كيس بابا نويل الأمريكي!
في تعريفات (سانتا كلوز) المعروف في بلادنا بأنه بابا نويل، أنه رجل عجوز سعيد دائماً وسمين جداً وضحوك، يرتدي بزّة يطغى عليها اللون الأحمر وبأطراف بيضاء وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض، ويحمل كيس هدايا للأطفال وجرساً يقرعه في مناسبتي الميلاد ورأس السنة.
بابا نويل الأمريكي لا يرتدي طربوشاً أحمر مزيناً بشناشيل بيضاء، ولا يحمل للأطفال كيساً مليئاً بالهدايا. بابا نويل الأمريكي هو جندي مدجج بالكثير من الأسلحة. يحمل على ظهره طائرة أباتشي مذخّرة، وتحت ذراعه الأيمن طائرة شبح، وتحت ذراعه الأيسر بارجة- والعياذ بالله، وبدل جرس الميلاد يحمل قناصة ناتو تصيب على بعد ألف كيلومتر!
هذا التوصيف ليس من باب البروباغندا السياسية، في همروجة حديث سياسي في رأس السنة، بل هو نوع من أحلام الأطفال في بلادنا وفي فيتنام أيام حرب فيتنام وفي كوريا أيام حرب كوريا، وفي جبل الثردة يوم غنى الجنود السوريون الثمانون، الذين أحرقتهم الطائرات الأمريكية، أغنية الشهادة والأمل للوطن الطالع مع المحبة في أيلول عام 2016.
في واحدة من استطلاع الرأي السياسية عن بابا نويل الأمريكي في العالم، رآه الأوربيون كائناً أسطورياً يسعى للالتهام العالم، ورآه الأفارقة نخاساً يملأ كيسه بأطفال الزنوج الذي يمثلهم (كونتا كنتي) في رواية (الجذور) لـ(ألكس هيلي)، ويراه العرب لصاً يرتدي قناعاً أسود بلون النفط، ويراه السوريون ذئب البحار الذي لا يشبع، أما الفلسطينيون فيرونه يهوذا الأسخريوطي الذي باع المسيح بثلاثين من الفضة قبل صياح الديك!
على غير العادة، يبدو العالم هذه السنة متجهما بمجمله من أمريكا. نعم العالم غاضب منها ولكنه عاجز عن الفعل. وهذا التجهم لم يحصل إلا مرات قليلة من بينها تلك السنة التي يروي فيها كاهن بوذي أحرق نفسه احتجاجاً على الحرب الأمريكية في فيتنام حكمة العصر عندما قال:
إن أمريكا لا تستحي!
العالم اليوم، عاجز عن فهم أمريكا في عصر دونالد ترامب، لم يستطع التعرف على معاني تلك العبارات المثيرة للخوف التي تظهر من البيت الأبيض كل صباح، حتى أن السيدة الأولى لأمريكا، أي زوجة ترامب، لم تستطع ترجمة ما قاله الرئيس الأمريكي فيما العالم يستقبل بابا نويل.
نعم، حتى ميلانيا ترامب لم تستطع ترجمة أقوله رغم أنها تجيد التحدث باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والصربية والكرواتية والايطالية والسلوفينية، أتعرفون لماذا؟!
نعم، لأن اللغة التي يتحدث بها سيد البيت الأبيض ليست سوى لغة الغربان، وفي لغة الغربان ثمة خيمة من الشؤم تظلل العالم إذا استمرت أمريكا في إطلاق ترامب من القفص دون أن تقيده!