ياتجار.. عملتنا الليرة السورية وليس الدولار! أسواقنا باتت بلا رحمة!
ارتفاع كبير تشهده أسعار العديد من السلع والمواد في أسواقنا المحلية، ارتفاع وصفه المستهلكون بالمجنون، حيث تجاوز حدود المعقول، حتى أن الجهات الحكومية طالبت بضبط أسعار السلع في الأسواق. فقد طالب نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات عمر غلاونجي مؤخراً، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالمزيد من التشدد في الرقابة على الأسواق ومكافحة الغش وارتفاع الأسعار.. أما وزير التجارة الداخلية فقد طالب مؤخراً (بأنه على المواطن أن يشتكي عند تعرضه للغُبن في أسعار المواد الغذائية، وأجور النقل، والمشتقات النفطية، لتتم متابعة الشكاوى بشكلٍ فوري)، هذا ما قاله الوزير، ولكن نحن نقول: على ماذا سيشتكي المواطن؟.. وهل بقيت سلعة في أسواقنا أو خدمة لم يطلها ارتفاع الأسعار الطائش، لدرجة أن شعور المستهلك بالغبن أصبح أمراً اعيتادياً لأنه يتعرض له كل يوم، سواء في المواصلات التي ترفع الأجور على مزاجها، أو أثناء شرائه لاحتياجاته الأساسية، وكما قال رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان الدخاخني في إحدى تصريحاته السابقة: (المستهلك وصل إلى مرحلة الملل من الشكوى).
الحجج في ارتفاع الأسعار جاهزة ومفصلة، كما ذكرنا سابقاً، لدى معظم البائعين، حتى بائع الفول والحمّص والفلافل، فما إن تسأله عن سبب ارتفاع الأسعار حتى يقول لك الدولار، حتى الفلافل تسعر على الدولار! واعجباه.. أمر غريب يحدث في أسواقنا.. لعنة الدولار طالت الأخضر واليابس ولم تترك في جيب المواطن إلا الثقوب.
وزير التجارة الداخلية طلب مؤخرأ بعدم ربط أسعار المواد، والسلع الغذائية، والاستهلاكية، بتقلبات أسعار العملات الأجنبية، وأنه يجب عدم استغلال هذه الظاهرة من قبل بعض ضعاف النفوس، ولكن الأغرب من ذلك هو تصريح سابق له، حيث أكد خلال لقائه المديريات التابعة لوزارته، (ضرورة ضبط الأسواق والحد من الغلاء وارتفاع الأسعار خلال مدة لا تتجاوز 15 يوماً، وذلك تحت طائلة المساءلة والمحاسبة،) بالطبع التصريح جميل ولكن هل تحقق ذلك في أسواقنا؟.. يسأل المستهلكون عن المساءلة والمحاسبة أين هي؟.. أين هي محاسبة المتلاعبين بقوت الشعب؟.. يستنجدون بالحكومة قائلين: (أنقذونا من براثن تجار الدولار وأتباعه، فنحن في سورية وعملتنا الوطنية هي الليرة السورية وليس الدولار، فهل من محاسبة وتحرك عاجل يا حكومة، لإنقاذ المستهلكين الذين أصبحوا ينامون ويستيقظون ويأكلون على وقع الدولار الذي يفرضه عليهم البائعون والتجار؟).
