إشاعات الموت المغرضة!

الإشاعة عبر تاريخ البشرية ظاهرة اجتماعية توقف الباحثون والناس عندها وعند آثارها طويلاً، فهي تحمل بالضرورة دلالات اجتماعية واقتصادية وسياسية مهمة، وقد استخدمت في الحروب النفسية الداعمة للحرب العسكرية، ومنها ماكان يهدف إلى تهديم البنية المعنوية للطرف المستهدف..

وسائل التواصل الحديثة هيأت الفرصة لنشر الإشاعة، ولاستخدامها من قبل كل شخص، لأنه بمجرد أن يضعها على خط التواصل فإنها ستشق طريقها إلى عدد كبير من الناس.

وهذا يعني أن دورها صار أكبر من قبل، وانتشارها صار أوسع مما كان في السابق، وأهدافها قد تكون اتسعت وصار يمكن أن ترسم بعناية، أو قد تكون ضاقت إلى درجة (التسلية)!

نعم.. التسلية!

إن نمط الإشاعات الذي يطلق على أجهزة التواصل يبدو فارغ المحتوى، يظهر أحياناً، وكأنه مجرد تلاعب بالداخلين إلى صفحات التواصل، وخداعهم، وهذا التلاعب والخداع عملياً لايمكن أن يحمل أهدافاً خفيّة لأنه ساذج ويكشف بسرعة..

على صفحات التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيس بوك، زجّت أسماء ثقافية وفنية هامة في لعبة الإشاعة، وللأسف كانت تحمل ترويجاً بوفاتها فيما هي لاتزال تأكل وتشرب بيننا ومازال ثمة بقية من الحياة التي قدرها الله لها، ومع ذلك أرادت الإشاعة إنهاءها بطي صفحتها، بعبارة تكتب على الفيس بوك أو تويتر أو غيرها..

وقد حصل هذا عدداً كبيراً من المرات، وآخرها عن وفاة الكاتب الكبير حنا مينة والفنان العربي نور الشريف، وقد أوقعت هذه الإشاعات الكثيرين في براثن تصديقها من بينهم من استهدفتهم من قبل، عندما سجل على صفحته تعزية بوفاة الفنان نور الشريف، ثم عاد وسحبها من صفحته لأنه اكتشف أنه وقع ضحية الإشاعة..

وعندما انطلقت إشاعة وفاة الكاتب الكبير حنا مينة، وقع في براثنها صحفي مهتم بالشؤون الثقافية، فنشرها على صفحته وجرت سريعاً، فنعته دار الآداب، ثم كتب كثيرون تعليقات عن خسارته وعظمة كتابته، فإذا بالفنان سعد مينة ينفي الخبر جملة وتفصيلاً..

إن صفحات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى مشاكلها الأخرى المتعلقة بالاختراق و(التهكير)، فإنها تضيف مشكلة انتشار المعلومة الخاطئة، فمعلومات صفحات التواصل الاجتماعي ينبغي التوقف عند مصداقيتها إلى أن يتم التأكد من صدقية ما تنشره، وخاصة أن بلادنا بحاجة الآن إلى الكثير من الحذر الوطني لتحصينها مما يرسم لها وعليها وحولها.

العدد 1140 - 22/01/2025