مؤسسة المياه بطرطوس… عمل دائم واستثمار للخبرات المحلية يوفر الملايين
تعد كميات الأمطار التي هطلت العام الماضي 2014 وازدياد عدد سكان طرطوس بعد (الطفرات) التي حدثت في التوسع العمراني، إضافة إلى توافد عدد غير قليل من أبناء المحافظات الأخرى بسبب الأزمة، من أهم العوامل التي تسببت في اختناقات وإرباكات في إيصال مياه الشرب إلى بعض المناطق والبلدات، كما بدا واضحاً في جرد القدموس والعنازة وعدد قليل من قرى الشيخ بدر وريف صافيتا.
لكن، وللحقيقة والأمانة، فإن ما قامت به مؤسسة المياه بطرطوس على مختلف المستويات يستحق التقدير، فالمؤسسة وبالرغم من كل الظروف الصعبة التي ذكرتها، إضافة إلى الحصار الجائر الذي حال دون تبديل بعض قطع الغيار وصيانة بعض المضخات والشبكات، إلاّ أن هذا لم يحُل دون استنفار كل الطاقات والخبرات في المؤسسة للإقلال من معاناة المواطن في طرطوس.
وللوقوف على حقيقة المشاريع والأعمال التي قامت بها المؤسسة، والتي تنوي القيام بها، كان لنا هذا اللقاء مع المدير العام لمؤسسة المياه بطرطوس المهندس نزار جبّور.
اختناقات وحلول
تحدث المهندس جبور عن الواقع المائي في العام الماضي قائلاً: في البداية وكي أكون صريحاً معك لا بد من الاعتراف بأنه كان لدينا اختناقان مهمان، الأول في ريف القدموس والثاني في ريف الشيخ بدر الغربي.. ويمكنني أن أقول إن الاختناق الأول في ريف القدموس قد حُلّ بنسبة 80%، وانتهينا من إيصال المياه إلى معظم القرى التي كانت تعاني من العطش، في حين بات خط الجر الثاني قيد الاستثمار، مع الإشارة إلى أن هذا الخط يقوم بضخ المياه عبر ست مراحل. معظم التجهيزات أمّنتها إحدى الجهات المانحة ورُكّبت في المشروع، ونسعى حالياً وبدعم من وزارة الموارد المائية ومحافظ طرطوس شخصياً لربط هذا المشروع بخط توتر مستقل، وبهذا الخصوص فقد وجه السيد المحافظ لإعداد الدراسة اللازمة لربط محطات خط الجر الأول القديم والثاني الجديد بخط توتر مستقل، وبالتالي عشر محطات ضخ على المسار نفسه تخرج عن التقنين، وهذا ماسيُحدث تغييراً كبيراً في الواقع المائي بالنسبة لتلك القرى.. مع الإشارة إلى أن كمية المياه المنتجة لعام 2014 زادت بمقدار 50% عن عام 2010 وعن عام 2013 وهذا نتيجة المتابعة اليومية والإصرار على الصيانة الدائمة من قبل ورشات الصيانة، وهنا أشير إلى أن عمال الصيانة ومراقبي الشبكات يعملون على مدار 24 ساعة لتأمين المياه للمواطنين رغم بعض الظروف الخارجة عن إرادتنا.
أما فيما يتعلق بمشروع جسر الحاج حسن، فقد أوضح المهندس نزار أن هناك خمس محطات ضخ نقوم بضخ الماء على خمس مراحل، وهذا النبع منذ ما يقارب 70 عاماً لم تنقص غزارته باستثناء العام الماضي، فقد انخفضت الغزارة بحدود 50%، وهذا ما زاد الاختناقات في قرى القطاع، وقد قمنا مؤخراً بتحويل ما يلزم إلى كهرباء طرطوس من أجل ربطه بخط توتر مستقل. إضافة إلى ذلك قمنا بتحسين واقع بعض هذه المحطات، وهنا أود الإشارة إلى أن مجموعات التوليد كانت جاهزة خلال العام الماضي، وهذا إنجاز غير مسبوق رغم قِدم هذه المجموعات ورغم الحصار.
