ربيع حكومي ينذر بالخطر.. والفقر يتخطى 89%

 الخلل وفشل الأداء الحكومي لم يعد متستراً وراء التصريحات البراقة لحكومتنا الموقرة التي لم تجد حتى اليوم هيكلية جديدة لإعادة المعايير لإداراتها والاستفادة من الكوادر المختصة فيها بل تبدو تصريحاتها عبر وسائل الإعلام وغيرها كجزء من حرب نفسية لإنعاش نفس المواطن الذي لم تعد تنفع معه الإبر والمسكنات الحكومية في أزمته المعيشية التي غرق فيها، بسبب سوء الأداء المؤسساتي وخروج القانون عن التطبيق ليتسلم التجار والمتحكمون مقاليد الأمور مجزّئين المجتمع إلى طبقتين، طبقة الفقراء التي قاربت 90% من المجتمع السوري، وطبقة المافيا وتجار الحرب من الأثرياء.

بعد ارتفاع أسعار الدواء السوري منذ أشهر ونفي وزارة الصحة له، ثم اعترافها فيما بعد برفع أسعار الدواء وتهربها من مسؤولياتها الضامنة لحياة وصحة المواطن ، أطلقت الحكومة مفاجأتها الجديدة مع أول نيسان بتحرير أسعار المشتقات النفطية وخصوصاً مادة المازوت وبيعها للصناعيين وغيرهم بسعر 290 ليرة، والأكثر غرابة في تصريحها عبارة صرف تعويض نقدي للمواطن، ليتبع تصريحها رفع وزارة الاتصالات رسوم خدمة الإنترنت بفوارق الضعف تقريباً، ولم نذكر أزمة الأسعار الجديدة للسلع الغذائية الأساسية في السوق، والتي ارتفعت بفوارق مختلفة، وخير مثال على ذلك البطاطا التي تعتبر غذاء رئيسياً للمواطنين وقد دخلت في عهدة بورصة السوداء وتجار مافيا الحرب، والسؤال المهم: ماذا ينتظر المواطن السوري في ظل هذه القرارات التعسفية للحكومة والتي تدل على حرب علنية وواضحة على المواطنين، وانحيازها لصالح طبقة التجار وغيرهم؟؟  وما القادم بعد رفع سعر المازوت للصناعيين الذي سيجر معه غلاء فاحشاً جداً للسلع؟

وفي حديث خاص لصحيفة (النور) مع الباحث الاقتصادي الدكتور نضال الحسن سألناه عن سياسة الحكومة ومنهجيتها في تحرير الأسعار ووضعها بيد التجار والمستوردين، خصوصاً المازوت الذي سيرتفع حسب تصريح رئيس مجلس الوزراء بمعدل 110 ليرات سورية، بعد ارتفاع في المواد الأساسية والمنتجات في السوق وخصوصاً البطاطا في الفترة الأخيرة، قال د. نضال:

هذا سيزيد الأمر سوءاً، فدائماً مع ارتفاع الوقود هناك ارتفاع في أسعار السلع وارتفاع في أسعار النقل دون أي ارتفاع في الدخل حتى لو بمعدل 5%، وبالتالي هذه السياسات المتخبطة تؤدي إلى زيادة شريحة الفقر، وفي آخر الإحصائيات أكثر من 89% من الشعب السوري تحت خط الفقر.

هل من تحالف بين مجلس الشعب والحكومة

في مجلس الشعب لم نسمع سوى صراخ أعضائه وتصريحاتهم التي لم تنفع، بل زادت قراراته الوضع أكثر سوءاً في الفترة الأخيرة برفع قيم جواز السفر وغيرها، وموافقاته على بيانات الحكومة، وهو لم يهتم حتى اليوم بمناقشة هموم المواطن ومعيشته المنكوبة، ولا بحالة الفلاح والعامل ووضع القطاعات المنتجة كالزراعة والقطاع الحيواني والصناعي، مع أن هناك أكثر من عضو هم من غرف الصناعة وغيرها، وما رأيناه من هذه الجلسات عبر ما يقارب السنة من الانتخابات ليس سوى دراما لسيناريو هزيل الهيكلية بين الحكومة والمجلس.

وبسؤالنا للدكتور نضال الحسن عن رأيه بهذه الجلسات، وهل كان هناك أي دور فاعل لمجلس الشعب في حماية المواطنين، بما أنه الممثل الفعلي وفق الدستور، فصرح قائلاً:

بالطبع ما يزيد الأمر سوءاً بالنسبة للتخبط الحكومي هو غياب الدور الفاعل  للسلطة التشريعية أثناء مناقشة البيانات الحكومية أو أثناء المناقشة في الجلسات المشتركة بين الحكومة ومجلس الشعب، حيث نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً، فكثير من التصريحات تُسمَع من بعض أعضاء مجلس الشعب، ولكن للأسف لم نلحظ وجود أي دور فاعل للمجلس في  حجب الثقة عن وزير أو في حجب الثقة عن جزء من الحكومة أو حكومة كاملة، مهما كان التخبط أو مهما كانت درجة الفساد التي تنتشر فيها، بينما يبدأ الكلام في ذلك بعد خروج المسؤول من منصبه، فهل هناك تحالف بين مجلس الشعب والحكومة على لقمة عيش المواطن؟ على ما يبدو هذا هو الوضع.

وفي ختام حديثه لصحيفة (النور) تساءل الدكتور الحسن عن آلية السياسة التي يجب على الحكومة اتباعها قائلاً:

وهنا نقول: ما الحل في هذا الأمر؟ هل تتبع الحكومة السورية سياسة انكماشية أم سياسية نقدية أو مالية انكماشية؟ أو المفروض أن تتبع سياسة توسعية أي زيادة الإنفاق الحكومي من حيث زيادة الإنفاق الاستثماري والإنفاق الجاري، لفتح مجالات عمل وتوسيعها، وفي الوقت نفسه، الحد من تحكّم المستغلين والمحتكرين في الأسواق كي تساعد المواطنين بشكل فعلي لتجاوز هذه الأزمة.

ربيع جديد..

نتساءل في نهاية مقالنا عن قادم هذه الجولة الجديدة من رفع الأسعار وتحريرها والتي تتوافق مع حرب مجالس الإدارة المحلية والبلديات على المواطن ولقمة عيشه، وتأتي إرضاءً لذوي المصالح من التجار وغيرهم من المافيات والزعران الذين خلفتهم الحرب وغياب القانون الذي يحمي المواطنين والمجتمع من الأزمات، فهل نحن بانتظار مجاعة جديدة سببها (ربيع حكومي) مبتسم لموت من تبقى في البلد؟؟

العدد 1140 - 22/01/2025