في نظرة سريعة على أسعار بعض المواد الأساسية في أسواقنا المحلية، نجد أن هناك ارتفاعاً فاحشاً في شتى أنواع السلع، بدءاً من الزيوت التي ارتفعت بنحو 100 ليرة لليتر الواحد سواء المحلي أو المستورد، حتى السكر بات سعره ما بين 120 إلى 130 ليرة للكيلو، والأرز حقق قفزات جديدة، أما المعلبات والمشروبات الغازية فحدّث ولا حرج، فقد شهدت أسعارها فوراناً كبيراً، يتجاوز الـ100 ليرة، خلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين، والأكثر قساوة من كل ذلك هو ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بشكل غير معقول، فمثلاً سجل كيلو البندورة رقماً قياسياً لم يسجله من قبل وبلغ نحو 200 ليرة للكيلو، والبصل نحو 130 ليرة للكيلو، والخيار مثله، ولن نسرد الأسعار الموجعة للقلب والمتعبة للجيبة والمنهكة للدخل، ولكن نود السؤال: ماذا يحدث في أسواقنا؟ وإلى متى ستظل الأسعار ترتفع؟. وهل نظر المستغلون والمضاربون إلى الأطفال الذين حرموا شرب الحليب بسبب ارتفاع سعر علبة الحليب إلى نحو 1700 ليرة..؟! فأين هي الرحمة؟ لا رحمة لديهم.. ونرجو من الحكومة أن لا ترحم المتلاعبين بسعر الصرف.
بالطبع لكل فعل رد فعل، إذ تأثرت الأسواق بهذا الجنون في الأسعار، وبات المستهلك يقتصر على شراء غرامات فقط من حاجياته الأساسية، البندورة يختارها بالغرامات والخيار أيضاً والبطاطا والبصل، والفروج بات بالأجزاء، والبيض لم يعد المستهلك يشتري صحناً كاملاً، بل ربع صحن أو 5 بيضات فقط، وفي حال سألت مستهلكاً من ذوي الدخل المحدود: متى كانت أخر مرة تناولت فيها فروج بروستد أو مشوي؟.. الجواب سيكون ليس صادماً ولكن معبراً عن واقع المعيشة، بالطبع الجواب سيكون من نحو عامين على الأقل، مع الإشارة إلى أنه قبل الأزمة كان يأكل هذه الوجبات الجاهزة أسبوعياً على الأقل.
وأخيراً يطالب التجار وزير التجارة بتحرير أسعار السلع في الأسواق وتركها لمبدأ (عرض ـ طلب ـ منافسة)، ولكن هذا الطلب يثير استغراب العديد من المتابعين، الذين تساءلوا: هل أسعار السلع في أسواقنا مقيدة حتى يطالب تجارنا بتحريرها وتركها للمنافسة الشريفة كما قال بعضهم؟..! والأغرب من ذلك أن الوزير وعد التجار بدراسة طلبهم هذا.
ما نود الإشارة إليه إلى أن المستهلك بات حائراً بحق، يمشي في الأسواق ولكن غول الأسعار يخيفه، ماذا يشتري؟ فهو يشتهي كل شيء؟..ولكن تجار الأزمات حرموه هذه الأشياء، المتلاعبين بأسعار العملة الوطنية الليرة السورية، يجب إيقافهم عند حدهم والآن قبل غد، يجب الضرب بيد من حديد، وسمعنا سابقاً تصريحات حكومية حيال هذا الأمر، وفعلاً استطاعت الجهات الرقابية ضبط العديد من التجار والصيارفة المتلاعبين بأسعار الصرف، وهنا نأمل من الجهات الرقابية ومن المواطنين والتجار أيضا، التعاون والتكاتف لإيقاف هؤلاء المستغلين عند حدهم، والشكوى عليهم، وعدم التهاون بهذا الأمر، فهم يتلاعبون باقتصاد سورية.
ونؤكد على الجهات التوعوية وعلى وسائل الإعلام المختلفة، أن تقوم بدورها في توعية المواطنين حيال عدم الرضوخ لمطالب تجار الدولار والمضاربين، وأن يقفوا في وجه هؤلاء وأن يخبروا عنهم، لأنه إن لم نحفظ الليرة من الانهيار، فإننا نعرض بلادنا وأنفسنا وأطفالنا ومستقبلهم لخطر الجوع والفقر، وبالتالي للويلات الاجتماعية التي ستنعكس على مجتمعنا بسبب ذلك، فنرجو من جميع المواطنين الصحوة، وعدم قبول التعامل إلا بالليرة السورية فقط، ونأمل من الجهات الرقابية عدم التهاون أبدا بهذا الأمر، فعملتنا الليرة السورية وليس الدولار.