صادراتنا.. أين كانت.. وإلى أين تتجه؟!
تلعب الصادرات دوراً هاماً في الاقتصاد الوطني، فهي تعد أحد مصادر الدخل القومي الهامة، فتعمل على خلق فرص عمل جديدة، وإصلاح العجز في ميزان المدفوعات، وجذب الاستثمارات وزيادة تدفق الرأس المال الأجنبي إلى داخل البلد، أي أنها تقوم بدور في التنمية الاقتصادية، كما تشير زيادة الصادرات وتنوعها إلى تقدم البلد في المجالات الصناعية والزراعية المختلفة، فالتصدير مرهون بوجود سلع ومنتجات تتوافق مع المعايير الدولية وتلبي احتياجات الأسواق المستهدفة، بأسعار منافسة للسلع والمنتجات المماثلة مع أي بلد من البلدان الأخرى.
وقد أثبتت العديد من دول العالم الدور الهام الذي يساهم به التصدير في نمو هذه المجتمعات وارتقائها، الذي ينعكس في الارتباط المباشر بين النشاط التصديري والناتج المحلي لتلك الدول، فمثلاً استطاعت دول مثل كوريا، وتايوان من خلال التصدير تحقيق نمو سريع في العمالة وصلت إلى حد التشغيل الكامل، وتلافت مشاكل البطالة، وتفرغت بالتالي لإعادة تأهيل قوة العمل بها لأنشطة أكثر إنتاجية وكفاءة، ولكن أين صادرات سورية من كل ذلك؟ وما هو وضع تجارتها الخارجية؟!
لقد كانت تجارة سورية الخارجية وماتزال تعاني خللاً واضحاً، إذ تميزت التجارة الخارجية بتركز سلعي في جانب الصادرات، كسلع أولية أو استخراجية، مقابل مدى واسع من المستوردات الاستهلاكية والاستثمارية، فصدّرنا العديد من منتجاتنا مواد خاماً كالقطن مثلاً، على الرغم من أن قيمته المضافة تزداد 15 ضعفاً من تصديره مغزولاً عن قيمته عند تصديره خاماً، ويزيد 30 ضعفاً عند تصديره نسيجاً، وغيره الكثير من السلع
فبلغت نسبة المواد المصدرة خاماً لعامي2009 فبلغت نسبة المواد المصدرة خاماً لعامي 2009، 2010 على التوالي 43.32%، 49.46% مقابل 16.62%، 12.31% للصادرات نصف المصنعة وأيضاً 40.06%، 38.23% للمواد المصنعة للفترة ذاتها «الجدول المرفق رقم1»، فأدى ذلك إلى ربط الاقتصاد الداخلي بالمؤثرات والمتغيرات العالمية المتعلقة بالعرض والطلب من هذه السلع، أيضاً أدى لعجز الميزان التجاري في السنوات السابقة نتيجة الفجوة الكبيرة بين الصادرات والواردات، فعام 2010بلغت صادراتنا 569064 وفي 2011 بلغت 505107 وكانت مستورداتنا في ذات العامين 812209، 964928 على التوالي. «الجدول المرفق رقم2».
فمنذ عام 2005 بدأ الاقتصاد السوري يتحول إلى اقتصاد شبه استهلاكي يعتمد بنسبة لا يستهان بها على الاستيراد، وحسب دراسة لهيئة تنمية وترويج الصادرات بعنوان «تحليل التجارة الخارجية في سورية 2006 ـ 2012» ارتفعت درجة انكشاف الاقتصاد السوري على الخارج بشكل واضح في الفترة 2000 إلى 2010، فبعد أن كانت تشكل 48% عام 2006 وصلت إلى 62.12% عام 2010، ليشهد عاما 2011 و2012 تراجعا في معدل الانكشاف الاقتصادي إلى 41.2% و32.7% على التوالي، مسندة هذا التراجع إلى تراجع عام في الأهمية النسبية للتجارة الخارجية السورية من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة تأثير الأزمة الحالية التي تشهدها سورية على التجارة الخارجية.
أما ربحية الاقتصاد السوري فكانت سلبية خلال الفترة 2006- 2012 على التوالي 28.1 و25.7 و27.9 و26.2 و22 و11.3 و0.1 «سالبة» -وفقاً للدراسة- وكان هناك خسارة من التجارة الخارجية، إذ إن القيمة المضافة التي تحققها الصادرات السورية تنخفض مقارنة بالقيمة المضافة المستوردة، وبالتالي فإن ربحية الاقتصاد السوري كانت سلبية خلال فترة 2006- 2012، وأظهرت الدراسة تراجع الصادرات الإجمالية لسورية بصورة حادة عام 2009 إذ بلغت قيمتها 9.69 مليارات دولار مقارنة بـ14.38 مليار دولار عام 2008 بنسبة انخفاض 32.58%، وفي عام 2010 بلغت قيمتها 11.35 مليار دولار، لتنخفض مجدداً إلى 7.21 مليارات دولار عام 2011، على حين شهدت الصادرات عام 2012 أكبر نسبة تراجع إذ بلغت قيمتها 185 مليون دولار أي بنسبة انخفاض 97.4% نتيجة الدمار الكبير الذي تعرضت له البنى التحتية والتجهيزات الصناعية وتوقف عدد كبير من الشركات عن العمل.
