وزير الكهرباء «يدعم» صناعيي دمشق وريفها بتشكيل لجان لدراسة مشاكلهم
لجأ وزير الكهرباء عماد خميس للالتفاف على مطالب صناعيي دمشق وريفها بتوفير الكهرباء والمشتقات النفطية للمنشآت الصناعية من أجل عودة هذه المنشآت إلى العمل والإنتاج، فعمل الوزير على تشكيل لجانٍ جديدة لدراسة الحلول، على أن يوافق عليها مباشرة.
جاء ذلك خلال الاجتماع الذي دعت إليه (غرفة صناعة دمشق وريفها)، لبحث مشاكل الصناعيين الناجمة عن انقطاع الكهرباء، وحمل عنوان (يداً بيد لتحسين واقع الإنتاج الصناعي)، والذي عقد يوم الأحد 16 تشرين الثاني 2014 في قاعة الأمويين بفندق الشام بمشاركة أكثر من مئتي صناعي، أدلو بشجونهم المتعلقة بالكهرباء أمام الوزير، عله يسهم في إيجاد حلول ناجعة تخفف من معاناتهم خاصة أنَّ بعضهم يواجه شبح الإغلاق وتسريح آلاف العمال.
وعلى الرغم من كثرة المداخلات التي طرحها الصناعييون إلا أنها كانت متشابهة في الألم والهم والغصة التي ملأت حلوقهم، إذ تركزت معظم المداخلات على عدم انتظام فترات التقنين الكهربائي وعشوائيته، وطول مدته، وعدم وصول الاستطاعة الكهربائية إلى 380 فولط، إضافة إلى الانقطاع المفاجئ للكهرباء، ما يتسبب بخسائر مادية تصل إلى المليارات أحياناً، فضلاً عن الأذى الذي يسببه ذلك للأجهزة الكهربائية، مؤكدين أنَّ عمل الصناعي اليوم يماثل عمل الجندي المقاتل.
ولفت أحد صناعيي السيراميك في ريف دمشق إلى الاتفاق الموقع قبل نحو سنتين مع الكهرباء لقطع التيار الكهربائي في يوم واحد على أن يلغى التقنين في باقي أيام الأسبوع، وأكد تنفيذ الأمر بالتوازي مع اعتماد نظام غير منتظم للتقنين في باقي أيام الأسبوع، مشيراً إلى تأثير عدم انتظام التوتر الكهربائي والقطع المفاجئ على المنشآت الصناعية قائلاً: (يتضرر الإنتاج الموجود داخل الأفران ويتلف كاملاً، إضافة إلى الأعطال في الأجهزة الكهربائية واللوحات الإلكترونية والبرامج الحاسوبية وأجهزة الضواغط…)، وأكد أنَّ هذا الأمر يعدُّ تدميراً للصناعة الوطنية.
وشدد معظم الصناعيين سواء ضمن المدن والتجمعات الصناعية أو من اضطروا لنقل منشآتهم لداخل المدينة وإقامتها ضمن الأحياء، شددوا في مداخلاتهم على حُسن إدارة التقنين وتحديد أوقاته، وأن تكون فتراته بعد الظهر لتتناسب مع دوام العمال ليتمكونوا من استمرار الإنتاج، إضافة إلى تخفيض سعر الواط الساعي للصناعيين خاصة وقت الذروة، وإعفاء المنشآت الصناعية من الرسوم والغرامات خلال فترة توقفها عن العمل، ولفت بعض الصناعيين إلى سرقة المنشآت في مدينة عدرا الصناعية بسبب عدم إنارة شوارع المدينة ليلاً.
أيضاً طالب بعض الصناعيين من خارج المدن والتجمعات الصناعية بإيجاد محطات للمازوت خاصة بالصناعيين أسوة بالمناطق الصناعية منعاً لاستغلالهم من قبل المتلاعبين، مبينياً الصعوبات التي تكتنف عملية تأمين المازوت خاصة بعد تحرير أسعار المشتقات النفطية للقطاع الخاص.
ولفت أحد الصناعيين إلى أن له مخصصات من الغاز والمازوت لكنه لا يتمكن من أخذها لعدم توفر المواد، مشدداً على أهمية توفير المحروقات للعمل، لأنَّ الكهرباء روح الصناعة وعدم انتظامها ينعكس سلباً على الصناعة الوطنية.
ونوه البعض بأهمية استخدام الطاقات البديلة والمتجددة وطالبوا بتشجيع ودعم مستخدميها بحيث تتحمل الوزارة جزءاً من التكاليف، داعين إلى إيجاد بنية تشريعية لحماية من يستخدم هذه الطاقات المتجددة بأنواعها المختلفة.
