..طويلة وتحية طيبة لشهيرة

 (يسعد صباحك وكل أوقاتك، وينولك مرادك، ويعطيك حسب نيتك وكتاباتك، صدقني إني…)

ذاك كان بعض ردها على تحيتي.

لم تعزف باحات المدارس وقع خطوات شهيرة، ولا رسمت الأقلام والدفاتر همس أناملها، لكن علّمتها الطبيعة وثقفتها الحياة..

ليست متعلمة.. نعم، لكنها ذكية..

ليست فائقة الجمال.. صحيح، لكنها فائقة النعومة..

كما أنها ليست صغيرة في السن.. أجل، لكنها صبية روحاً وجسداً وإرادة..

لن أخفي إعجابي بشهيرة، شخصية لها حضورها في قريتنا، ولا سعادتي وتفاؤلي بمصابحتها ومصاحبتها لأمتار وأفكار. ما يندرج ضمن حريات المشاعر وحقوق التعبير، التي تحفظها لنا طبيعتنا الإنسانية وهيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

غير أن ما أود التنويه به، هو ما أثاره داخلي ذلك التصابح، من نوازع إنسانية، وما تمخض عنه من لفت انتباهي وتحفيز عنايتي إلى نقاط وملاحظات، منها:

أن كثيراً من المثقفين ومدّعيّ الثقافة عندنا، مصابون بعمى التقدير، بسبب فقر الدم في ثقافتهم. ما يجعلهم يوجهون جلّ اهتمامهم إلى المتعلمين مدرسيّاً والمثقفين اسمياً، مسقطين من حساباتهم كل الآخرين ممن ألهمتهم الفطرة، وأغنتهم التجربة، وثقفتهم الحياة. ما يشكل فجوة فيما بينهم، كنخبة، وما بين العامة.

إن نسبة كبيرة من شبابنا المثقف، لاسيما منهم الأدباء والمبدعين، يقصرون توجههم، سواء في حياتهم العامة أو في مناشطهم الفنية والأدبية والثقافية، على جيل الشباب. صارفين النظر عمن دونه وعمن بعده، ما يوسع الفجوة ما بين تلك النخبة، وسائر فئات المجتمع من غير الشباب. ناسين أو متناسين، أن ليس هناك من فاصل قطعي حقيقي بين أجيال المجتمع الواحد، في أي مجال. خاصة في مجال الثقافة، حيث التواصل والتواتر هما السائدان في العلاقة. فضلاً عن توافر بعض النشء والكهلة، على ما يبزون به الشباب، ثقة وثقافة وإبداعاً!

إن المرأة، إلى ما هي عليه في مجتمعاتنا العربية كافة، من واقع مزرٍ على جميع الصعد. بسبب من سوء راهن أحوالها وسوس، من جهة. وسوء الحائلين دون تقدمها وسياسة من جهة ثانية، ما برحت تقاسي من عقدة ازدواجية التعاطي مع مسألتها، لا من قبل المرأة نفسها (حين تعرف حقوقها وتقرّ بها، إضماراً أو إعلاناً، ثم تتصرف عملياً مستغنية عنها) فحسب. وإنما من قبل المثقفين حامليّ راية إنصافها، جاهلة كانت أو متعلمة.. مطالبة بحقها أو ساكتة عنه.. موالية للنظام أو معارضة له.

فترى كثيراً من مثقفينا، الذين يزاودون، استنصاراً للمرأة، على قاسم أمين ونزار قباني، تنظيراً في المقاهي والمنتديات، يستحيلون إلى نسخٍ ممسوخة عن أبي جهلٍ وشهريارٍ، استعداءاً لها، على المحكّ، في البيت وسائر المواقف والمواقع العملية في الحياة!

العدد 1140 - 22/01/2025