تفضـّل أيها السيد الرئيس..

قبل أكثر من أسبوعين، ومع الشروع في حملة الانتخابات الرئاسية في سورية، بدأت تظهر لافتات  لكل مرشح رئاسي تعبر عن شعاراته الانتحابية  أو عن بنود برنامجه الانتخابي، وبغض النظر عن تفاصيل هذه الشعارات وذهابها إلى الأمن والاقتصاد والازدهار وإعادة بناء ماتهدم، فإن ثمة قاسماً مشتركاً بينها هو: المضمون الوطني الذي يجمعه عنوان كبير هو (سورية)!

أي أن الواقع الذي تعيشه البلاد ماثل أمام كل مرشح من الزاوية الوطنية، لأنه لايوجد تحصين لسورية بمعنى كونها كياناً مستقلاً وذا سيادة إلا التحصين في المؤسسة التي تقود البلاد في المرحلة القادمة، أي الرئاسة!

لم تكن الشعارات المطروحة التي قرأناها في شوارع المدن السورية شبيهة بتلك التي تطرح في سوق اللعبة البرلمانية في الغرب، والتي تعمل على استدراج الناخب ورميه في أوهام الزمن القادم، أي تلك التي تصنع عالماً وهمياً سحرياً أمام الناخب، لايلبث هذا العالم الوهمي أن يذوي مع وصول المرشح الأكثر شعبية إلى الحكم، لأنه لايمكن لشخص مهما بلغ من قوة ديمقراطية أن ينقل أوهاماً إلى الواقع إلا ضمن الظروف الممكنة لبلده!

هذه النقطة ــ أي الشعارات الحالمة في الانتخابات الرئاسية، لم نكن نعرفها نحن في سورية. لأن الانتخابات الرئاسية عندنا، ومع تنامي القوة الإقليمية والعربية والدولية لبلدنا، لم تكن أبداً مصنعة لبيع الأوهام أو لتجعل البلاد في مهب الريح، نتيجة الهوى السياسي للرئيس المرشح للاستفتاء.

هي ــ أي الانتخابات ــ فعل سياسي قائم على ثوابت وطنية عربية تصنعها آليات العمل السياسي في سورية المستندة على الدستور السابق، ولذلك كانت الشعارات شعارات شعبية  لبرنامج  وطني تحتاجه سورية، أكثر من كونها شعارات ترويج لشخص!

قد يفاجأ الغرب، وكل المحللين لديه.. أن معطيات الانتخابات الرئاسية الجارية في سورية ــ بالنسبة للشعب السوري ــ هي نفسها السابقة، مع أن الطريقة تغيرت، مع أن الدستور تغير!

هي نفسها، لا بمعنى اختيار هذا المرشح أو ذاك، وهذه مسألة يكفلها الدستور الجديد، بل لأن الشعب يريد رئيساً يقوده في مرحلة، لا يريد رئيساً لملء فراغ..  يريد رئيساً تحتاجه سورية في أزمتها الكبرى، أي: رئيس قوي صاحب قرار، وأمين على وطن لاخوف فيه ولا دمار.. وبالطبع القرار وطني محصن بأسوار عالية متينة لايمكن القفز فوقها تتعلق بالموقف من وحدة سورية واستقلالها والصراع العربي الإسرائيلي وقوت الشعب وأمنه واستقراره.

المرشحون للرئاسة في سورية، جمعهم هذا القاسم المشترك، أي البرنامج الوطني، أما من يريده الشعب فتلك هي المسألة:

فمن يقدر على قيادة سورية في المرحلة القادمة وفق هذا المنطق، فسيقول له الشعب: تفضل.. أيها السيد الرئيس.. أنا معك!

العدد 1136 - 18/12/2024