ابتعدنا كثيراً «جنود الله»
منذ عدة أعوام صدرت رواية بعنوان (جنود الله) لكاتبه فواز حداد، لقد قرأتها منذ عدة أشهر، وهي رواية تحكي عن الإسلاميين وحربهم في العراق ما بعد سقوط نظام صدام حسين الذي أفرز كماً هائلاً من الخراب على الأصعدة كافة تقريباً، في العراق ومجتمعه. فالأحداث التي تجري في الرواية تنفذ حرفياً الآن في سورية، بحرب الجهاديين والأصوليين، من تفجير واغتصاب واغتيال وفدية وخراب وتشويه وترويع وحتى الزواج لعدة أيام أو أشهر مدفوع القيمة أو بالتهديد والتخويف (التكبير). فكل ما يجري في سورية حالياً قرأته في تلك الرواية وأشاهده الآن يومياً على الأرض السورية، وشبهته بالمسلسلات التي تتألف من عدة أجزاء، فالجزء الأول بدأ في لبنان واستمرت حلقاته 14 عاماً، والجزء الثاني بدأ عند صدام حسين ما قبل سقوطه إلى الآن، مدة ذاك الجزء أكثر من عشر سنوات، والجزء الثالث بدأ في سورية منذ 2011 ومجموع الأبطال في الجزء الأخير كثر.. روسيا.. أمريكا، إيران، أوربا، الخليج العربي… والعصابة أو الأشرار في كل الأجزاء هم الشعب.
فالجزء الأول (لبنان) يوجد ما يسمى بالديمقراطية، بشكل لا بأس بها لكن ضمن سقف قانون وضعه أبطال المسلسل وقتذاك، وطبعاً الحريات في لبنان تعددية مترافقة مع النعرات الطائفية وبعض الاغتيالات السياسية. في الجزء الثاني (العراق) الديمقراطية جيدة ولكن ضمن قانون أحدث من الجزء الأول بما يتناسب مع التركيبة الطائفية والقومية الموجودة في العراق وسهلة الإثارة القومية والطائفية.
وصلنا إلى الجزء الثالث (سورية) وأمامنا عشرات السنين أيضاً، فليس من المعقول أن نكون أقل من جيراننا في هذا المسلسل الذي يطول سنوات كثيرة. ملاحظة أوردها هنا أن لبنان انتهى تقريباً بدمار في البنية التحتية والفوقية وأصبح غير قادر لسنوات طويلة على إعادة هيكلة الدولة والقوانين والأنظمة رغم وجود الحريات. وفي العراق مازال الدمار قائماً في البنية التحتية والفوقية، لكن بوجود شكل ما لكيان الدولة للحفاظ على شرعية الاستفادة من البترول. أما في سورية فالأضرار بالمقارنة مع حجم البلاد نحو 50% لأن الدمار طال تقريباً نصف البلاد، لذلك سوف يطول المسلسل لكي يشمل الدمار كل البلاد أو أغلبها، فالدمار للمناطق المنكوبة على الشكل التالي: حلب وريفها – ريف إدلب – حمص وقسم من ريفها – ريف دمشق – درعا وريفها – قسم من الرقة – دير الزور وريفها. والمناطق غير المنكوبة : مدينة دمشق – مدينة إدلب – مدينة حماه – السويداء – الحسكة – طرطوس – اللاذقية – القامشلي – مما يعني أننا سنشهد حرباً طويلة ولا نعرف من سيكون البطل أو من هم الأبطال، وطبعاً لا ننسى أن عصابة الأشرار الذين يجب أن يموتوا في نهاية كل مسلسل هم الشعب.