خطوات حقيقية لدعم المناهج الوطنية
ورد في وثيقة المعايير التي اعتمدتها وزارة التربية في الجمهورية العربية السورية للتعليم ما قبل الجامعي:
* تعزيز قدرة المتعلم على التعلّم الذاتي وتنمية مهاراته.
* تمكين المتعلّم من اكتشاف قدراته وإمكانياته وتعزيزها.
* تمكين المتعلم من المهارات المهنية واليدوية الأساسية في الحياة.
* تعزيز مهارات المتعلم في الممارسة الديمقراطية في مجالات الحياة الاجتماعيّة كافة، والعمل في منظمات المجتمع الأهلي.
وبناء على ما سبق قام بعض المختصين والباحثين السوريين في إعداد وتصميم المناهج، بتحليل للواقع التعليمي السوري، فكانت جميع الدراسات التي أجريت تؤكد أن مواطن القوة في مناهجنا هي في محتواها المعرفي ومستواها الأكاديمي العالي في جميع المواد، ولكن مازالت هذه المعارف والقيم المكتسبة غير موظفة توظيفاً فعالاً في حياة المتعلم، وذلك لافتقارها إلى الألعاب والأنشطة الّتي تعمل على تنمية المهارات العقلية والعملية، إضافة إلى اعتمادها على نظام تقويم ثابت يركز فقط على قياس المستوى المعرفي الذي هو أدنى مستويات التعلم (أي يقيس فقط الحفظ والاستذكار).
لذلك عمد الباحثون المهتمون بدعم الحركة التعليمية في سورية وتطويرها، إلى طرح مجموعة من أوراق العمل تهدف إلى تسليط الضوء على المفاهيم الواردة في وثيقة المعايير، وذلك بلفت الانتباه إلى الجوانب التي لم تلق الاهتمام الكافي من القائمين على العملية التعليمية، مستفيدين من التطور الحاصل في العلوم الحديثة المهتمة بدراسة الإنسان، المادية منها (مثل الفيزيولوجيا ووظائف الدماغ) وغير المادية (مثل علم النفس).
هذه الأوراق موجّهة إلى مختصي التربية والمشرفين على المناهج التعليمية ومديري المدارس والأهالي الذين يرغبون في متابعة أبنائهم ورفع مستوى تحصيلهم العلمي، لذلك اعتمد فيها الأسلوب السهل والواضح فيها ليفهمه الجميع، ولا سيما الأهالي الّذين عانى الكثير منهم تجارب غير سارة في المدارس عندما كانوا تلاميذ، وانعكست هذه التجارب في تعاملهم مع مدارس أبنائهم ومناهجهم الدراسية، فكانت إحدى أهم غاياتها جعل العملية التعليمية حدثاً ممتعاً للمتعلم في البيت والمدرسة؛ ولا تقتصر هذه الأوراق على إيجاد المتعة أثناء التدريس المدرسيّ والمنزلي، بل تقوم بطرح آليات وطرائق ووسائل تهدف إلى توسيع أفق التلميذ، وحثّه على التّفكير، ودفعه للبحث والاكتشاف، وتنمية ذاكرته والجوانب المختلفة لذكائه، إذ لا يوجد متعلم غير ذكي وإنما متعلم لم يدرك المشرفون عليه ذكاءه وفي أي منحى هو، وهو ما عانى ويعاني منه الكثير من التلاميذ، حين ينعتهم بعض أساتذتهم أو أهاليهم بالكسل أو الغباء، ويركزون على ما لا يستطيع المتعلم القيام به بدلاً من التركيز على ما هو متميز به.
لهذا ركز القائمون على تصميم أوراق العمل على المهارات التي تساعد المتعلمين على امتلاك التعلم، فلم يكتفوا بإعطاء التلاميذ مجموعة من المعارف، بل توسعوا بتطوير مهارات التعلم الذاتي الآتية لديهم:
1. المثابرة: وهي المواظبة على الأمر حين يصبح صعباً مع الإصرار الداخلي على النجاح والإنجاز، هذا ما فقده تلاميذنا في ظل الأزمة الأمر الذي دعا الباحثين إلى الاهتمام بزرع حجر الأساس لأربع نقاط أساسية تساعد المتعلمين على التركيز والمثابرة على عملهم:
أ. كيفية المواظبة على العمل.
ب. الجرأة.
ج. كيفية التّعامل مع الصّعوبات والتّحديات.
د.استراتيجيات للتعامل مع الارتباك.
إنّ الأطفال مغامرون بطبعهم ولديهم فضول لمعرفة المزيد عن عالمهم، لذلك تم العمل على استثمار ذلك وتوفير فرص المغامرة لهم، بالتخطيط للنشاطات التعليمية بطريقة مرنة تتناسب مع المحتوى العلمي للمنهج الوطني مع الاهتمام بالمهارات التي تساعدهم على تطوير تواصلهم الصحيح والإيجابي مع الآخرين.
يعد التعامل مع الارتباك جزءاً مهماً في رحلة التعلم، فهو لا يعني فقط التخطيط لمسار المتعلم بشكل واضح ومواصلة التقدم بثقة من نقطة البداية إلى الوجهة المنشودة، لأن الطريق سيكون محفوفاً بشتى أنواع العقبات، فأحياناً تحدث أشياء لم تكن متوقعة تعيق عملية التعلم، وهنا تلعب الطريقة التي يتم من خلالها تشجيع وتحفيز المتعلمين الناشئين على التعامل مع هذا الارتباك دور الداعم الذي سيجعلهم تلاميذ علم فاعلين وأكفاء مدى الحياة.
