التقرير السنوي لغرفة صناعة دمشق وريفها.. مقترحات لتطوير الصناعة السورية..

قال التقرير الصناعي السوري السنوي الذي صدر مؤخراً عن غرفة صناعة دمشق وريفها إن هناك تحسناً ملحوظاً في النشاط الصناعي خلال العام 2014 سواء في المدن والمناطق الآمنة أصلاً أو في المدن والمناطق التي استعادتها قواتنا المسلحة.

وبعد رصده لنقاط القوة والضعف للصناعة السورية، خلص التقرير السنوي إلى أهم المقترحات للنجاح في إعادة تأهيل الصناعة السورية، وهي العمل على ثلاثة مستويات: الأول مستوى السياسات الكلية (الحكومية)، والثاني المتوسطة (المؤسسات الداعمة)، والثالث الجزئية (المنشآت)، وكلها مرتبطة بسرعة إعادة الأمن والأمان للبلاد، وحدّد التقرير عشرة اقتراحات لها الأولوية في المرحلة القادمة.

أكد الاقتراح الأول على ضرورة المحافظة قدر المستطاع على وجود واستمرارية العمل في المنشآت الصناعية التي لا تزال قائمة وتعمل أو تستعد لذلك، والمعالجة السريعة والفعالة لما تواجهه من مشكلات (المواقع البديلة المؤقتة، الحماية والأمن، النقل، المحروقات، التمويل، الاعتمادات، فتح الأسواق، الديون والالتزامات المالية…)، وذلك في إطار العمل على تحريك عجلة الاقتصاد الوطني عموماً والقطاع الصناعي خصوصاً لتلبية حاجة السوق المحلية وإعادة التصدير، واستيعاب ما يمكن من العاطلين عن العمل، ورفد موارد الخزينة العامة، وتخفيف أعباء تكلفة إعادة التأهيل بعد الأزمة قدر الإمكان.

ولفت الاقتراح الثاني إلى أهمية التحضير المسبق والمدروس لما يجب اتخاذه وتنفيذه بخصوص إعادة تأهيل وتحديث وهيكلة الصناعة السورية في مرحلة ما بعد الأزمة، وعدم تأجيل هذه المهمة لأي سبب كان، نظراً لأثرها على تكلفة وسرعة وكفاءة هذه العملية مستقبلاً.

وطالبت غرفة الصناعة بتسهيل توفير التمويل الممكن لتنفيذ برنامج إعادة تأهيل وتحديث الصناعة بالتكامل مع برنامج إعادة تأهيل الاقتصاد السوري وبرنامج إعادة الإعمار من جهة ومتابعة العمل على تأمين مواقع بديلة آمنة للمنشآت الصناعية التي دُمرت أو يصعب الوصول إليها من جهة ثانية واتخاذ الإجراءات المشتركة اللازمة والسريعة لتوفير الأمن والأمان في المناطق والمدن الصناعية وفي تنفيذ المناطق الصناعية الجديدة وتسهيل نقل المنشآت الصناعية إليها، والتغاضي مؤقتاً عن المنشآت الصناعية غير الملوّثة التي توزعت داخل المدن والأحياء ريثما يتم توفير البديل مع مراعاة التخطيط الإقليمي والحفاظ على الأراضي الزراعية قدر الإمكان والعمل على تنظيم هذه المنشآت ضمن تجمعات صناعية عنقودية تساهم في تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المرحلة المقبلة.

وأوصت غرفة صناعة دمشق وريفها في تقريرها السنوي بإطلاق حملة وطنية لتشجيع وحث المواطنين على دعم الصناعة الوطنية بشراء المنتج الوطني، وبيان أثر ذلك على معالجة آثار الأزمة اقتصادياً واجتماعياً، على أن يترافق ذلك بالتزام واضح من قبل الصناعيين بمراعاة موضوع السعر المنافس والجودة المطلوبة وخدمة ما بعد البيع وبتسهيلات الشراء، مع ضرورة التحذير الشديد مما قد يلجأ إليه بعض الصناعيين من تخفيض نوعية المنتجات الوطنية لتقليل تكلفتها وسعرها لمنافسة البضائع المستوردة، لأنهم بذلك يسيئون أكبر الإساءة إلى سمعة الصناعة الوطنية ومصداقيتها محلياً وخارجياً.

