القطاع «اليتيم».. من يدعمه.. ومن يموّله؟!

كتب المحرر الاقتصادي:

عقدان من الزمن ومعاناة مؤسسات القطاع العام الصناعي وشركاته ومصانعه مستمرة، والسبب الرئيسي هو تهميش الحكومات المتعاقبة لدور هذا القطاع الذي كان في الماضي قائداً للصناعة التحويلية والاستخراجية، ومازال قادراً- إذا ما أنصفته الحكومات- على لعب دور هام مع القطاع الخاص في مرحلة إعادة إعمار ما هدمته تداعيات الأزمة السورية العاصفة.

في العقد الماضي كان هذا القطاع وملكية الدولة للمرافق العامة، ضحية مشاريع الخصخصة، ونصائح الصناديق الدولية التي ركّزت على دفن قطاعات الدولة لصالح القطاع الخاص، فأهملت الحكومات إصلاحه وتخليصه من مشكلاته تمهيداً لتصفيته.

اليوم تنهال مشاريع تشجيع القطاع الخاص الكبير والصغير بهدف إعادة تدوير عجلات الإنتاج الصناعي، وخلال فترة لا تتجاوز شهراً واحداً، تقدمت السلطة التنفيذية إلى مجلس الشعب بثلاثة مشاريع تصب في هذا الإطار، أحدهما لتطوير المشاريع الصغيرة، والثاني لدعم تمويلها، والثالث لإعفائها من فوائد القروض المسحوبة من المصارف الحكومية، وجدولة ديونها.

ورغم تأييدنا للسياسات الهادفة إلى تشجيع القطاع الخاص المنتج، خاصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لكننا في الوقت ذاته نتساءل: من يدعم القطاع العام ويشجعه ويطوره ويموّله؟ أم أن هذا القطاع (ابن البطة السوداء؟).

حتى الآن تنفي الحكومة على لسان وزرائها المعنيين أن قانون التشاركية رقم 5 الصادر في بداية هذه السنة يهدف إلى خصخصة القطاع العام، لكن استمرار تجاهل الاهتمام به، وعدم البحث عن حلول ناجعة لتطويره، يزيد من مخاوفنا من اتخاذ سياسات اقتصادية تسهل للقطاع الخاص ابتلاع قطاع الدولة الصناعي والخدمي أيضاً.

إن موقفنا من القطاع العام ليس موقفاً تمليه اعتبارات اقتصادية واجتماعية فقط، بل هو موقف سياسي أيضاً، يتعلق باستمرار صمود سورية وشعبها في مواجهة الإرهاب من جانب، وأهمية الاعتماد على الذات والابتعاد عن سيناريوهات إعادة الإعمار وفق مخططات من يسعون لأخذ سورية من الداخل، وتحقيق ما عجزت الإمبريالية الأمريكية والإرهاب عن تحقيقه من جانب آخر. وكما تنهمر مشاريع القوانين لجذب الرساميل وتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال، نتوقع من حكومتنا الرشيدة تخصيص جزء من اهتمامها لمشروع إصلاح القطاع العام الصناعي والخدمي وتطويره، فهو ضمانة الدولة للتأثير في العملية الاقتصادية وأداتها الرئيسية في تنفيذ سياسات تصب في مصلحة جماهير الشعب السوري الفقيرة والمتوسطة.

ادعموا القطاع العام .. تدعموا فقراء الوطن..

 

العدد 1136 - 18/12/2024