الصمت وزقزقة العصافير

همس الفجر على نوافذ بيتنا، وشقشق الضوء سواد الليل. واخترقت الصمتَ المطبق على المكان، زقزقةُ العصافير الحزينة.

ويسألني الفجر بابتسامة من الحزن العميق: ما الذي يجري يا صديق الضوء؟ وقد أتعبني الحزن وكل هذه الدموع التي لا تملّ ولا تنتهي؟ بكى الشوارع والنوافذ والبيوت والحجارة والشجر والبشر والجبال والسفوح والبحر والأنهر، بكى الرجالُ الرجالَ، والنساء بكين، وغزلن من دموعهن قصائد وداع: وأعلن السندباد حزنه العميق. والقمح كأنه يرتل على وقع الأذان والنواقيس قصائد من تاريخ حزين يلقي الفجر سلامه على تلك القبور الطرية بماء السلسبيل، ويذبل الورد الأحمر القاني، وتهمس الشمس كالأمهات الباكيات، ويقف الصباح إجلالاً  للشهداء. وقلبي الموجوع، المفجع، المترع بالحزن، والتراتيل الفلسفية المتجذرة بالمعرفة: يلتو آية الكرسي في صباحات الله، برداً وسلاماً على سورية وأهلها الطيبين.

كنا نكتب الوجع معاً، وكنا نعبر بوابات المحبة إلى عيون (دمشق)، فيغفو الحب على بياض الياسمين، وينام الورد هنيئاً على شرفات المساء، ويتفتح الحبق على شرفات الصباح، كم لدمشق تشتاق اللقاءات والعيون! والأسئلة توقظ الوجع.

ماذا لو فكر (هؤلاء التكفيريون والمضللون السوريون) قليلاً بلغة العقل، وسألوا أنفسهم الأمّارة بالسوء: عن سورية الأمن والأمان والاستقرار، وعن المجتمع الملتقي على عشقها ومحبتها، قبل أن يقتلوا ويذبحوا ويخربوا؟ لا أدري هل تنام ضمائرهم. نامت ضمائر المجرمين! وهل عندهم بعض ضمير؟ هل تنام أعينهم؟ كيف تغمض على القتل والذبح والخراب والتدمير؟ كيف يأكلون ويشربون من دمنا ولحمنا؟ تحولوا إلى وحوش تأكل لحم الإنسان الذي أطعمها وسقاها ورباها، يدمرون وطناً ويخربون سورية الأم والتاريخ والحضارة والإنسانية؟ وحوش يخربون الصباحات والأمن ويقلقون الطفولة فلا تنام: فأردد مع بدوي الجبل رحمة الله عليه:

يا ربِّ من أجلِ الطفولةِ وحدَها

أفضْ بركاتِ السلمِ شرقاً ومغربا

يهمس الفجر: صباح الخير لسورية، للأوفياء لسورية، للشرفاء في سورية، صباح الخير يا (جنود وضباط وصف ضباط وأفراد حماة الديار، الجيش العربي السوري، سياج العرين)، أنتظر أن تشرق شمسكِ سورية، وتسقط الأقنعة والخونة والتكفيريون والقتلة، وتبقى سورية!

العدد 1105 - 01/5/2024