وخزات مؤلمة ووجع سياسي
تزداد يوماً بعد يوم وخزات الألم في خاصرتي الوطن.. ويرتفع منسوب الوجع في زئبق ذاكرة المواطن السوري وعقله وقلبه.. والمواطنون السوريون لن يفقدوا الأمل رغم الشائعات والحرب النفسية القذرة المبثوثة في الإعلام الغربي والخليجي والتركي، بل إن ألوف الشهداء يغرسون بذور الأمل في تربة خصبة تنتج سنابل القمح القاسية كصلابة جنودنا البواسل.. والمواطنون متأكّدون من صمود الجيش العربي السوري ومن تضحياته الكبيرة في معارك يومية بـ(كرّها وفرّها).. وهذا طبيعي ويحدث في جميع الحروب التي حدثت قبل الميلاد وبعده! ولن تهون عزيمته رغم استمرار المعارك وحرارتها.. وحتماً سيُغْسل هذا العرق بفرح الانتصار على الإرهاب وعلى أعداء سورية وتحالفاتهم وخطط التقسيم والتفتيت لإسقاط الدولة السورية. وما يزال جيشنا بجدارة وبأس وصمود،يقاتل عشرات التنظيمات المسلحة التكفيرية – الظلامية – الوهابية، منذ نحو أربع سنوات ونيّف.
وفي مقابل ما يجري على الأرض وفي الميدان، وما ينشر من تحريفات وتقوّلات وأكاذيب وبهارات فاسدة ، ترتفع حرارة اللقاءات في شهر أيار الحالي بين الوفود الإيرانية التي زارت سورية مؤخراً والتقت بالقيادة السياسية، بهدف تعزيز العلاقة بين البلدين والشعبين، وتفعيل الدعم ومساندة سورية (اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً). وقد بددت التصريحات والمؤتمرات الصحفية الغيوم الرمادية الموزعة في فضاء سورية، المحمولة على أجنحة مناطيد التزوير وتصنيع السياسة العدوانية في أقبية (عمَّان واسطنبول وواشنطن والرياض وتل أبيب).
وتشير عديد القراءات السياسية للمرحلة القادمة أن النقطة الحسَّاسة الرئيسة التي تسمح (للتقدم أو التراجع) في التوافق على الحل السياسي هي، (توقيع الاتفاق النووي الإيراني في حزيران القادم)، والانتقال من مبادئ لقاءات موسكو2 إلى بحث وثيقة جنيف1وإعادتها إلى الطاولة، بعد أن ينتهي دي ميستورا من لقاءاته وحواراته مع أكثر من عشرين وفداً حكومياً ومعارضاً من مختلف التجمعات والتيارات والاتجاهات السياسية والفكرية.. . وانتظار نتائج مؤتمرات المعارضة في القاهرة والرياض (بعجرها وبجرها).
وقبيل (حزيران) القادم وما يتوقع أن يحمل من مفاجآت (نافعة أو ضارة – ناجحة أو فاشلة). ومن توافقات (إقليمية أو دولية)، يظلّ الحل السياسي هو المحطة الأولى والأخيرة لإخراج سورية من أزمتها، وإيجاد حلّ للأزمات الليبية والعراقية واليمنية.
لقد أرست الاتفاقيات الإيرانية – السورية قواعد الارتياح لدى القوى الوطنية والتقدمية ولدى الشعب السوري خاصة من حيث الاستعجال في تنفيذها، في مجالات الاستثمار والصحة والكهرباء والصناعة والنفط والأدوية.. وتشير أرقام التبادل التجاري إلى أن قيمتها الحالية تصل إلى مليار دولار. وأن قيمة الخط الائتماني الجديد الذي ستستفيد منه سورية في تمويل مستورداتها ومشاريعها الاستثمارية ستصل إلى 6,3 مليارات دولار تخصص لتمويل مستوردات النفط الخام، ومليار دولار تخصص لتمويل مستوردات سورية من السلع الغذائية والدوائية والتجهيزات الكهربائية والتكنولوجية.
إن المواطنين – يقرؤون ويسمعون ويتابعون -ينتظرون تطبيق المعادلة القائمة على العلاقة بين ارتفاع الدولار وجنون الأسعار، لكنّ المسؤولين لا يعترفون بأنه عندما ينخفض الدولار يجب أن تنخفض الأسعار.وأصبح شائعاً وسائداً عند بائعي الجملة والمفرّق وبائعي (البسطات) والسلع الرخيصة من الدرجة السابعة، أنهم يحسبون أرباحهم بارتفاع الدولار وانخفاضه كل ساعة.
إن المواطنين، خاصة من المهجرين ومن الذين خسروا مهنهم ومحالهم ومنازلهم ومعاملهم وورشاتهم، يأملون أن تنعكس هذه الاتفاقيات إيجابياً على حياتهم المعيشية وتحسين ظروف حياة أسرهم التي تعاني الأمرّين، وليس – طبعاً – تجار الحروب والأزمات والمرتشين والسارقين والنهَّابين، والذين هرَّبوا المليارات إلى الخارج، وليس هؤلاء المنافقين الذين يمكن تشبيههم بـ(يهوذا) يبيعون الوطن بدولار وربما بأجزاء منه.
علينا أن نقرأ جيداً هذه التداخلات والتقاطعات والمبادرات، بين ما يجري من قمم خليجية وأمريكية ومن مؤتمرات وحوارات وتوجهات (قديمة وجديدة)، وبين الغلاء وارتفاع مستوى الحياة في ظلّ أوضاع اقتصادية سيئة وبنية تحتية اقتلعها الإرهابيون من جذورها ولم يبقَ إلاَّ القليل جداً مما بناه وأسسه العمال والكادحون من قواعد رئيسة لسورية (الحاضر والمستقبل). وعلينا أيضاً ألاَّ نستهين بمخطط (داعش والنصرة والمجاهدين التكفيريين)، خاصة (داعش) الذي انتقل بخطته من (هدم الأسوار) إلى (كسر الحدود) بين العراق وسورية. والصمت الدولي على تخريب وسرقة الآثار في العراق وسورية. وأن نزيل الخوف والبلبلة بين الناس ونعمل على توعيتهم، وأن نكون صادقين معهم ونقول لهم بثقة وصبر: (إن (داعش) ينهار في جبل عبد العزيز، وأن النصرة وتحالفاتها قد هزمها الجيش السوري والمقاومة في القلمون.. وستنتهي هذه الحرب بالانتصار على الظلاميين وأسيادهم الكبار والصغار..!).