الكتاب مفتاح بناء الذات

تعد المكتبة المنزلية من أهم أنواع المكتبات التي يتعرف إليها الأبناء منذ الصغر، وبخاصة المراهق والشاب، إذ إنه يعيش قريباً منها، ولهذه المكتبة أهمية بالغة في تنمية شخصيته ثقافياً، لكونها مصدراً للمعرفة من شأنه أن يسهل له تلبية حاجته من المعلومات، والإجابة عن الأسئلة والاستفسارات المتنوعة، وتعتبر مكتبة (الأسرة) أول نوع من أنواع المكتبات التي يعتمد توافرها على مدى اهتمام الوالدين بالكتب والقراءة والمطالعة، ويتوقف ذلك على المستوى المادي والاجتماعي والثقافي للأسرة، وتؤدي هذه المكتبة دوراً مهماً في حياة الفرد الثقافية والتعليمية، خاصة إذا بدأ في التعامل معها مبكّراً وبتشجيع من الوالدين على ذلك، وقُدّمت له الكتب على سبيل الإهداء والتشجيع في المناسبات المختلفة، فللأسرة دور فعّال وأساسي في بناء شخصية الأبناء ثقافياً وفكرياً، من خلال تعويدهم على القراءة منذ الصغر، وتكوين مكتبة للأسرة، تحتوي على مصادر متنوعة، يلجأ إليها الأولاد ليجدوا فيها ما يُغذي عقولهم ويحقق لهم رغباتهم العلمية والثقافية من جوانب عدة.

إن مستقبل الكتاب الورقي بات على المحك، بين حمى الثورة المعلوماتية الإلكترونية وارتفاع تكلفة الطباعة والنشر للكتاب، وبين اتساع المساحة لإيجاد مكان مناسب للمكتبات أو مساحة لا تتجاوز السنتيمترات، فقرص(سي دي) يحتوي على مئات بل الآلاف من الكتب والمجلدات، مكتبة شاملة كاملة في قرص (سي دي)، أو جهاز صغير في أحد الأركان يغنيك عن علم الدنيا، ومقارنة شاسعة في الكم والمحتوى مقارنة تفوق حدة التفكير للعقل البشري مع العقل الإلكتروني.

وتوقع بعض العلماء والباحثين في أوربا أن الكتاب الورقي سيموت فعلاً وتموت معه مطابعه وتزويقته ومكتبات بيعه، مثلما سيموت معه ولع الناشرين والموزعين في الألفية الثالثة.

إن السرعة الهائلة التي حققتها الثورة الإلكترونية خلال السنوات القليلة الماضية، في بنوك المعلومات وتصيّد (المعلومة) وتخزينها الكمبيوتري سرعة مذهلة مرعبة، وهيمنة الفضائيات وتأثيرها على قراءة الكتاب الورقي تجعل نهاية أمر الكتاب أسرع بكثير مما نتصور، فالكتاب محدود المدى والعلم، وبنوك المعلومات عالمية وشمولية، غير أن هناك من يقول إن الكتاب سيظل صاحب مكانة ونكهة مميزة ومزاج خاص، مهما طغت عليه وسائل التكنولوجيا الحديثة والكتاب الإلكتروني.

فالشباب في المرحلة الجامعية لهم طبيعة خاصة، وأفكار مختلفة، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن ارتباطهم بالكتاب يمنحهم القدرة على تشكيل ملامح مستقبلهم، ويعزز ثقتهم بأنفسهم، وإذا كانت القراءة هي أشهى ثمرات الإنسان على الأرض، فإن الأمم والشعوب تسعي للرقي والتقدم عن طريق غرس الثقافات المتعددة في نفوس أبنائها، وفترة الإجازة الصيفية بما تحمله من طموحات أسرية تتعلق بربط الأبناء بالثقافة العامة، ومن ثم تعويدهم على التفاعل مع الكتاب في أوقات الفراغ، ما يجعل من القراءة في الإجازة زاداً معرفياً يمنح الشباب فرصة لاختيار الكتاب المناسب.

الشباب هم طلائع الأمم وكوادر مستقبلها، لذا فهم بحاجة إلى الارتباط بالكتاب، وتكوين ثقافة الاختيار التي تساعدهم على اقتناء ما يناسبهم في هذا العالم الرحب، خصوصاً أن هناك كتباً أضرارها تفوق منافعها.

العدد 1107 - 22/5/2024