حلب المحررة..أهمية النصر أكبر من فجيعة الخراب

 اليوم ذهبت لأول مرة إلى حلب المحررة، أريد الوصول إلى قلعتها الشامخة مروراً بأسواقها وخاناتها التاريخية، وياليتني لم أذهب! كان منظر الخراب يدمي القلب ! مررت بباب الجنين (الجناين)، لم أستطع المرور إلا بصعوبة وسط الخراب، وصلت إلى بداية (طلعة البنوك) فلم أستطع أن أكمل طريقي صعوداً نتيجة الركام وحفرة هائلة في الشارع بطول عدة أمتار وعرض أكثر من متر ونصف، فعرجت يميناً إلى حارة العواميد، لم يكن هناك ركام لكن الدكاكين محطمة تماماً، مشيت ذاهلاً حتى وصلت إلى مدخل (العقبة)، كان الخراب والركام يسد مدخل الحارة والبيوت العربية القديمة مهدمة على امتداد نظري، تابعت بين الركام بصعوبة باتجاه الجامع الأموي، أين المئذنة! لم تكن هناك!

سوق (العلبية) المتاخم للجامع من الجهة الغربية كان مهدماً تماماً ومليئاً بالركام، تابعت صعوداً إلى خان الوزير، على الطريق إلى يميني كان سوق (النسوان) عبارة عن كومة هائلة من الأتربة، لكن خان الوزير كان سليماً من الخارج، الخراب اقتصر على الغرف والإيوانات داخله، الشارع الرئيس أمامه كان منظفاً من الركام لذا تابعت طريقي إلى القلعة، المستشفى الوطني القديم غربها (الذي حول فيما بعد إلى فندق) كان مسوّى بالأرض، وعلى امتداد النظر خلفه كان الخراب، خان الشونة أمام القلعة كان محروقاً ودار الحكومة (السرايا) المبنى التاريخي الواقع في الجهة الجنوبية الشرقية للقلعة لم يبق منه سوى أطلال، ووسط هذا الدمار كانت القلعة واقفة ببهائها وشموخها غير مكترثة بكل الخراب حولها!

عجبت لصمودها رغم كل هذا الخراب، ثم تذكرت قصة الحامية القليلة الباسلة التي دافعت عن القلعة بشكل أسطوري خلال سنوات البؤس الثلاث، ومنعت الأوباش التكفيريين من دخولها! لقد بقيت القلعة رمزاً لصمود هذه المدينة المثخنة بالجراح بفضل بسالة مقاتلي جيشنا السوري وحلفائه الأبطال ودماء الشهداء التي سالت، فتحية إكبار لكل الشهداء، وإلى كل المقاتلين الشرفاء.

وسط هذا المشهد المؤلم وأمام باب القلعة وقف شباب حزبنا يهزجون ويدبكون ويلوحون بأعلام الوطن والحزب فرحاً بانتصار صمود حلب، والتف حولهم الرفاق وجمهور كبير من المواطنين يشاركونهم فرحة النصر التي لم تكن أقل من الحزن الذي يعتمل في الصدور، لكنها فرحة مريرة ممزوجة بالحسرة وغصة الألم.

نعم، المصيبة كبيرة ! بل هائلة!! لكن أهمية النصر أكبر! لأنه يعني انتصار سورية وحلفائها على مخططات الإمبريالية العالمية وعلى أجرائها وعملائها، وهذا بحد ذاته يشكل انتصاراً رائعاً لا يقدر بثمن لأنه سيغير تطور الأحداث لا في المنطقة وحدها! بل وفي العالم.

العدد 1140 - 22/01/2025