أعياد للزمن القادم

ماذا نفعل، إذا كان ثمة عيد واحد للحُب، وأعياد كثيرة للقتل؟!

ماذا نفعل؟

هذا السؤال طرحه ببراءة الشعراء ونبوءتهم شاعر سوري جداً اسمه رياض الصالح الحسين، مات قبل الحرب بتسعة وعشرين عاماً، وما زال السؤال جاثماً على أيامنا وليالينا:  ماذا نفعل؟

ولأننا قوم نحب الأعياد والمناسبات الوطنية والقومية والدينية والما قبل تاريخية، وننكش أعياداً من تحت الأرض إن لم نجد منها فوق الأرض، فيها يسعد التجار لأن بضاعتهم الكاسدة من ألبسة وحلويات وهدايا تباع في ظل الإقبال المنقطع النظير على شراء مستلزمات العيد، والمواطنون الأوادم أيضاً يفرحون لأنهم يزورون الأهل والأقارب ويعطلون عن العمل يوماً أو أياماً حسب أهمية العيد وعمقه التاريخي والديني، رغم غصتهم بتأمين طلبات العيال وتوزيع العيديات على أولاد الأقارب، لكن عزاءهم في ذلك أن هؤلاء الأقارب أيضاً سيقومون بتوزيع عيديات على أولادهم يعني (من دهنو سئيلو)، أما عن فرح الأطفال فحدث ولا حرج، وفرح المراهقين وطلاب المدارس لا يتسع له ميزان ولا قبان، عطلة ومشاوير وجيوب مليانة نسبياً.

لأننا كذلك، ولأن الأعياد القديمة السائدة صارت باهتة ولا تحرك مشاعر الناس، كما يجب، أقترح مجرد اقتراح، وبعض الاقتراح ليس إثماً، إضافة أعياد جديدة تناسب الظروف التاريخية الصعبة والمعقدة التي تمر بها أمتنا السورية، وتخلد أيامنا البهيجة هذه.

ولأننا بدأنا نشهد فتح بعض طرقات دمشق وشوارعها أمام السيارات والمشاة بعد إزالة الحواجز والكتل البيتونية، أرى أن يخصص عيد لكل منطقة يزال منها حاجز ويفتح الطريق فيها، فيكون عيد كفرسوسة مثلاً بفتح طريق المجتهد – كفرسوسة الذي حصل منذ فترة، ثم تتالى الأعياد فيكون عيدٌ للطبالة، وآخر للتضامن والمزة بفيلاتها وأتوتسترادها، والقابون وغيرها من بقاع الشام السعيدة.

هكذا تصبح لدينا دزينات من الأعياد يمكن دمجها لاحقاً لتصبح دزينة أو أقل، نعيد فيها سيرة الحب، من مسيرات فرح وبهجة، وتعطيل المؤسسات ودوائر الدولة والمدارس والجامعات، واستنفار التلفزيون والإذاعة لنقل مظاهر الاحتفال.

ثم ننتقل إلى المصالحات التي بدأت تتسلل إلى الأحياء المحاصرة والمدمرة التي نزح منها أهلها، ولنسمِّها أعياد العودة، فيصبح للأحياء والمدن أعياد عودة أهلها إليها ولو كانت أنقاضاً، ويتم إعادة (فرمتة) الأعياد كل فترة لئلا تصبح كل أيام السنة عطلاً رسمية، وتتوقف عجلة العمل والإنتاج عن الدوران، إذ يجب أن ندفعها لتصير أسرع وأسرع.

وهناك اقتراح قد لا يعجب الكثيرين، لكن بعد النظر والحرص على مصلحة الاقتصاد الوطني يتطلب التوقف عندها وتدوينها في تاريخنا المجيد، لتصبح أعياداً ومناسبات سعيدة سيعرف أهميتها وقيمتها المعترضون لاحقاً، لأنهم قصيرو نظر، وحالما يحسون بدفئها ونجاعتها سيقتنعون بالاحتفال بها ويستلمون رأس الدبكة في احتفالاتها، وأقصد قرارات رفع الدعم ـ جزئياً وكلياً ـ عن المواد الغذائية وغير الغذائية الأساسية لجماهير الشعب، مثل الخبز والمازوت والبونات وغيرها.

أخيرا وليس آخراً أقترح أن تخصص أيام لنجاح بعض المواطنين الأشاوس في الحصول على فيزا لدول أوربية إمبريالية، تتيح لهم خروجهم من حضن الوطن الدافىء إلى تلك البلاد الباردة، لتمنحهم حكومات تلك البلاد مسكناً وغذاء ودواء وتعليماً لأطفالهم، وهم يجلسون في بيوتهم يدخنون الأراكيل ويلعبون الشدة ويتفرجون على القنوات الفضائية وغير الفضائية، ويفتحون الإنترنت مجاناً ليحكوا مع أهاليهم ومحبيهم ويقولوا لهم: ليتنا بقينا في جحيم البلد ولم نقطع الفيافي والبحار، وندفع للمهربين والتجار، لنصل إلى هذه (الجنة!!). وفي القادم من الأيام يمكن إتاحة متسع من الوقت والمسافة لاكتشاف المزيد والمزيد من الاقتراحات، من خلال فتح موقع تفاعلي يستقبل آراء الإخوة المواطنين واقتراحاتهم، بإضافة ما تيسر من أعياد لنعيش في سبات ونبات، وننجب البنين والبنات.

والله من وراء القصد

العدد 1140 - 22/01/2025