سورية لا تتحفظ على القرار 2118 بل ستشترط عدم التحفظ عليه… وبوابة جنيف مازالت مغلقة

أكدت سورية على مختلف مستوياتها القيادية، وبضمنهم السيد الرئيس بشار الأسد نفسه، أنها لا تحفظات لديها على قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، والذي صدر بإجماع أعضاء المجلس،  وخلق انفراجاً ما في الوضع المرتبك في المنطقة كلها.

لكن القرار الدولي الذي تكاد تنحصر قراءاته الإعلامية و السياسية العالمية بالجانب المتعلق بتخلي سورية عن الأسلحة الكيميائية، يحوي  معطيات أخرى ورؤى دولية قد تكون أكثر تعقيداً أو إثارة للجدل من مسألة السلاح الكيماوي. رغم أن صياغة القرار وتراتبية فقراته، تشير بوضوح أن الأسلحة  الكيميائية هي محوره الأساسي، وهذا من طبيعة الأمور.. فمجلس الأمن تداعى إلى جلسته التي صدر فيها القرار لتدارُكِ إمكان تعرض سورية لعدوان أمريكي، بذريعة استخدامه السلاح الكيميائي في الصراع القائم حالياً.

الجانب المتعلق بالسلاح الكيميائي الذي قلنا إنه هو الجانب الأهم أو الأخطر أو الأساسي أو … مهما كان يحتل من فحوى القرار.. هو الأسهل. وتبعاته تقنية إلى حد كبير، رغم ما احتواه القرار من احتياطات وضمانات ردعية وغير ردعية لتنفيذه.

سورية المعنية أولاً بهذه الضمانات الردعية، كما تشير قراءات المتابعين والمعنيين، هي التي توجهت إلى التفكير التلقائي بالتخلي عن السلاح الكيميائي لديها، درءاً للعدوان الأمريكي الذي كان مزمعاً عليه. وهو ما ظهر على شكل مبادرة روسية وافقت عليها سورية على الفور. وبالتالي ليس ثمة ما يشير إلى أي تردد سوري في تنفيذها لهذا الجانب من القرار. لكنها ومن خلال استقبالها بالقبول الإيجابي للقرار بما أظهرها، وكأنها ترى فيه انتصاراً لروسيا الحليفة ولها، لا بد أنها تنظر بجدية إلى ضرورة تنفيذ ما نص عليه الفرار من جوانب أخرى و منها – وانا أقتبس من النص الرسمي للقرار-:

– الالتزام القوي (وفق نص القرار) بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها وسلامة أراضيها.

– الحل الوحيد للأزمة الراهنة في الجمهورية العربية السورية، عملية سياسية شاملة بقيادة سورية على أساس بيان جنيف حزيران 2012. ويؤكد القرار التأييد الكامل للبيان المشار إليه.

–  يذكّر القرار بما نص عليه بيان جنيف ،2012 من عقد مؤتمر دولي تحضره جميع الأطراف، يفضي إلى حكومة انتقالية تضم أعضاء من الحكومة الحالية.

– يمنع القرار أي طرف من إنتاج أو استخدام السلاح الكيميائي.

– يمنع القرار جميع الدول من تقديم أي شكل من أشكال الدعم للجهات غير التابعة للدولة، التي تحاول استخدام أو تصنيع أسلحة الدمار الشامل.

من الطبيعي الآن أن نسأل: هل ستتردد سورية لحظة واحدة عن إثارة تدخل دول الجوار وغير الجوار بشؤونها بحجة دعم المعارضة بما يتعارض كلياً مع (الالتزام القوي) بسيادة الدولة واستقلالها وسلامة أراضيها؟ كما أنها لن تتردد في إظهار ما لديها من وثائق تشير إلى تسرب السلاح الكيميائي إلى المسلحين من دول محددة واستخدام هؤلاء المسلحين لها.

توجه العالم بعد القرار إلى حالة تنفس ملء الصدر، يتيح لسورية أيضاً أن تطرح قضيتها دون خجل من جنيف أو غيره.

العدد 1140 - 22/01/2025