قمنا بتبديل مضخات أفقية في محطة جسر الحاج حسن الثانية، وحالياً سيتم خلال الشهر الأول وضع بئر تعنيتا بالاستثمار، وهذا البئر سيحسّن من واقع المياه في القرى المحيطة بالكامل، وبعد الربط الكهربائي سيلمس المواطن نهاية حقيقية لمعاناته مع نقص الماء.
خلال شهر كانون الأول قمنا بتركيب مضخات أفقية عدد 2 بالمحطة الثانية على خط الجر الأول القديم في بارمايا، هذه المضخات جديدة وقيمتها نحو 10 ملايين ليرة مع لوحاتها، قُدّمت منحة مجانية من إحدى الجهات المانحة عن طريق وزارة الموارد المائية.
أمّا فيما يتعلق بالاختناق الثاني في الشيخ بدر، فيؤكد المدير العام لمياه بطرطوس أن السبب يعود إلى التأخير منذ سنوات في تنفيذ مشروعات استراتيجية، بسبب عدم وجود الرؤية الاستراتيجية للدراسة بمعنى إنجاز مشاريع صغيرة على مستوى القرية دون تفكير في التوسع الذي سيطرأ على الواقع السكاني لهذه القرى. لدينا خمس آبار في مرقية بغزارة 327 متر مكعب، وقمنا بتوقيع عقد مع الشركة العامة للمشاريع المائية بقيمة 130 مليون ليرة لتنفيذ ثلاث محطات ضخ مع خمس خزانات لاستجرار مياه هذه الآبار حتى منطقة القمصية وقراها، وهذا مشروع استراتيجي يعادل خط الجر الثاني إلى منطقة القدموس، ونتابع مع وزارة الموارد المائية لتقديم الأنابيب مجاناً وقيمتها تفوق150 مليون ليرة، وقد وقعت الوزارة بالفعل اتفاقاً مع إحدى الجهات المانحة لتزويد مؤسستنا بما يلزم من أنابيب لهذا الغرض.
هناك مشروع آخر هو مشروع بعزرائيل، وقد وقعنا عقد تنفيذه في العام الماضي، ونسبة التنفيذ الآن بحدود 95%، وهو عبارة عن بئر محفورة غزارته نحو 35 متر مكعب بالساعة، ويتضمن بناء محطة ضخ مع خطوط ضخ مع خزانين تفوق قيمة التجهيزات في هذا المشروع 60 مليون ليرة سورية، ومن المتوقع أن يوضع بالاستثمار خلال النصف الأول من العام الحالي، مما سيحسن الواقع المائي في قطاع جورة الحصان.
مشروع عين الكبيرة في الشيخ بدر، نُفذّت المحطة بموجب عقد مع خطوط الضخ والشبكات، لكن تجهيزات محطات الضخ الأفقية وعددها 2 مع خزان المازوت مع اللوحات الكهربائية، تم تأمينها من المستعمل في المؤسسة بعد إجراء الصيانة لها وإعادة تركيبها.
هناك أيضاً مشروع البغلة وهو نبع طبيعي يروي نحو 27 قرية بمعدل قرية كل أربعة أيام، وبسبب شبه جفاف للنبع زاد التقنين حتى وصل إلى 11 يوماً أحياناً. كما تم خلال الشهر الأخير من العام الماضي عن طريق وزارة الموارد المائية تقديم كل التجهيزات اللازمة لتشغيل هذا البئر، وتم وضع بئر ارتوازي محفور بجانب نبع البغلة قيد الاستثمار بعد تقديم كل التجهيزات اللازمة، وهذا ما سيخفف من أي واقع مائي سيئ في المستقبل لا سمح الله.
وخلال النصف الأول سيتم تجهيز بئري الديرون والمجدل في الاستثمار بقيمة تقارب 60 مليون ليرة سورية مجاناً عن طريق وزارة الموارد المائية أيضاً، ويمكننا أن نجزم بأنه رغم شح المصادر المائية في منطقة الشيخ بدر والجفاف الذي لم يمر منذ 70 عاماً على المحافظة، إلا أن الواقع المائي في الشيخ بدر كان أفضل مما كان عليه خلال العشر سنوات السابقة.
