الدراما في خدمة ونهوض الوعي المجتمعي

كلمة دراما مشتقة من اليونانية ومعناها: (أن تفعل أو تؤدي) وهذا ما أشار إليه أرسطو حين وصفها بأنها (تحاكي الفعل الإنساني) محاكاة لا تعني عنده تصوير الواقع أو نقل الطبيعة نقلاً حرفياً، وإنما تمثيل أو محاكاة الحياة أو الحدث الذي يمكن أن يحدث، أي أن فن الدراما هو إعادة إبداع وإكمال ما لم تكمله الطبيعة.

هنا نجد أن الدراما التلفزيونية تكتسب مكانة خاصة، بحكم قيمتها الإعلامية التي تكمن في قدرتها على خلق وحمل الأفكار التي تعكس المفاهيم والقيم الإنسانية التي لا بدّ أن تترك أثرها غير المباشر على المتلقي، وهنا تكمن الوظيفة الأساسية والهامة والخطيرة للدراما في آنٍ معاً، من خلال ما تقدمه من معلومات متنوعة تسهم في رفع مستوى الجمهور الثقافي والعلمي والأخلاقي. ففي الوقت الذي يؤكد فيه الجميع أهمية الدراما في تنمية وعي وإدراك المجتمعات بشكل عام، لا بدّ من السؤال الضروري: من الذي يؤثر في من.. الدراما أم المجتمع؟ 

لقد أثبتت معظم الدراسات والبحوث التي أجريت لاستطلاع نسب مشاهدة الجمهور للتليفزيون والدراما التلفزيونية علي وجه خاص هذه الأهمية، خاصة مع الدور الذي يمكن أن تؤديه الدراما التليفزيونية في مجال التثقيف السياسي للمرأة، انطلاقاً من تخصصها في هذا المجال، من حيث نسبة المشاهدة العالية التي يحظى بها التلفزيون من الجمهور عامة، والمرأة بصفة خاصة.

وانطلاقاً من كل ما ذكرنا، كانت الدراما السورية وما زالت السبّاقة دوماً في تناول قضايا وأمراض المجتمع بشكل لافت، ما دفعها في ظل الحرب التي نعيشها للتحايل على كل ما يعترضها من أجل خلق رهانات جديدة، تتفاعل بحيوية مع ما يجري، وما خلّفته تلك الظروف من أحداث مأساوية طالت جميع أفراد المجتمع، محاولة تجاوز السقف المسموح عبر طرحها لموضوعات جريئة خلافاً لما اعتدناه منها سابقاً اجتماعياً وحتى سياسياً، وذلك من أجل بقائها المعبّر الأدق عمّا يسعى إليه جميع السوريين للبقاء على قيد حرية وكرامة وأمل بالمستقبل.

العدد 1105 - 01/5/2024