى قصف المستشفيات وقتل الأطفال والنساء والشيوخ تحت سمع ومرأى المجتمع الدولي، وهو يتلقى الدعم الكامل من أمريكا والغرب الإمبريالي وتشجيعه على القتل والدمار وبكل وقاحة وعلنية، وهم شركاء ومسؤولون عن هذا العدوان ونتائجه.. ومن هذا المنبر نثمن عالياً مواقف الأحزاب الشيوعية العالمية بإعلانها التضامن مع الشعب الفلسطيني واستنكار العدوان والقتل والدمار، والمطالبة بوقف العدوان وإدخال المعونات الطبية والغذائية والماء والكهرباء.
أيتها الرفيقات والرفاق
إن بلدنا سورية تعرّض ويتعرض لأكبر هجمة إمبريالية أمريكية غربية وإلى أوضاع سياسية واقتصادية صعبة نتيجة الحر ب الإرهابية التي شنتها عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها وأدواتها خلال 13 عاماً، إضافة إلى حصار اقتصادي جائر تمثل ذروته بقانون قيصر وجملة من العقوبات الاقتصادية الظالمة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها بالحرب الإرهابية التي شنتها على الشعب السوري من اجل إركاعه وفرض الشروط الإسرائيلية والاستسلامية عليه، وبهدف ضرب حركة التحرر الفلسطينية ومقاومتها الباسلة وحركة المقاومة الوطنية اللبنانية، وفرض المخطط الإسرائيلي الصهيوني الأمريكي في المنطقة وتقسيم المنطقة من جديد إلى مستعمرات وكانتونات جديدة، ودويلات صغيرة طائفية وعرقية يسودها الاقتتال الطائفي بين أبناء البلد الواحد وعلى مستوى المنطقة. وتم تدمير البنى التحتية السورية والمرافق الرئيسية من مصانع ومؤسسات ومشافي ومدارس وشبكة المياه والصرف الصحي وغيرها من مقومات الحياة الأساسية. وخلق الفوضى والعنف والإرهاب والتطرف كله تحت ما يسمى بالديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها، ولكن لم يتمكنوا خلال كل هذه السنين من تحقيق مخططاتهم وأهدافهم بفضل صمود الجيش السوري الباسل الذي قدم ولا يزال يقدم الشهداء. وبفضل رعاية وحضانة الشعب السوري البطل الذي صمد وتحمل الصعاب وقساوة الحياة اليومية، مع الدور الكبير والمهم الذي لعبته الدول الصديقة لسورية وعلى رأسها الاتحاد الروسي والصين وإيران، في الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي والدور الكبير في المحافل الدولية ومجلس الأمن والفيتو الذي استخدم عدة مرات لدعم سورية، إضافة إلى دعم المقاومة الوطنية اللبنانية ودعم قوى التحرر والسلام في العالم.
لقد كان لحزبنا دور كبير ومهم في هذه المعارك والمواقف الصعبة بالتضامن مع بقية الأحزاب الوطنية في سورية، وقدّم الشهداء مع الجيش وقوات المقاومة الوطنية الباسلة. وتم إفشال كل المخططات الأمريكية الصهيونية الرامية لتدمير النهج الوطني، ولم يتمكنوا من اخذ التنازلات المطلوبة من سورية، الهادفة إلى توقيع معاهدة استسلام مع العدو الصهيوني، وضرب حركة المقاومة الفلسطينية واللبنانية والسماح للقواعد الأمريكية، وإغراق سورية بالديون ووضعها تحت رحمة الغرب والاحتكارات الرأسمالية والبنك الدولي.