في الدريكيش لدينا محطة مياه (الهني) وهي محطة قديمة كانت بحاجة إلى ترميم مستعجل، لكن وبفضل السيد وزير الموارد المائية تم تركيب ثلاث مضخات أفقية مع لوحاتها الكهربائية مع كل الإكسسوارات اللازمة لها بقيمة تتجاوز 20 مليون ليرة سورية، وهذا ما حسّن الواقع المائي بشكل لافت لأكثر من ست قرى كبيرة (هنا أود الإشارة إلى أن جريدة (النور) قد رافقت مدير وحدة المياه في الدريكيش المهندس هاني الجهني والمهندس عماد ديوب وعدد من عمال الصيانة أثناء عمليات التركيب والتجريب لهذه المضخات، مع الإشارة إلى أن العمل بالكامل تم خلال يومي عطلة رسمية)..
إضافة إلى ما ذكرنا هناك بئر بجنة الجرد، وهو عبارة عن بئر محفورة، وكانت المنطقة ترتوي من نبع الدلبة الذي انخفضت فيه الغزارة وتعاني نقصاً في المياه، فقمنا بتجهيزه، سواء الغاطسة والأنابيب مع الكبل مع اللوحة الكهربائية مع المحولة 200 ك ف ا مع برجي كهرباء تم قصهما من مشروع أبو عوض الخارج عن الخدمة منذ 15 عاماً مع غرفة مسبقة الصنع كانت تستعمل مركز جباية قديمة خارج الخدمة.
كما شُغّل البئر الموجود في مشروع (قنية جروة) بعد تقديم ما يلزم من قبل إحدى المنظمات الدولية مجاناً، إضافة إلى مشروع بئر (زاهد)، فقد كانت المنطقة تعاني من نقص مياه شديد، وهو بئر خارج عن الخدمة منذ أكثر من 20 عاماً قمنا بإعادة تكشيفه وتعزيله ووضعه بالاستثمار وغزارته بحدود 50 متراً مكعب صالحة للشرب بإمكاناتنا الذاتية أيضاً.
اعتماد على الذات
ويتابع المهندس جبور: خلال العام المنصرم اعتمدنا على إمكاناتنا الذاتية في ظل الظروف الصعبة من ناحية الحصار الظالم المفروض، فقد كان لدينا عدد كبير من المضخات ومن التجهيزات، ولدينا الخبرات، فقمنا بإعادة تدوير بعض هذه التجهيزات بدلاً من بيعها خردة لمعمل الحديد في حماة، وعلى سبيل المثال محطة بشراغي وهي المحطة السادسة في جرد القدموس، إذ تم تجهيز مضختين أفقيتين مع الإكسسوارات بالكامل من مواد الخردة لدينا، وفي مزرعة الشويفات تم تأمين تجهيزاتها من المواد المستعملة، وهي الآن تعمل بكامل طاقتها.
في بئر (صايا) أيضاً لدينا بئر محفورة تم تزويدها بالغاطسة مع اللوحة الكهربائية مع البرج الكهربائي الذي قمنا بقصّة من مكان خارج عن الخدمة مع المحولة مع بناء المحطة، الذي هو عبارة عن غرف مسبقة الصنع كله بالاعتماد على الذات وعلى مواد مستعملة، وفي صافيتا تم تشغيل بئر (حكر مخيبر) بالاعتماد على مواد مستعملة في المؤسسة بعد صيانتها وإعادة تأهيلها أيضاً.
مضخات نبع السن العملاقة التي غزارتها 900 متر مكعب، وليس لدينا إمكانات فنية لصيانتها، وآخر مرة أجريت لهذه المضخات صيانة كانت التكلفة مليون ومئتي ألف ليرة سورية في عام ،2010 قمنا بتغيير رئيس الورشة، واستقدمنا بعض الخبرات والعمال، وقمنا بتفعيل الورشة بشكل ممتاز وحاربنا الفساد الفني والمعنوي والأخلاقي، واستطعنا صيانة مضختين من تلك المضخات بما وفّر على خزينة الدولة ملايين الليرات السورية.
