والقتلُ غريزة القتلى!
تكيّفت لبلابة الدار مع الحرب، أبتْ أن تخلع عنها أوراق الربيع، ثارت على خريفها وتحضيرات شتائه، وتسلقت نحو الأعلى. في كثيف فيئها تختبئ حكاية امرأة.
– (مصابةٌ أنا بطعنةٍ في القلب) تلعثمتْ مراتٍ قبل إنهاء جملتها، (لقلبي شكل أوراقكِ) وفي يدها تغفو إحداها: (انظر يا عزيزي، تنبض هذي الورقة كقلبي المقاوم).
و تدمعُ عيناه..
– (أتلو الندم وأبكي، أحاول التخلص من (ذنبٍ) مقبلٍ بكل (رجولتي) عليه. أتخلصُ من تعبٍ يرافقك. أقتلك والقتل رغبة، إنه هاجس القتيل.
يتهامسون: كن رجلاً وافعل.. ويفعل!
في روايتها (قواعد العشق الأربعون) تقول إليف شافاق: (عندما تقتل شخصاً فإن شيئاً منه ينتقل إليك، يلتصق بجسدك ويتسرب مباشرة إلى قلبك، ليس القاتل من يحمل معه آثار جميع ضحاياه فحسب، في داخل معظم البشر رغبة دفينة بقتل شخص ما ذات يوم، ولأنه يعجز بمعظم الأحيان عن التنفيذ، يوكل الأمر لغير يديه وبأدوات ليست للذبح). في عالم يسوده الظلم، الآلهة ذاتها أدركت عمق الحاجة لقاتل ينهي الحياة، فترسل ملاكاً يقبض الأرواح، يكرهه الناس، يخافونه، ليبقى وجهها ناصعاً، اسمها مقدساً ويدها نظيفة.
– (لستِ ضحيتي أنا! تتغلغل داخلي لعنة لا تزول،رغم أنك تتراكضين بكل حياة حولي، أنتِ الثورة التي يباركُ الكونُ إسقاطها قبيل النضوج. أنتِ المدى الذي يخنقُ دونَ أن يمتد.
حفنة دولارات ويتزوج غني ستيني من قاصرة لاجئة. أليس والداها الأكثر حداثة بطرق القتل، وهي، هل يدرك أحدٌ كم من أفكار الموت تراودها عن الحياة؟ آلا تملك أمثالها أمنية وأدها في ربيعها الأول؟
– (انظر، يرقة هنا في اللبلابة، لن أقتلها)
تحدثه الذاكرة: (عذاب ساعة ولا كل ساعة)، الولد مولود!
– (بنت هي)؟
-نعم: (بنتْ).
دافعاً للخارجِ جارتهم التي أودى بها قطفُ روح صغيرة للجنون: ما علاقتكِ أنتِ؟ هو الموت الرحيم..!
قد يُقتل القاتل بصوتٍ، صوتها الطفلة المخنوق: (كل من تحدث إليكَ يحلم ملء الطمأنينة الليلة، وأنت يضجُّ في ذاكرتك صدى غيابي. أنا بنتْ..! ابنتك، أمك، أختك، زوجتك! لن أمنعك، لا تحملني، تحسس شريان يدي وحسب). لشريان اليد لحن نايات لن يسمعه، وللعينين المغمضتين ضوء يُوقد مرة ليُطفئ ألفاً. للأنفاس المهاجرة، للأمان يبحثُ عن سافكيه الـ(الويلاه)، ولكَ منكَ ألف لعنة. ينام البشر، تتوازن في أيامهم الأزمنة، وتهدأ فسحات المكان، وتحسبكَ مثلهم، فإذا بك مفترسٌ لسكينتكَ، لحلمكَ، لكفيها الآن يفتقدهما اللبلاب بورقاته ويرقاته. ما تبقى مغروز في جبهتك الصوتُ. صوتٌ لا يفنى، تطوف حول كفيّكَ أوتاره.. تقتلع من مرآتك أمواجُه: (وجه الرجولة).