أيتها الرفيقات والرفاق
إن أمريكا والغرب مازالوا يحاولون تركيع شعبنا وبلدنا سورية بحصار اقتصادي ظالم أدى إلى خلق أزمات اقتصادية يومية، وغلاء فاحش في الأسعار وتراجع في قيمة الليرة السورية؛ فمنعوا عنا استيراد النفط والمواد الصناعية والغذائية والأدوية. مع العلم أن خيرات بلدنا من النفط والقمح والشعير والقطن يتم سرقتها من المحتل الأمريكي والتركي الموجودين في الشمال السوري وبيعها في الأسواق المجاورة بالتعاون مع عملاء أمريكا ودواعش الداخل من (قسد) وجند الشام والقاعدة والإرهابيين الموجودين في إدلب والذين لا يزالون يحتلون القسم الغني بالموارد الطبيعية والنفط والغاز في الجزيرة السورية
إن حزبنا وبقية الأحزاب والقوى الوطنية تطالب بإنهاء معاناة الشعب السوري اليومية والمتدهورة برفع الحصار الجائر عن سورية، وإنهاء الاحتلال الأمريكي والتركي للأراضي السورية وتفعيل اتفاقية أضنة لعام 1998 التي تنظم التعامل على الحدود السورية التركية وكيفية حل الخلافات بالطرق والأساليب السلمية واستمرار جولات التفاوض لإنهاء الاحتلال وانسحاب كل الجيوش والقوات الأجنبية من الأراضي السورية، واستمرار الوساطة الروسية الإيرانية لتذليل الصعوبات بين الجانبين التركي والسوري، وطرد الإرهابيين وعناصر القاعدة والتنظيمات الإرهابية من ادلب وبقية المناطق وعودة سلطة الدولة السورية على كامل الأرض السورية وبدء عملية حوار سوري سوري ومتابعة ما تم التوصل إليه في أستانا وتحت رعاية الدول الضامنة روسيا وتركيا وإيران. والاستفادة من المصالحة العربية التي تمت في مؤتمر القمة العربية في السعودية وعودة غالبية العلاقات العربية السورية. والتضامن العربي الذي شهدناه أثناء الكارثة التي حلت بشعبنا السوري نتيجة الزلزال المدمر الذي اجتاح سورية.
رغم الحصار والأزمة الاقتصادية الخانقة، نحن مقتنعون بأن الحل الوحيد للأزمة السورية هو طاولة الحوار السوري السوري، وتوفير الظروف الضرورية والملائمة لعودة شريفة للمهجرين في الداخل والخارج ودول الجوار، ووضع خطة لإعادة الأعمار وخلق فرص جديدة، والاستفادة من كل المساعدات والاستثمارات العربية والمقدمة من الدول الصديقة وتأمين الحاجيات ومستلزمات العيش الضرورية اليومية بأسعار تتناسب مع دخل المواطن العادي والقضاء على الفساد والرشوة، وبناء الدولة العلمانية والمدنية والتي تتسع لكل المواطنين السوريين.
الرفيقات والرفاق..
إن حزبنا الشيوعي السوري الموحد كفصيل من الحركة الشيوعية العالمية يطالب الأحزاب الشيوعية والعمالية الموجودة في هذا المؤتمر بوضع توصية في البيان النهائي تتضمن دعم الشعب السوري في نضاله ضد الإرهاب والحصار الجائر ورفع العقوبات الاقتصادية وإلغاء قانون قيصر الجائر، وطرد المحتلين الأمريكي والتركي والإسرائيلي واحترام القوانين والحدود الدولية.
الرفيقات والرفاق
إن العالم يمر بتطورات متسارعة ومهمة ومرحلة صعبة، فلا تزال أمريكا والغرب تحاول فرض سيطرتها على العالم على أساس القطب الواحد وعدم الاعتراف بالتطورات التي حدثت، فتعاظم الدور الاقتصادي الصيني والروسي ودور دول البريكس وتوسيعها مؤخراً لتضم عشر دول ذات وزن اقتصادي وسياسي في العالم ومنظمة شنغهاي الاقتصادية وتوسيعها. كل هذه الأحلاف والمنظمات السياسية والاقتصادية تلعب دور كبير في نشوب أقطاب متعددة لقيادة هذا العالم ستفرض على أميركا وأوربا وما يدور بفلكها الأمر الواقع والقيمة والتأثير الاقتصادي في الميزان الدولي برغم من عنجهية ومكابرة أمريكا والغرب.
تنتشر في الغرب ظواهر جديدة من النازية والفاشية، بشكل علني وبدعم من بعض الحكومات اليمينية المتطرفة في أوربا، وهذا ما يعيدنا إلى الحرب العالمية الثانية ونتائجها ومعاهداتها من أجل الاستقرار والأمن العالمي والقضاء على الفاشية والنازية وتحريم كل مظاهرها، إلا أن ما نراه في الواقع من انتشار علني لمظاهر نازية في العالم ومحاولات توسيع الناتو وزيادة غطرسته على الشعوب، والمس بسيادة وامن الدول، وما لاحظناه من تمدد لحلف الناتو شرقاً، وضم عدد من دول المعسكر الشرقي إلى الناتو وتعريض امن روسيا للخطر، مما دفعها للقيام بعملية عسكرية لحماية أمنها الوطني.
إن شعوب الاتحاد السوفييتي قدمت لا يقل عن 25 مليون شهيد خلال الحرب الوطنية والتي تم بموجبها القضاء على معاقل النازية والفاشية في العالم، وتمتعت شعوب العالم بالأمن والسلام، ونحن كشيوعيين نقدر ونحترم دماء شهداء الجيش السوفيتي الذي ضحى من أجل أمن واستقرار وإحلال السلام في العالم، سوف نناضل بكل إمكانياتنا لدعم هذا الاستقرار والسلم العالمي، وعدم السماح لمثل هذه الأفكار النازية المدمرة بالظهور.
