نشرة فنية

وهي غير النشرة الفنية (الكاتالوغ) المرفق بالأجهزة الجديدة، هذه النشرة التي تحاول قراءتها عند اقتناء الجهاز، ثم سرعان ما تملّ وتعجز عن فهمها، لتلجأ إلى سؤال أصحاب الخبرة في طريقة الاستعمال تاركاً هذا ( اللعي) للأغبياء الذين سخّرهم الله لنا، فاخترعوا الجهاز وصدّروه لنا جاهزاً مغلّفاً مع قِطعه التبديلية اللازمة عند الصيانة..

هذه نشرة أخبار موجزة عن بعض أهل الفن، عن فنانات دخلن التاريخ من أوسع أبوابه: (الفيديو كليب)، وأصبحن تراث الألفية الثالثة وما قبلها…لنقل إنه تغيير جو، أو استراحة غنائية كما  تسمي الإذاعة الفترة بين برنامجين حين تملأها بعدة أغانٍ…

***

عُيِّنت الآنسة هيفاء وهبي مؤخراً سفيرة الاتصالات للقضايا الإنسانية  في وزارة الاتصالات اللبنانية، على أن تشارك في حملات إعلانية، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بهدف التنبيه إلى خطورة استعمال الهاتف أثناء قيادة السيارة سعياً إلى الحد من الحوادث المرورية الناجمة عن ذلك…

نقولا صحناوي وزير الاتصالات اللبناني، الذي أراهن أن معظم القراء لا يعرفون اسمه، وأنه سرعان ما سيدخل عالم النسيان بعد قراءة هذه المقالة، كان في وضع لا يحسد عليه، وهو يجلس إلى طاولة واحدة مع الهيفاء، في المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان الشراكة مع النجمة العالمية.

برر الوزير اختيار وهبي سفيرة للاتصالات للقضايا الإنسانية بعوامل عدة، منها (جمهورها الواسع وقدرتها على التأثير وإيصال الرسالة، وتواصلها مع جمهورها عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي) شاكراً لها (تقديمها وقتها لهذا الغرض من دون مقابل).

الأسئلة والفلاشات وال (زوم إن) انهالت على الفنانة الشاملة (ترقص وتغني وتمثل)، فيما بقي الوزير طويلاً ينتظر أسئلة تجبر خاطره وتذكّر بوجوده….

هيفا من جهتها بدت أكثر من مقنعة للسائقين الطائشين الذين يثرثرون على الموبايل خلال قيادة سياراتهم.. وأوضحت أنها تتولى (الجزء الجماهيري من هذه الحملة). وتابعت: (أتمنى أن أتمكن من إيصال الرسالة والنصيحة بطريقة مقنعة، وسأبدأ مني ومن محيطي وصولاً إلى النداء العام الموجه إلى كل الناس وكل الشباب، وآمل في أن أحدث فارقاً).

وقالت – لا فض فوها – إن الرد على الموبايل ليس أهم من حياتنا سواء كان (مسج) أو مكالمة مهما كانت ضرورية، فهي (ما بتستحئ تموت أرواح مشانا)..  وأجزم أن هيفا ستحدث فارقاً، وقد أحدثت في المؤتمر. . بل أجزم أن أداءها سيكون لافتاً وناجعاً، رغم أن الكثيرين يعتبرون هيفا أحد أسباب ارتفاع عدد حوادث السيارة، خاصة أن معظم السيارات أصبحت مزودة بشاشات عرض تكاد تقتصر (معروضاتها) على كليبات الهيفاوات…

حضرت إلى الذاكرة الحملات العديدة والمكلفة لمكافحة التدخين أو الدفاع عن البيئة والتشجير، ومكافحة التصحر وتوفير المياه والكهرباء وتنظيم النسل….الخ.. كيف لم يخطر ببالهم استقدام واحدة من عيار الهيفاء بدلاً من البوسترات والبروشورات الباهتة، التي تكون في معظمها تنفيعة لمجموعة كبيرة تبدأ من الآمر بالصرف، وتنتهي بالمستخدم مروراً بالمصمم والمخرج والمطبعة ووووو…، وسرعان ما يصبح الموضوع طي النسيان، وينام البوستر في أقبية الوزارة.

***

أغنية أليسا الجديدة (تعّبتني) تكرس نموذجاً جديداً قديماً في عالم (الفيديو كليب) يمكن أن نسميه (الغناء البنيوي)، إذ يجري تصوير الجزء الأكبر من الكليب في البانيو.. جديد بسبب السحر الذي يطغى على الكليب، حتى يكاد المشاهد لا يحتاج إلى التمعن في كلمة أو لحن، وقد خطر للعبد لله أن يتمعن في كلمات الأغنية ومدى ارتباطها ب (أحداث) الكليب، فلم أجد فيها كلمة واحدة لها علاقة بالماء أو الصابون آو الشامبو أو مستلزمات الحمّام الأخرى، ولا كلمة توحي بوجود نية للاستحمام مثلاً بعد يوم عمل شاق أو معركة ظافرة… ويبدو أن هذا الأمر يخفف التكاليف، فلا داعي لمؤثرات وتقنيات وكومبارس وخدع..  فقط يترك هامش واسع للمناورة أمام (الكاميرات الذكية)، لتلعب بخيال المشاهد حين تتركه على الحواف الخطرة للجسد، فمشهد انسدال الرداء على الأرض، وانحساره عن سهوب الجسد الصقيل مثلاً يكاد يكون فتحاً سينمائياً (آو تيليسنمائياً) مدهشاً يعادل مشهداً لمعركة ك(واترلو) مثلاً ربما يكلف الملايين… ولطالما كان حمّام النساء مصدر إلهام للفنانين والسينمائيين بوصفه مكاناً مليئاً بالغموض والسحر وتفجير ينابيع المخيلة الذكورية..

 أداء أليسا ولمسات الكاميرا المرافقة للأغنية تجعل من الأغنية – كلماتٍ ولحناً – أشياء نافلة في الكليب، تستطيع مثلاً أن تطّلع عليها من اليوتيوب، وتكتشف أن أي كلام  يصلح لعمل أغنية كليبية (تضرب)، بشرط أن تكون الفنانة من نمط أليسا، والطاقم الفني يمتلك مهارة صنع (فيلم ثقافي) بلغة أشقائنا المصريين..

العدد 1140 - 22/01/2025