في قوانين الإيجار مواد لا تناسب الأزمة

توضع القوانين نتيجة ظروف سياسية واجتماعية، وهذه القوانين لاتكون مطلقة وإنما قابلة للتعديل أو التغيير وربما لصدور قرارات إدارية تعمل بالقانون وفق مانص به لكن بشروط خاصة جداً ومحدودة،

لأن هدف المشرع من وضع أي قانون تحقيق المصلحة الخاصة للفرد ضمن المصلحة العامة للمجتمع. وقد صدر قانون الإيجارات رقم 6 لعام 2001 الذي كان آنذاك ثورة في القوانين السورية التي حققت نص حرية الملكية الواردة في الدستور دون أي قيود، وليصبح العقد شريعة المتعاقدين، وعُدّل ليشمل المحلات التجارية، وبالتالي ألغي القانون 111 لعام 1952 .

وفي عام 2011 ومابعده ولتاريخه حدث خلل اجتماعي وسياسي واقتصادي كان متوقعاً، لكن ليس كما وقع فقد حدثت تطورات مختلفة عما حدث في مناطق أخرى من المنطقة العربية، مما أدى إلى حدوث نزوح لسكان مناطق (سميت بالمناطق الساخنة) إلى مناطق هادئة نوعاً ما وهذا النزوح جرى بعد 2012 بكثافة هائلة، لم تعد البيوت تستوعب الناس، فاستقبلتهم الحدائق والشوارع والجوامع والكنائس… إلخ. وهؤلاء المهجرون من بيوتهم قسراً وليس بإرادتهم نزحوا طالبين السكن ممن يملك منزلاً يريد تأجيره، ونحن نعلم أن التجار هم المالكون لأغلب الشقق الفارغة في البلد، كما أن تجار الأزمات استغلوا هذا الموضوع عن طريق المكاتب العقارية، واستغلوا حاجة الناس للسكن بأي شكل من الأشكال خوفاً من بقائهم في الشوارع وخوفاً من الموت، ورفعوا أجور العقارات إلى حدّ لايطاق، ورغم أن البعض (وهم قلة) قد رفضوا هذا الاستغلال، لكن كثيرين يمارسونه .

وليست المصيبة في الأجرة، وإنما في قيام المؤجر بتحديد عقد الإيجار بالأشهر فقط، ليطالب بزيادة الأجرة في نهاية العقد الشهري، واستغلال هذا البائس الذي فقد كل مايملك من شقة وأغراض منزله وملابسه.. إلخ.

والطامة الكبرى أن تكون مستأجراً بعقد إيجار طويل الأمد نوعاً ما، فيهددك المالك بأنه سيقوم باخراجك ورميك في الشارع إذا لم تزد الأجرة، وتقول له إن العقد لم ينته! يقول: لايهمني، ويهدد باللجان والبلطجية بأنهم من سيقوم بذلك، وبسبب سوء أحوال الناس النفسية وغياب القانون أو بالأحرى عدم وجود القانون يرضخون لهذا التهديد ..

وقلنا سابقاً إن هذا القانون كان ثورة بحد ذاته، لأنه حقق حرية الملكية وحرية التصرف بما يملك الفرد، لكن لابد من إيقاف الاحتكار وخاصة في الأزمة الكبيرة التي تعاني منها سورية كلها، وبالتالي كان حرياً صدور تعليمات تنفيذية جديدة من وزارة الإدارة المحلية فيما يتعلق بقانون الإيجار، بأن يحدد أقل أجل للعقد هو سنة ميلادية، كما يجب أن تقوم السلطة التنفيذية بتطبيق القانون وألا تتجاهل الموضوع وتترك الحبل على غاربه حتى يقوم الزعران والبلطجية واللجان الشعبية بتطبيق القانون، أي المطلوب تفعيل عمل الدولة وليس تسييبها أكثر.

هي دعوة من القلب إلى من يدّعون الوطنية، لأن الوطنية ليست هتافات، وإنما تطبيق بأن يشعر السوري بأخيه السوري في السراء والضراء، ولنقف كتفاً إلى كتف لنبني دولة مدنية!

 

العدد 1140 - 22/01/2025