إن مغامرة أمريكا والغرب بتدمير أوكرانيا وشعبها، وتصريح الرئيس الأمريكي بايدن بأنه (سيقاتل روسيا حتى أخر أوكراني)، مع العلم أن الذي يدفع فاتورة الناتو هذه هو الشعب الأوكراني البريء الذي ليس له أي مصلحة وهدف من هذه الحرب. يجب وقف هذه الحرب والدمار والجلوس إلى طاولة الحوار وترك الشعب الأوكراني يقرر مصيره بنفسه دون التحريض والعنف عليه وتوريطه، لأن السلام هو الحل الوحيد وفعلاً كما يقال: سلام ناقص أفضل من حرب ذهبية.
كلنا شهود على ما بدأ به الناتو من أعمال بلطجة وغطرسة وإرهاب وعنف تحت مسميات أمريكية غربية من نشر الديمقراطية إلى توسيع نفوذ الناتو وتدمير اقتصاد أوربا الشرقية وخصخصته ليصبح تابعاً للاستثمارات الغربية، وما حدث من حروب في هذا المجال من تدمير كامل ليوغسلافيا وتقسيمها إلى دول وتحريض النزعة الطائفية والدينية إلى تدمير ممنهج لأفغانستان والعراق وليبيا وسورية وغيرها تحت مسميات أخرى مثل الربيع العربي، وما نشهده اليوم من غطرسة وعدوان عسكري ضد الشعوب والدول الإفريقية التي قررت إجلاء المستعمر الفرنسي الجديد من البوابة الاقتصادية واستغلال ثرواتها، ورفض التعاون وقطع العلاقة بالكامل مع الغرب، كل هذا دليل على فشل مخططات أمريكا والغرب والبدء بالعد التنازلي رغماً عنهم.
أيتها الرفيقات والرفاق
إن الشعوب تعاني من أثار الغطرسة الامبريالية والانفراد الدولي ومبدأ القطب الواحد ومظاهر النازية والفاشية، ونظام العولمة المتوحشة ومحاولات تدمير كيان الأسرة وانهيار المجتمع بالترويج للأفكار المثلية التي ستؤدي إلى نتائج خطيرة ومدمرة لبنية المجتمعات والدول، واستغلال البنك الدولي للشعوب والدول الفقيرة التي استغلتها الإمبريالية والرأسمالية على مدى عقود، وعدم حل المشاكل الدولية وتأزيمها مما أدى ويؤدي إلى تنامي التطرف والإرهاب والفاشية والعنف في العالم ونتيجة عدم حل المشاكل العالقة على مدى عقود وأهمها قضية الشعب الفلسطيني ونضاله الدائم لاستعادة حقوقه المشروعة بقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة للشعب الفلسطيني وذلك حسب مقررات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وحل مشكلة الهجرة المتفشية ووضع الحلول لمعالجتها، وإنهاء استغلال الاستثمارات الغربية للشعوب المضطهدة، وإقامة المشاريع الاقتصادية وتأمين فرص العمل، والحد من البطالة، والقضاء على كل بؤر الفساد والرشوة والكسب الغير مشروع، وبناء مجتمعات ديمقراطية علمانية وحل النزاعات بالطرق السلمية ونبذ العنف والتحريض، وإلغاء الطائفية، وتعزيز منظمات السلام العالمية.
لذلك يتطلب الأمر في هذه المرحلة الصعبة من كل أحزابنا أن تتضامن فيما بينها، وأن ترص صفوفها الداخلية وتتناسى النزاعات والخلافات الثانوية وتدعو إلى وحدة الشيوعيين في كل بلد لان وحدتها وقوتها هي قوة لكل الأحزاب الشيوعية ولشعوبها في العالم. وأكبر انتصار على الإمبريالية والرأسمالية والنازية وأعداء الشيوعية والماركسية.
أيتها الرفيقات.. أيها الرفاق!
مرة أخرى نتقدم بالشكر إلى كل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء وإنجاحه. وأخص بالشكر الحزب الشيوعي التركي بكل كوادره وفعالياته لما فيه إلى المزيد من الانتصارات للشعوب والأحزاب الشيوعية في العالم.
عاش اللقاء الـ 23 للأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية!
عاشت الماركسية واللينينية بوصلة الشعوب الصحيحة!
ستبقى راية الشيوعية خفاقة في العالم!
وشكراً!