فقد أدت الأزمة إلى تراجع حجم التجارة الخارجية في الفترة بين الربع الأول من 2011م والربع الأول من 2013بنسبة 95% بالنسبة للصادرات، و88% بالنسبة للواردات، حيث أفاد تقرير لهيئة تنمية وترويج الصادرات بتراجع قيمة الصادرات السورية الإجمالية (النفطية والسلعية) في فترة الأزمة من 1,9 مليار دولار في الربع الأول من 2011م إلى 94.7مليون دولار في الربع الأول من 2013م، بنسبة تراجع بلغت 95%، وبلغت قيمة الصادرات السورية خلال الربعين الأول والثاني من العام الماضي وفق الهيئة حوالي مليار ليرة سورية.
كما أن نسبة المستوردات السورية من المواد الخام انخفضت بشكل واضح نتيجة لتداعيات الأزمة التي أدت لتراجع العملية الإنتاجية، وبالتالي اقتصرت المستوردات على الحاجات الأساسية للمواطنين من السلع المصنعة، بالمقابل تضاعفت مستوردات السلع الاستهلاكية نظراً إلى الحاجة الماسة لتلبية حاجات السوق الأساسية بسبب التراجع الكبير في الإنتاج السلعي المحلي، فنتج زيادة نسب تصدير المواد الخام.
ومن أهم أسباب تدهور الصادرات السورية تدمير قدرة سورية الإنتاجية، فتدهورت عملية الإنتاج وارتفعت تكاليفها إضافة إلى تعطيل الطرق التجارية والعقوبات الاقتصادية التي فرضها المعسكر الغربي ومشايخ الخليج وتركيا، فبات الاستيراد صعباً، بسبب العقوبات وارتفاع أسعار الشحن والتأمين على البضائع التي تتأثر أجورها بالنزاعات والحروب بشكل مباشر، ومن جهة أخرى تشددت المصارف في تقديم التمويل للتجارة الخارجية وقلصت من الفترات المتاحة له.
وكخطوة لكسر حاجز العقوبات اتبعت الحكومة سياسة التوجه شرقاً، ولكنها فشلت في تحقيق ذلك على أرض الواقع إلا في الحدود الدنيا، فكيف ننجح في التوجه شرقاً من دون قطاع عام نشط، ومع وجود بعض الفاسدين الرافضين لهذه السياسات.
واليوم المطلوب رسم سياسات لإعادة تدوير عجلة الإنتاج في المجالين الزراعي والصناعي في القطاعين العام والخاص، مع وضع خطط لحماية المنتجات الوطنية وتأمين قدرة تنافسية عالية لضمان استقرار منتجاتنا في أسواق التصريف، مع التأكيد على ضرورة مراجعة التشريعات القانونية التي تعيق تنمية الصادرات وتحديثها، والعمل على تقديم مزيد من الدعم الحكومي لبعض القطاعات الانتاجية.
وضع استراتيجية وطنية للتجارة الخارجية تسهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني والاستفادة من ميزاته النسبية، وذلك بمواءمة أدوات السياسة التجارية مع التحديات الاقتصادية على المستوى المحلي والعالمي، وتوسيع قاعدة الشركاء التجاريين، بما ينعكس إيجاباً على تحسين مستوى معيشة المواطن ورفاهيته، ويقلص معدلات البطالة المرتفعة
إيجاد شركات تسويقية متخصصة محلية ودولية تعمل على دراسة الأسواق الجديدة ووضع الخطط لدخولها مع السبل للمحافظة على أسواقنا الحالية وتطوير تعاملنا معها.
إن إعادة تأهيل الاقتصاد السوري اليوم شرط ضروري لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية وبغية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. فهل المعنيون لديهم الرغبة الجادة في ذلك بعيداً عن الشعارات الرنانة..؟!
الجدول رقم «1»
الصادرات والمستوردات حسب الكتل الدولية خلال عامي 2010 – 2011 «القيمة بملايين الليرات السورية»
الكتل الدولية
المستوردات
الصادرات
2010
2011
2010
2011
البلدان العربية
120593
131534
228063
199844
دول الاتحاد الأوروبي
211841
270420
212691
201424
دول أوروبية أخرى
120352
164091
5118
6009
البلدان الأمريكية
77575
72835
21237
19420
بلدان آسيوية مختلفة
271522
311449
50318
43698
دول إفريقيا
3263
4696
2028
1982
دول أوقيانوسيا
3210
4205
103
92
بلدان أخرى
3853
5698
49505
32637
المجموع
812209
964928
569064
505107
السعر الرسمي للدولار عام 2010 (46.70) ل.س للاستيراد و(46.50) ل.س للتصدير
وفي عام 2011 (48.56) ل.س للاستيراد و(48.10) ل.س للتصدير
الجدول رقم «2» الصادر عن المكتب المركزي للإحصاء
تركيب الصادرات حسب طبيعة المواد للفترة 2005-2010 بملايين الليرات السورية
السنة
خام
نصف مصنوعة
مصنوعة
المجموع
القيمة
النسبة%
القيمة
النسبة%
القيمة
النسبة%
2005
257,503
60.69
64,321
15.16%
102,476
24.15%
424,300
2006
239.211
47.37%
72.271
14.31%
193.530
38.32%
505.012
2007
256.688
44.33%
87.507
15.11%
234.839
40.56%
579.034
2008
287.808
40.66%
140.864
19.90%
279.126
39.44%
707.798
2009
211.564
43.32%
81.161
16.62%
195.605
40.06%
488.330
2010
281.467
49.46%
70.040
12.31%
217.557
38.23%
569.064
المصدر: المجموعة الإحصائية 2007 و2008 و2009 و2010 و2011.