وبعد قرابة ساعة من استماع الوزير إلى شجون الصناعيين جاءت إجابته دون المأمول، فلم يقدم شيئاً جديداً واكتفى بالتركيز على التشاركية والتكامل في العمل بين المنشآت الصناعية والحكومة خاصة في ظلِّ الحرب الممنهجة على سورية، وأكد تفهمه لمعاناة الصناعيين بسبب التقنين وعدم انتظام التيار الكهربائي، الذي يعود لاستهداف المجموعات المسلحة جزءاً كبيراً من البنى التحتية لقطاع الكهرباء أسوة بالقطاعات الأخرى، إذ يوجد لدى الوزارة 150خط توتر عالي 75% منها خارج الخدمة نتيجة الاعتداءات الإرهابية، منوهاً بأنَّ وزارة الكهرباء اتخذت إجراءات إدارية من أجل إصلاح التخريب اليومي عبر تأمين كوادر بشرية تعمل على إصلاح الأعطال فوراً، مؤكداً جهوزية المنظومة الكهربائية، ومبيناً أنَّ المستودعات معبأة بقرابة 60% لإعادة إعمار هذه المنظومة.
كما لفت إلى أنَّ وزارة الكهرباء كانت تحتاج قبل الأزمة إلى 35 ألف طن من الفيول من أجل توليد الكهرباء، وكان 80% منها إنتاج محلي و20% مستورد، وتبلغ قيمتها بأسعار اليوم 20 مليون دولار، وبين أن 85% من قيمة واردات الكهرباء تذهب إلى تكاليف الوقود، ولفت إلى أنَّ توليد الكهرباء يحتاج إلى 1200 صهريج مازوت يومياً.
وأضاف: إنَّ المشاريع الكهربائية من محطات توليد كانت ممولة بقروض خارجية جرى إيقافها بسبب العقوبات الاقتصادية بشكل هدد بعدم تنفيذ هذه المشاريع، لكن نظراً لأهميتها أوعزت الحكومة بضرورة الاستمرار في إنجازها.
وأشار الوزير إلى حجم الدعم الحكومي للصناعة الوطنية على مدى العقود السابقة، الذي زاد بين عامي 2000 – 2010 ولكن الوزير تناسى دور سياسات الفريق الاقتصادي في إقفال العديد من مصانعنا المحلية، فقد امتلأت واجهاتنا ببضائع مستوردة، وهو ما أكدته غرفة تجارة حلب: (الانفتاح الذي يشهده السوق السوري الذي جاء بلا ضوابط، يهدد العديد من المصانع والورش الصناعية الصغيرة).
وأكد وزير الكهرباء أنَّ تحقيق النصر النهائي يتطلب استمرار الصناعيين في تحمل مسؤولياتهم والتعاون مع الحكومة، خاصة بعد مضي نحو أربعة أعوام استمروا خلالها بالإنتاج والعمل، في حين غادر آخرون البلاد في أصعب الأوقات.
وفي خطوة لحل مشكلة تنظيم التقنين شكل الوزير لجنة تجتمع مع الصناعيين أسبوعياً يوم السبت لمناقشة وضع الكهرباء وأوقات التقنين، على أن ترفع اللجنة مقترحات دورية لمشاكل الصناعيين، متعهداً بتنظيم التقنين لنحو 90% من المنشآت الصناعية. وأكد خميس عدم اتخاذ أي قرار مجحف بحق المنشآت الصناعية، وأنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بموضوع الطاقات المتجددة والبديلة ولاسيما لجهة التشريعات وسوف يتم تقديمها بسعر مدعوم للصناعيين.
وبالنسبة للطاقات البديلة والمتجددة أكد الوزير وجود التشريعات والقوانين اللازمة لدعم هذه الطاقات، لافتاً إلى العمل حالياً على تقديم تسهيلات أكثر لدعم هذا القطاع الهام بشكل يخفف الضغط عن الطاقة الكهربائية.
واستعرض رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس في الاجتماع أهم مطالب الصناعيين المتعلقة بواقع الكهرباء في منشآتهم الصناعية: تحديد أوقات معينة للتقنين الكهربائي، وأن تتناسب فترات التقنين مع دوام العمال للتقليل من انخفاض الإنتاج وتقليل المصاريف، وشدد على تخفيض سعر الواط الساعي للصناعيين وخاصة وقت الذروة، وأكد أهمية مساعدة الصناعيين الذين تعرضت منشآتهم للتدمير أو التخريب، مع تقديم إعفاءات للمنشآت الصناعية المحررة حديثاً من الرسوم والغرامات عن الفترة التي كانت فيها مناطقهم ساخنة، والعمل على إصلاح مراكز التحويل الكهربائي أو تبديلها، وطالب بتحديد مخارج كهربائية خاصة بالمناطق الصناعية المعتمدة بمخططات تنظيمية من قبل المحافظة.
في الختام، الصناعة هي قاطرة التنمية التي اكتوت بنار السياسات الاقتصادية السابقة واليوم اكتوت من التصريحات وادعاءات البعض بدعمها، فهل يعمل سيادة وزير الكهرباء على دعم القطاع الصناعي دعماً حقيقياً ضمن الإمكانات المتاحة أم يكتفي بالوعود وتشكيل اللجان؟! لنا وقفة أخرى..!