بين الحب والخيانة.. يحدث الكثير

هذه أيامنا تمر ولا نستطيع إدراك سعادتها، ليكون لنا الحب المنقذ الوحيد لهذه السعادة الضائعة في كهوف الماضي.

الحب.. لا يستطيع أحد أن يفسره ما لم يكن قد عاش فيه جسداً وروحاً.. قد بلغه إلى مالا نهايته، تعايش معه بكل ظروفه، أحب ممارسته بكل تفاصيله، بعض من عاش تجربته قال فيه: بأنه ذكرى ومجرد ماضٍ حزين عن قصة حب ضحّى من أجلها الكثير، وانتهت بمأساة نفسية، نهاية لم تكن في الحسبان، نهاية لم يكن قادراً على تحمّل نتائجها، بعد أن آذت روحه وكل كيانه، وتركته بين خفايا المستقبل منكسراً ضعيفاً، غير قادر على النهوض بعد أن وقع ضحيته مهزوماً…تلاشت أمامه كل الأمنيات، وحلّت مكانها كل الآلام، آلام قلب محطم قد ذاق مرارة الغدر والقسوة وصعوبة النسيان، يقول لسان حاله: تعلمت من هذا الزمان أن لا شخص يستحق الأمان، فمن أعطيته ثقتي خدعني، ومن وهبته حياتي قتلني، ومن عشت لأجله عاش لغيري، فكيف أعيش بقلبي هذا بين أناس دائماً يخونون؟

تتكرر مثل هذه الحالات في مجتمعنا والضحية شابّ أو فتاة.. وما ينتج عن هذه الحالة هي فقدان الثقة بالنفس وبالآخرين، هي لا تؤذيهم فقط بل تؤذي من حولهم، فعندما يفقدون ثقتهم يصعب إيجادها مجدداً، فالنسيان يحتاج إلى وقت طويل وجهد أكثر لبداية جديدة بعد نهاية مؤلمة..

اخترت أن أذكر قصة شاب آذته الحياة وغدرت به فتاةٌ أحبها.. فبالرغم من ظلم الرجل للمرأة في أغلب الأحيان إلا أن نسبة ظلمها له ضئيلة ولكن نتيجتها كارثية، لأن المرأة عندما يظلمها الرجل يكون نسيانها سهلاً، وغفرانها له من عظائمها، ولكن إذا ما حدث العكس وظلمته هي وتعرض للخيانة بعد أن عشقها وضحى من أجلها، فما الذي يصيبه؟ عنفوانه وكبرياءه لا يسمحان له بالنسيان، فعندئذٍ قد يفقد ثقته بكل نساء العالم، وتكون نتيجة هذا الأمر عظيمة، فلن يؤذي نفسه فقط،بل سيؤذي المجتمع حوله، ربما هو الانتقام ما يفكر فيه أولاً؟ أو عدم الثقة بالأنثى ثانياً؟ إهانة من يصادفه من نساء ثالثاً؟ وهذا يسمّى في مجتمعنا: (معقّد) من النساء.

كان هذا جواب محمد عندما سألته عن المرأة بشكل عام، وهو صاحب تجربة مريرة مع الحب والتضحية والخيانة في هذه الأزمة التي عكست عليه الأمور وكانت سبباً مباشراً لخيانة زوجته، بعد أن قرر السفر بها إلى خارج البلاد، وهناك غدرت به وتعرفت على آخر اتخذته بديلاً له، فعاد وحيداً إلى بلده فاقداً ثقته بالنساء كافة، آخذاً انطباعاً سلبياً لم يتمكن من تغييره، واصماً كل النساء بالخيانة.. للأسف.. حالة محمد لم تكن الأولى ولا الأخيرة في ظل هذه الأزمة.. فنحن نسمع كثيراً عن قصص أزواج تفرقوا في بلدان أخرى بعد سفرهم.. فكانت الغربة ليست كربة فقط.. بل مفرقة وسبباً لكثير من حالات الطلاق بعد زواج دام لسنوات…

لا أريد أن أضع الحق كله على المرأة في هذا كما يزعم الرجل.. ولكن ربما في بلد كبلدان الغرب يحقق للمرأة ما تطلبه ولها حقوقها وأكثر، كان للمرأة العربية أو السورية موقف آخر في هذا، فهي قد أحست بمدى ظلم الرجل لها وهو في إطار التقاليد الباليه التي يمضي وراءها.. وهو بنظر نفسه الرجل الشرقي المحافظ على زوجته مهما كلفه من أساليب..

الأنثى ياعزيزي الرجل لا تحتمل التقييد.. أو الأسر أو الظلم.. كما أنك أنت أيضاً لا تحتملها.. حاول أن تعتبرها جزءاً منك.. عاملها كما أنت تحب أن تعامَل.. أعطها حقها كما أنت تمتلك حقاً تدافع عنه إذا ما أخذه أحدٌ منك..

آدم.. حواء.. أكملا أحدهما الآخر.. في الحب والمساواة بينهما..

سألت محمد مرّة: ما الذي يخيفك في هذه الحياة؟ فأجابني بسرعة أدهشتني وأزعجتني في الوقت نفسه، حين قال: (النساء).. الرجل في طبيعة ذكوريته لا يسمح للزوجة أو الحبيبة الانتقاد، أو الملل، أو الشعور بالكراهية نحوه في بعض الأحيان، فإذا ما حدث شيء من هذا فالكارثة حتماً ستكون، على عكس المرأة فعندما ينتقدها الرجل بشيء قد أخطأت به فتتقبل، وإذا أشعرها بأنها مملة بعض الشيء فتقوم بتغيير سريع في روتين حياتها وكلامها وملابسها… إلخ.. وإذا شعرت ببعض الكره اتجاهها نتيجة لتصرفاتها فلا تسمح بذلك، إذ تكون في مظهر متجدد أمامه دائماً.. تريه بأنها الأجمل والأحسن بين النساء، وإذا أهانها تسامحه بفعل الأنوثة لديها، والحنان المكون في شخصيتها، فلا مكان للحقد في قلبها فهي سريعة النسيان، فأين الرجل من كل هذا؟ لا أريد أن أجزم وأعمم، ولكن للأسف هذا ما يحدث!

العدد 1140 - 22/01/2025