صورة نمطية تعود في مشاريع جديدة
منذ زمن تكرست صورة نمطية للمرأة سادت في معظم دول العالم، تتعلق بالعمل الذي يجب أن تعمله ويليق بها وبمقدراتها التي تتحدد بمهن معينة تحت ذرائع المقدرات العقلية والاهتمامات وفيزيولوجية جسمها، وكذلك طبيعتها الأنثوية الرقيقة ومهامها كأم وزوجة!!
كل ذلك ساهم بتغييب المرأة عن الساحة العامة بالقوة التي يجب أن تكون عليها، ووضعها ضمن بوتقة من الأعمال بدءاً من الخياطة والتطريز والتجميل وصولاً إلى معلمة المدرسة والصيدلانية، أي أعمالاً بأوقات محددة ونطاق محصور مع أشخاص محددين بالشكل الذي لا يعيقها عن عملها الأساسي – بنظر المجتمع – وهو الدور الإنجابي والبيت والأسرة، وهذا تكرّس أيضاً من خلال المناهج التدريسية التي كانت تخصص ساعات للطبخ والتطريز والخياطة للفتيات في المرحلة الإعدادية يقابلها عند الذكور دروس الرياضة.. ومع محاولات قوية من الحركات النسائية توقفت تلك الحصص من المناهج الدراسية في السنوات الأخيرة، كي تبدأ خطوات باتجاه تغيير الصورة النمطية في بلادنا. هذه الخطوة بدأت منذ عقود في الدول المتطورة..وبدأت تدخل مفاهبم تتعلق بدور المرأة في الإدارة والبلديات والسياسة، وهذا بدا واضحاً من خلال مشاريع الـmam)) في سورية والمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، لكنها توقفت أو تباطأت لأسباب كثيرة، المهم أن الصورة بالفعل بدأت تتغير ولو بشكل خجول..
لكن للأسف بدأت تظهر هذه الأيام مشاريع تعيد تلك الصورة النمطية بقوة، وهي دعم النساء من أسر الشهداء وذلك بتمكينهن من اتباع دورات الخياطة والتطريز وإهدائهن ماكينات خياطة، يغطي المشروع 1000 سيدة على الأقل!! متجاهلين مشاريع أهم وهي تطوير مقدرات السيدات بحسب احتياجاتهن، إما بدورات الكمبيوتر أو الإدارة أو المشاريع الصغيرة، وتنمية مقدرات النساء الموهوبات، وكأنهم بهذه المشاريع قد فرضوا احتياجاً للنساء بحسب تصورهم النمطي، دون النظر إلى حاجة السوق أو المقدرات أو التنمية الحقيقية، فإن كانت هنالك مشاريع حقيقية للنساء فيمكن أن تكون مشاريع هادفة تنموية وليست ضمن الإطار الخيري أو الإحساني، وهذا يتطلب إعادة النظر بالمفاهيم مرّة أخرى، فالمرأة لن تعود إلى بوتقة الصورة النمطية بعد أن تقدمت خطوة الى الأمام، ومن هنا نطالب بمشاريع للنساء لا تأخذ بعين الاعتبار النمط القديم الخاطئ المتعلق بشكلها وجسدها بل بمقدراتها العقلية ودورها الحقيقي الإنتاجي مع كل الأدوار تماماً كالرجل، فلا يمكن للتنمية أن تكون حقيقية دون اعتراف بدورهما المتساوي معاً.