اعتذار متواضع من الرفيق شلال عمر

آخر لقاء لي معه كان منذ عدة سنوات في بيته في قرية خربة الشيخ. إنه أبو فهد (الرفيق شلال عمر)، الإنسان الذي يعطيك التفاؤل من خلال أحاديثه الممتعة عن النضال والعمل الحزبي، لا علاقة له بالسن وتقادم العمر، وإنما بالعكس له علاقة بالهاجس أو بالحلم لغد أفضل.

في الزيارات التي نذهب فيها إلى قرية خربة الشيخ للاطمئنان على رفاقنا الشباب، كانت زيارة الرفيق شلال تعتبر عرفاً من الأعراف التي لا يستهان بها عندهم، وكأنه مختار الحي الذي يعرف كل شاردة وواردة. وأنا أقول إنه كان مختار الحزب الشيوعي في محافظة الحسكة كلها، يعرف الكبير والصغير ويعرف تفاصيل عن حياة المنظمة، تاريخها… عائلاتها.. وحتى المناسبات الحزينة والسعيدة للرفاق وهو ما يأتي من غيرته على الحزب واستمراره مدافعاً عنه، وقد أعطى عمره وبيته وعائلاته للحزب.

في الحديث معه كأنك تتحاور مع روائي يتكلم عن روايته المتعلقة بتاريخه الشخصي من خلال تاريخ الحزب وكأنهما متلازمان، وبالتالي تاريخ منطقة هو جزء منها، مرة يحدثك عن الزراعة ومواسمها وكيف كانوا في الحزب يناضلون في سبيل الحفاظ على الوطن وممتلكاته وثرواته ومنها الزراعية. وتارة أخرى تجده يروي القصص عن رفاق الدرب الأوائل الذين كانوا يناضلون ويكافحون في منطقتهم وفي اجتماعاتهم الحزبية السرية وقتذاك يحلمون بوطن حر وشعب سعيد. وتارة أخرى تجده منظراً سياسياً ماركسياً همّه الأول والأخير الدفاع عن الطبقة الفقيرة بكل الوسائل ، مدافعاً عن قضية المرأة بكل ما أوتي من قوة وحنكة في بيئته وفي ظل المفاهيم الاجتماعية البائدة. دافع عن قضايا كثيرة، دافع عن كرديته من خلال الحزب ونشر أفكاره تحت سقف الوطن وضمن النسيج السوري الذي يعيش فيه.

استطاع هو ورفاقه وأقرباؤه من خلال نضالهم المديد أن يجعلوا قرية خربة الشيخ الواقعة في أقاصي شرقي البلاد قرية شبه نموذجية، فيها الكثير من الأطباء والمحامين والمهندسين…….. وأجيال متلاحقة من حملة الشهدات الجامعية بأعداد كبيرة ولم يبق فيها للجهل والأمية مكان.

ليس لدينا قول أو حديث عن قامة مهمة ومناضل لم يَحدْ يوماً عن مبادئه حتى آخر لحظة من حياته، في سبيل الوطن، ومبادئه الماركسية والحفاظ عليها إلا أن نقف إجلالاً وإكباراً وتحية له، فمهما حاولنا الحديث عنه فلن نجد سوى أن نقول إنه كان مدرسة نضالية سياسية اجتماعية، والأب الروحي والقدوة للكثير من الرفاق.

فسلاماً لروحك المناضلة يا رفيق الدرب الطويل.. ستبقى في ذاكرتنا وذاكرة الحزب!

العدد 1140 - 22/01/2025