شركات النقل الداخلي فوق القانون ومستثمروها مُحتكِّرون!

تعمل شركات النقل الداخلي الخاصة فوق القانون، ولا تلتزم بالعقود المبرمة معها، لجهة عدد الباصات  التي يجب تشغيلها على كل خط، أو تطبيق التسعيرة المتفق عليها. وهذا ما تفعله الشركات التي تعمل على عدد من خطوط دمشق الداخلية، إذ إنها ترفض قطعياً الالتزام بتعرفة النقل، وتتحكم برقاب العباد الذين بدؤوا يشعرون بـ(المذلة) بسبب ممارسات الشركات المذكورة، وسائقيها، الذين لا يقيمون وزناً أو اعتباراً لكرامة المواطن المقهور، الذي فرضت عليه ظروف الأزمة الراهنة، شروطاً جديدة لا تمت إلى الحياة الكريمة بصلة.

لم يكن هناك دواع منطقية لترفع شركات النقل الخاصة بدمشق تعرفتها إلى 50 ليرة، ولايوجد أسباب موضوعية لذلك، بل يتعلق الأمر، على ما يبدو، بمزيد من الربح تريده الشركات على حساب الفقراء والمعوزين، إضافة إلى أنها ضربت عرض الحائط بكل التصريحات والدعوات والنفي الذي قدمته محافظة دمشق على لسان مسؤوليها وأعضاء مكتبها التنفيذي،  بضرورة التزام الشركات بالعقود المبرمة والتعرفة المتفق عليها.

ما يجري في قطاع النقل الداخلي مثير للاهتمام، ويذكّرنا بالاجتماعات الماراثونية والنوعية التي عقدتها الحكومة، واللجان التي شكلتها لوضع أسس ومعايير ومقترحات لحل مشكلة الشركات الخاصة العاملة في مجال النقل الداخلي، وتسوية الخلافات، بهدف تقديم خدمة مناسبة ولائقة لمواطنين، يعيشون بكرامة وتذلهم وسائط النقل الداخلي، بعدم جاهزيتها، وطرائق التعامل معهم، وعدم التزامها بالتعرفة، نظراً لشعارها المعهود، (يلي مو عاجبوا لايطلع، وروحوا بلطوا البحر،.. إلخ) من مقولات وشعارات تسمعها يومياً على ألسنة سائقي هذه الشركات، مخاطبة المواطنين الذين أرغمتهم المحافظة على استخدام هذه الشركات لتنقلاتهم.

قطاع النقل الداخلي، لاسيما في دمشق، لا يقوم بالمطلوب منه، ويبدو أن تنازع الصلاحيات بين محافظي دمشق وريفها، وتداخل العامل الديموغرافي، بين قاطني المحافظتين، يقود إلى مزيد من التعقيدات، بدلاً من إيجاد حلول تحقق المصلحة الأولى في هذه العملية وهي تعود للمواطن، ولا تتجاهل المصالح الأخرى لكل الشركاء في هذا القطاع، الذي يشكل عصباً للاقتصاد.

إن قطاع النقل الداخلي يعمل لا بعقلية المستثمر، بل بعقلية المُحتكر، وهذه هي الطامة الكبرى التي على وزارة النقل الانتباه إليها، وأن تعيد تفعيل دور شركة النقل الداخلي بدمشق، وتؤسس فرعاً لها بريف دمشق، ولتعمل بأسلوب الجدوى الاقتصادية، وليس التدخل الاجتماعي فقط، وبالمسطرة ذاتها يمكن القياس على واقع كل المحافظات التي تعاني الأمرّين من وجود أشباه مستثمرين في قطاع النقل، لا يديرونه بكفاءة، ولايقدمون الخدمة المطلوبة للمواطنين.

العدد 1140 - 22/01/2025