وقد أخذ المخططون لبرنامج أوراق العمل بعين الاعتبار أن التلاميذ بحاجة إلى الوقت حتى يستوعبوا فكرة ما، وأن معرفة متى يجب ترك شيء ما ليمنح التلميذ نفسه وقتاً للتفكير، تعد مهارة تعلم حقيقية تلازمه مدى الحياة.
2. سعة الأفق والإدراك: وهي قدرة التلميذ على تطوير منهجه الخاص (أي طريقته) في التعلم ومعرفة الطريقة الأفضل التي تخدمه. تعلم هذه الأداة التلميذ كيفية التعلم من الآخرين ومعهم.
ستساعد أوراق العمل التلاميذ ليصبحوا واسعي الحيلة وعلى دراية بكيفية عمل دماغهم وعقولهم وسيفهمون بيئتهم التعليمية، كما سيتوصلون إلى الطريقة الأمثل لمضاعفة كفاءتهم بوصفهم طلاب علم في ظل هذه البيئة؛ كما سيكون لديهم مجموعة من أساليب التعلم وسيكونون قادرين على إيصال المواد العلمية بطرق مختلفة واستخدام مجموعة من أدوات التّعلّم بما في ذلك تقنية المعلومات والاتصالات (ICT) لتحقيق نتائج أفضل.
وقد تم الاهتمام بهذه النّاحية، لأن الطفل الذي تعرض للاعتداء أو التشرد أو لمشاهدة مواقف عنيفة، ستكون دائماً صورة الموقف الذي تعرض له حاضرة في ذهنه، لذلك تم تركز الأنشطة والألعاب الواردة في البرنامج على تطوير آلية عمل الدماغ لتحل محل الصور الحاضرة بذهنه صور أخرى تساعده على العمل والتطور.
3. التّأمل: إن أردنا للأطفال أن يصبحوا طلبة علم بارعين فعلينا تطوير مهارة التأمل لديهم، ولذلك سيحتاجون إلى الكثير من الوقت والتفكير والرجوع إلى ما قد تعلموه، والتأمل في العمليات التي اختبروها، والنظر في أي منها كانت فعالة لهم ولماذا؟
لذلك راعى المختصون في أثناء التخطيط للبرنامج النظر في النشاطات التي سيتم تقديمها ليضمنوا تحقيق التوازن بين أوقات العمل وأوقات التفكير، فلا ينبغي أن يعتمد الأطفال على تشغيل أيديهم فقط للتعلم والانشغال بالأشياء بطريقة محسوسة على نحو مستمر، فهم بحاجة إلى التعلم من وقت إلى آخر من خلال تشغيل أدمغتهم والقيام ببعض الأعمال الفكرية بدلاً من العمل البدني.
4. التذكر: يساعد التمرين والتكرار والمراجعة على تطوير الذاكرة، وذلك من خلال لعب الأدوار والمسرح وطرح أسئلة تتطلب إجابات سريعة وتقنيات التخيل بطريقة فعالة لحفظ المعلومات في الذاكرة.
من الطرائق الأخرى التي تساعد على حفظ الأشياء في الذاكرة استخدام تقنية رسم الخرائط الذهنية أو رسم خرائط المفاهيم الفعالة. وهي مهارة بسيطة يمكن تعليمها في سن مبكرة، ويمكن للأطفال استخدامها للمساعدة على التخطيط والمراجعة والتنقيح.
5. الاستجابة: هي كيفية تفاعل المتعلم مع المتغيرات وطريقة إدارة مشاعره فيما يخص العمليات المختلفة.
من الضروري للمتعلم الناجح أن يكون بإمكانه تعلم القيام بالأمور بطريقة مختلفة مع المحافظة على موقف إيجابي تجاه العملية التعليمية، خاصة عندما تسير الأمور في الاتجاه الخطأ.
وقد أدخل الباحثون القائمون على تصميم برنامج أوراق العمل الموسيقا، لما لها من فوائد تعليمية في تعلم الرياضيات والعلوم والقراءة، وفي تهدئه النفس، فهي تساعد على:
1. الاسترخاء وتخفيف التّوتر الّذي عانى منه الطّفل منذ بداية الأزمة.
2. تفتح المجال للإبداع، إذ تعمل على تفعيل الموجات الدماغية.
3. تحفز الخيال والتفكير.
4. تحفز المهارات الحركية والكلام والمفردات.
5. تقلل من مشاكل الانضباط.
6. تسمح بالتركيز وتحشد الطاقة الجماعية.
7. تعمل ناقلاً للمعلومات في الوعي واللاوعي.
أخيراً الهدف الأساسي من طرح برنامج أوراق العمل الداعمة للمنهج الوطني هو الربط بين التربية الأكاديمية والتربية الوظيفية ربطاً حقيقياً وفعالاً، وذلك من أجل خلق متعلمين ناجحين، وأفراداً واثقين من بأنفسهم ومواطنين مسؤولين، لديهم القدرة على التعامل مع التغيير والفشل والنجاح، يستطيعون تحفيز أنفسهم من الداخل والتعلم من تجاربهم.