تعديلات القوانين التمييزية.. هل سترى النور..؟

بعد أن أنهت اللجنة المكلّفة بدراسة تعديل بعض المواد التمييزية في القوانين السورية، نشر موقع دي برس(1)  بتاريخ 16/2/2014 خبراً مفاده أن اللجنة المشكلة من وزارة العدل السورية قدمت توصيات، أهمها مقترح تم رفعه لمنح الجنسية السورية لأبناء المرأة السورية المتزوجة من غير سوري، فيصبح القانون متوافقاً مع الدستور السوري وبما لا يتعارض مع الاتفاقيات والمعايير والمعاهدات الدولية، وتم اقتراح إلغاء المادة 548 لمنع وجود عذر مخفف لكلا الطرفين في جريمة مفاجأة المرأة بحالة الزنى، فالمادة 192 تجد دافع الشرف الذي يسمح للقاضي في تقدير الجرم بدافع الشرف لمنح أسباب مخففة.

ونقلت صحيفة (الوطن) السورية (2) بتاريخ 15/2/2014 عن القاضية آمنة الشماط قولها: (لا نطالب بتمييز إيجابي بل بالمساواة، مطالبةً بقانون أحوال شخصية مدني (اختياري) في المستقبل ريثما نصل إلى مرحلة متقدمة بالتوازي مع مرحلة إعادة الإعمار، حيث يتم العمل على حماية المرأة والفتيات من العنف الجنسي، وإدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص، ووضع استراتيجية وطنية لتحصين المرأة من العنف، مشيرة إلى إنشاء مأويين لحماية المعنفات).

وما زالت نساء سورية، وجميع الناشطات/ ين في مجال قضايا المرأة السورية والمنظمات النسوية السورية بانتظار ما ستسفر عنه الدراسات والمقترحات التي قامت بها لجنة تعديل المواد التمييزية ضدّ المرأة في القوانين السورية كافة، وأن يكون هذا التعديل جاداً وحقيقياً، بعد سلسلة من المبادرات واللجان والقرارات التي تصدى لها رفض مجلس الشعب تارةً لاسيما مشروع تعديل قانون الجنسية بما يسمح للمرأة السورية المتزوجة من غير سوري أن تمنح جنسيتها لأبنائها، وذلك بعد قرار سابق لرئيس مجلس الوزراء بتاريخ 11/7/2011 يقضي بتأليف لجنة لدراسة تعديل المادة 3 من قانون الجنسية السوري، ورفع النتائج خلال أسبوع من تاريخه. غير أن الصدمة كانت كبيرة ومخيّبة لكل الآمال، عندما رفض مجلس الشعب مناقشة تعديل قانون الجنسية تحت قبة البرلمان حينذاك.

ولا تفوتنا الإشارة إلى تصدي الكثير من التيارات والشخصيات الدينية لتعديل وليس تغيير قانون الأحوال الشخصية السوري، وذلك بإصدار مسودة مشروع عام2009 تحت مسمى التعديل كانت أسوأ بكثير من القانون المعمول به حالياً.

إن ما قام به مجلس الشعب حينذاك، وقبله إصدار مسودة مشروع مشوّهة لقانون الأحوال الشخصية، لم يترك لنا سوى الخيبة وليس بصيص أمل في أن ترى دراسات ومقترحات تلك اللجنة النور إلاّ باهتاً أو معكوساً بحيث يبدو ظلامي الفكر والتوجه.

غير أن ما صرّحت به القاضية السيدة آمنة شماط رئيسة لجنة تعديل القوانين من حيث رفض التمييز الإيجابي لصالح المرأة، والمطالبة بالمساواة الحقيقية في الحقوق والواجبات والقوانين وفق مبدأ المساواة الذي نص عليه الدستور وبما يتوافق مع المعاهدات والمواثيق الدولية، وكذلك المطالبة بقانون أحوال شخصية مدنية (اختياري) في المستقبل ريثما نصل إلى مرحلة متقدمة في الذهنية المجتمعية والدينية تسمح بوجود قانون مدني ينظم أحوال الناس وحياتهم الأسرية والمجتمعية، يشي بالقليل القليل من التفاؤل بإمكانية وصولنا كنساء وحركات نسوية إلى بعض حقوق ناضلنا من أجلها زمناً ليس بالقليل، لكنه يبقى أملاً مشوباً بالتخوّف والحذر والقلق من تمادي سلطة بعض من يريد للمرأة أن تبقى تابعاً وقاصراً وضلعاً أعوج لا بدّ من تقويمه من خلال قوانين ذكورية تسلّطية سنّها رجال القبيلة للتصدي لكل إمكانية في نهوض المرأة من سباتها وقوقعتها.

أم أننا فعلاً على موعد أخضر مضمّخٍ بتحقيق أحلامنا وأهدافنا ومساعينا بإمكانية التغيير والوصول إلى ما سعينا لأجله زمناً وبذلنا جهداً ليسا بالقليلين، وأن التعديلات التي طالبنا بها سنين وسنين ستكون قائمة فعلاً وقولاً كي تصل المرأة السورية إلى المكانة التي تستحقها بجدارة تُمليها الظروف العصيبة التي واجهتها بقوة وصبر لم ينكسرا يوماً، وأملٍ لم تخبُ شمعته منذ ما قبل الاستقلال حتى يومنا هذا.

 

المراجع:

(1) news.com/pages/detail.aspx?articleid=1598651

2 http://www.alwatan.sy/view.aspx?id=11741

العدد 1140 - 22/01/2025