مشاريع استراتيجية
بتوجيه من وزير الموارد المائية تم تقديم حفارتين نقوم الآن بإجراء الصيانة لهما، وسوف نقوم بتجربة حفر الآبار اعتماداً على إمكاناتنا الذاتية وبجهود عمالنا، وسوف نستقدم مختصين في هذا المجال لتدريب عمالنا وكوادرنا طبعاً بدعم من السيد الوزير. حالياً نتابع موضوع شراء مكنة لف من أجل تجهيز القمصان وتصنيعها، وسنقوم بشراء صفائح حديد من أجل ذلك وهذا سيوفر علينا ملايين الليرات.
هناك مشروع استراتيجي أيضاً يتضمن استثمار آبار عمريت، وهي محفورة من قبل مؤسسة المياه بدمشق (ثلاث آبار) كانت من ضمن خطة لاستجرار فائض المياه فيها إلى دمشق غزارتها 1800 متر مكعب في الساعة، وحالياً نقوم بإجراء الدراسة عليها لاستملاكها وبناء محطة وخزان بسعة 20 ألف متر مكعب في منطقة جديدة البحر على مستوى خزانات مدينة طرطوس نفسها.
وهناك مشروع (ب3) في بانياس من ضمن الآبار التي حفرتها مؤسسة المياه بدمشق غزارتها 600 متر مكعب في الساعة، وسيعلن عن وضعه بالاستثمار خلال الشهر الأول من هذا العام، إضافة إلى دراسات عديدة لاستثمار مياه سد الدريكيش الجديد، إضافة إلى تقييم بعض الآبار في المحافظة التي حفرتها مؤسسة المياه في دمشق. وهناك فصل شمال مدينة طرطوس وتغذيتها من مشروع دوير الشيخ سعد.. وهنا أود الإشارة إلى ضعف الدراسة التي أعدت لهذه المنطقة فيما يتعلق بالزيادة السكانية وتوسع الشبكات، وقد سيطرنا على زيادة عدد السكان الهائل في تلك المنطقة من خلال حفر بئر في المنطقة وتأمين تجهيزاته، ومن المقرر وضعه في الاستثمار قبل حلول فصل الصيف لهذا العام، إضافة إلى حفر بئر جديد في الشيخ سعد غزارته نحو 70 متراً مكعباً في الساعة، وخلال هذا العام سيوضع في الاستثمار.
أخيراً
بالرغم من نقص كميات الإمطار العام الماضي وزيادة الوافدين إلى طرطوس، إلاّ أن مؤسسة المياه كانت على الدوام في حالة جاهزية كاملة، وهذا ما خفف من معاناة المواطنين فمن القلب نقول شكراً لمن يبذلون كل ما باستطاعتهم من أجل توفير أهم مستلزمات الحياة، ومن أجل أن يبقى الوطن سليماً ومعافى.
بالأرقام
وفق سجلات شعبة الصيانة للعام 2014 تبين وبالأرقام أن الشعبة قامت بالعديد من الإصلاحات نذكر منها: إصلاح مضخات أفقية وعددها 106 مضخات، متضمنة إبدال محاور وصيانة بروانات وموجهات وتصنيع باكات وعزقات، إضافة إلى إصلاح مجموعات توليد وعددها ،17 ولف محركات كهربائية دون 55 ك ووعددها 5 وإصلاح 48 سكراً وتصنيع خزانات مازوت وإخراج مضخات من المواد المعادة وإجراء الصيانة لها وعددها 8 تضمنت تركيب مجموعة ضخ كاملة، إضافة إلى صيانة عدد كبير من الغاطسات ووضعها في الخدمة، مع الإشارة إلى تصنيع تحويلات للغواطس من مختلف الأقطار بلغت 73 تحويلة.
طبعاً هذا الانجاز وهذا الجهد قابلته إدارة المؤسسة بمكافآت تشجيعية مالية ومعنوية، كما تم توجيه كتاب ثناء من السيد وزير الموارد المائية بعد قيام ورشة الصيانة للمرة الثانية بإنجاز عمل نوعي تمثل بإصلاح مضخة عمودية من مضخات مشاريع السن، وبكلفة تقل كثيراً عن قيمة الإصلاح في السوق المحلية مع تأمين مستلزماتها من المواد المعادة، ويكفي أن نشير إلى أن تكاليف الإصلاح من قبل الورشة بلغت 178 ألف ليرة سورية، في حين بلغت القيمة في السوق المحلية (1.300) مليون وثلاثمئة ألف ليرة سورية.