ارتفاع جنوني بأسعار العقارات ومواد البناء بالسويداء… والضحية المواطن

يبدو أن الأزمة وما أفرزته من مؤثرات اجتماعية وسياسية واقتصادية جعلت مجموعة من التجار يعملون ضد بعضهم بعضاً، ولكن على حساب المواطن الفقير. إذ إن ارتفاع أسعار الأبنية والعقارات، جعل تجار مواد البناء يرفعون أسعار موادهم بشكل جنوني، الأمر الذي أدى لانخفاض عمليات البيع إلى درجة متدنية، وترافق معها تدني القوة الشرائية، وعدم تمكن أصحاب الدخل المحدود من شراء منازل لهم أو دفع الأقساط المفروضة.

فقد برز مؤخراً، في ظل الأزمة التي تقع تحت ظلالها البلاد، تجار من نوع خاص في الجشع والطمع متناسين أن سورية هي بلادهم. إذ لم يقتصر الأمر على تجار المأكولات والخضار والفواكه، والمواد الأولية إضافة لتجار المازوت والبنزين، والطحين والسكر وكثير غيرها، مما يستخدمها المواطن يومياً، بل تعدى ذلك لتشمل العقارات والأبنية وموادها التي لم تكن بمنأى عن الأزمة، خاصة بعد الفورة الشرائية التي شهدها سوق العقارات بالسويداء في الفترة الأخيرة، التي يبدو حالياً أنها قد أخذت طريقها نحو الانحسار، لأن القادم من خارج السويداء يرى في شوارعها الرئيسية والفرعية مئات إن لم نقل آلافاً من الشقق على الهيكل. تلك الظاهرة العمرانية وفورتها غير المسبوقة جعلنا نقوم بزيارة لصاحب شركة (النسر) أنور طليعة وسؤاله عن ذلك فكانت الإجابة:

أولاً التحليق الجنوني وغير المسبوق لأسعار العقارات هو نتيجة لدخول عدد من المتسلقين والمتعطشين لحصد المزيد من الأموال إلى سوق العقارات، علماً أن 60بالمئة من هؤلاء غير منتسبين إلى نقابة المقاولين، إذ وصل سعر المتر المربع الواحد للعقار المشيّد على الهيكل إلى نحو 25 ألف ليرة سورية. طبعاً هذا السعر هو وسطي، وفي مناطق تقع على أطراف المدينة، الأمر الذي أدى إلى إحجام عدد كبير من المواطنين عن الشراء، وذلك لعدم توفر السيولة المالية. ولاسيما أن الراغبين في الشراء هم من ذوي الدخل المحدود. والذي زاد الطين بلة وخلق روح التردد بالشراء عند هؤلاء نضوب منابع التمويل الشرائي من المصارف وإنهاء عملية البيع بالتقسيط، مما أدى إلى إقفال سوق البيع والشراء العقاري لعدم تجرؤ المواطنين على الشراء. كما لوحظ ارتفاع أسعار مواد البناء وتحليقها عالياً، إذ وصلت نقلة الرمل 20 متراً إلى نحو 40 ألف ليرة سورية، وكذلك نقلة البحص. أما طن الحديد فقد وصل إلى أكثر من 60 ألف ليرة سورية. بينما بلغ سعر طن الأسمنت في السوق السوداء نحو 11ألف ليرة سورية، مما خلق حالة من العجز المادي عند عدد كبير من المقاولين وأوقفهم عن إكمال مشروعاتهم. ناهيك بارتفاع أسعار مواد الإكساء التي وصلت إلى 200بالمئة طبعاً.

 ما ذكر آنفاً أوقف زحف الأبنية العقارية، وتالياً (فرمل) عملية البيع والشراء. فهناك نحو 13 ألف شقة على الهيكل بسبب حاجتها لقمصان أسمنتية، إضافة إلى وجود ستة آلاف شقة مبيعة، إلا أن أصحابها لم يعد في مقدورهم إكساؤها نتيجة لتوقف القروض، وإحجام المواطنين عن شراء الشقق بسبب توقف البيع بالتقسيط. وكان سابقاً يقسط ثمن العقار للمشتري إلى مدة قدرها 10 سنوات.. وكلنا يعرف الآن أنه ليس في مقدور أحد أن يقوم بالدفع النقدي لشراء شقة، مما أدى إلى إدخال سوق العقارات حالياً في السويداء في قائمة المجمدات العقارية.

في ظل الوضع المتردي وانشغال الجهات الرسمية بتأمين المواد الغذائية للمواطنين، هل نقف مكتوفي الأيدي أمام جشع التجار، ونجعلهم يتاجرون بنا عند كل أزمة تجتاح البلاد؟ ورياح الأزمات بات يدق مضاجع جميع قطاعات الدولة الخاصة والعامة؟

ألا يحق لصاحب الدخل المحدود أن يخرج بعد خدمة ثلاثين عاماً في الدولة بمنزل يكون سترته في كبره، هذا إذا ظل حياً للتقاعد، دون إصابته بجلطات الأسعار وارتفاعها اللامحدود؟

والسؤال الأهم: أين اتحاد السكن التعاوني عن تحقيق المطلوب منذ عقود طويلة، كي يتم ملء الفراغ المطلوب وحاجة المواطنين؟

إلا أن تجار الأزمة هم أنفسهم من عملوا على نشر الفساد، وتحكموا بمصير الكثير من أصحاب الحاجة، وها هم أولاء اليوم يعملون على خلق اختناق في السكن وابتزاز الناس بهدف طمعهم اللامحدود. والأهم أن الجهات الرسمية تقف على الحياد من قضايا المواطنين…فذكّر علّ الذكرى تنفع!

العدد 1140 - 22/01/2025