وعلى صعيد بناء القدرات الوطنية أكد التقرير أهمية تقديم الدعم الفني اللازم لتمكين المنشآت الصناعية من تجاوز آثار الأزمة التي لا تقتصر فقط على الأبنية والآلات وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، بل تتطلب استدراك ما فاتها ومعالجة المشكلات الأساسية الإدارية والتنظيمية والتسويقية والمالية التي كانت تعاني منها، ذلك أن الدعم الفني وإعادة بناء القدرات البشرية في المنشآت الصناعية مهمة مترابطة مع مهمة إعادة البناء والتشغيل، ولا يمكن أن تؤتي ثمارها بدون التدريب والتأهيل وبناء القدرات لتمكين هذه المنشآت من تعزيز قدرتها التنافسية من جديد.

ولفتت غرفة الصناعة إلى أن هذه المهام للمرحلة القادمة تتطلب إحداث المؤسسات الداعمة الجديدة والضرورية، مثل مركز التحديث الصناعي والمراكز الفنية المتخصصة بالصناعات الأساسية في سورية في أقرب وقت، مع ضرورة العمل على تحقيق التنسيق والتكامل بين الإجراءات الفورية والإجراءات المطلوبة على المديين القصير والمتوسط من أجل حسن التنفيذ وسرعة الإنجاز وتحسين الكفاءة والمردود وخفض التكاليف.

وعلى صعيد التشريعات وبيئة الاستثمار أوصى التقرير بالإسراع في إصدار قانون الاستثمار الجديد ومرسوم هيئة الاستثمار، والبدء في إعداد ملفات الفرص الاستثمارية الضرورية التي تتطلبها عملية إعادة بناء وتنشيط الصناعة الوطنية حسب الأولويات بالتعاون بين الهيئة والجهات العامة والخاصة المعنية بالترويج لإقامتها، بالتركيز على المستثمرين السوريين كأولوية أولى، وتهيئة البيئة التشريعية والمالية والتنظيمية اللازمة لتحفيز الاستثمار الصناعي واستعادة رؤوس الأموال والمنشآت والخبرات التي نزحت بفعل الأزمة.

كما أوصى التقرير بإحداث صندوق وطني لإعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية لتقديم القروض والتسهيلات بشروط ميسرة للصناعيين المتضررين، وتعويضهم لنقل وإعادة إعمار وتشغيل منشآتهم، أو إعادتها إلى سورية في زمن محدد ووفق شروط وحوافز محددة ( فوائد منخفضة، فترة سماح مقبولة، فترة سداد طويلة، ضمانات سهلة) ويكون من ضمن مصادر تمويل هذا الصندوق فرض ضريبة أو رسم على المستوردات الصناعية الجاهزة لصالحه، إضافة إلى الموارد التي يمكن أن تخصص له من ميزانية الدولة وكذلك من الهبات والتبرعات الأخرى التي يمكن أن تأتي لاحقاً.

وشددت الغرفة في تقريرها على اعتماد أسلوب الإعلان والشفافية فيما يتعلق بطرح بعض المنشآت الصناعية للاستثمار وأي نشاط صناعي آخر منوط بإحدى الجهات العامة للمشاركة وفق قانون التشاركية بما يحدّ من فرص بروز مراكز قوى اقتصادية جديدة متحالفة مع قوى مؤثرة داخلية تسعى للحصول على امتيازات مباشرة أو تفصيل هذا القرار أو ذاك لمصلحتها.

أخيراً.. ترى غرفة صناعة دمشق وريفها أن عملية إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية العامة والخاصة فرصة مناسبة لإعادة توطين وتحديث وتطوير هذه المنشآت بشقيها العام والخاص من خلال تسريع عملية تأهيل البنى التحتية، وإحداث مناطق صناعية جديدة بعيداً عن المناطق الزراعية ما يشجع المنشآت غير النظامية للانتقال إليها والعمل قدر الإمكان على تنظيمها بعناقيد صناعية أفقية وعمودية، وتشجيع الصناعيين أصحاب المنشآت الصناعية المدمرة على إجراء الدراسات اللازمة في ضوء الظروف والمستجدات فيما يتعلق بإعادة منشآتهم إلى اختصاصها السابق، أو استكمالها باختصاص آخر أو الانتقال إلى اختصاص جديد.

العدد 1140 - 22/01/2025