الأثرياء الجدد!
ليس بالأحلام تمتلئ المِعَد الخاوية والبطون الجائعة.. وإذا جمع البستانيون وعمال الحدائق في العالم الأزهار والورود، وصنعوا منها ثياباً للعرائس.. فلن تغطي جميعها عورة الفاقة والعوز..! هؤلاء الفقراء نزلاء (فنادق ال خمس نجوم..!؟)، لن يجدوا المكان الدافئ الذي يليق بنبضات قلوبهم ويحميهم من شرور الفاسدين الذين تعددت تسمياتهم..!
لقد سجل هؤلاء أسماءهم في موسوعة (غينيس)، وانتقوا الأمكنة الجميلة لهم، وزعموا أنهم يحتلون أعلى المراتب ويحملون مباخر الفساد، ويشعلون حطب مواقد الأزمات، ويرفعون سقوف الأسعار ويضعون حجر الأساس لأبنية الاستغلال والاتجار بالمواطنين، باعتبارهم سلعاً تخضع للعرض والطلب في أسواقهم السوداء.
إن حيتان الماء وأفاعي اليابسة والصحارى، يلتهمون خبز الكادحين وأجور العمال ورواتب الموظفين وأجور عمال ورش الميكانيك والصناعات المختلفة والمصروف اليومي للتلاميذوطلاب المعاهدوالجامعات. فالأزمة تمتدّ وتتسع وهم يرافقونها ويشدّون ألسنتها، ويفتحون أفواههم ويبتلعون ما قلَّ وفاض، وظلوا على العهد يبشرون بمستقبل الليبرالية الجديدة، ، وهم وحلفاؤهم من ثبّت قواعدها وأسس لها قبل الأزمة. ولم يبقَ غير أن يستثمروها ويستغلو الأزمة التي تعصف بسورية ويتضاحكون.. ويدَّعون أنهم من يصحح المسار..! فالبوصلة كما يقولون بأيديهم وليس سواهم من يعرف الشمال الحقيقي من الشمال المزيّف..!
وما جرى في سورية من تدخل خارجي وتحالف دولي (سياسي وعسكري وإرهابي واقتصادي..)، كأنَّ هؤلاء (المبشرون بالثورات) ودعاة التفتيت والفتنة صدَّقوا أنفسهم أنهم سيحوّلون سورية إلى مكاتب عقارية لهم، ومستودعات للأسلحة وصناديق محكمة الإغلاق من المواد الغذائية وأجهزة الثريا والمعدات الحديثة ونتاج ثورة الاتصالات .. فهمسوا في آذان حلفائهم في خليج المال والنفط والدسائس، بأنهم قادرون على (التكبير) ووضع أيديهم على وطن مقاتل وجيش باسل وشعب صابر وصامد.. وهم لا يعلمون أن سنوات أربعاً مضافاً إليها ما يريدون لن يقدروا أن ينفذوا ما يرغبون وأن أحلامهم قد سقطت وتلاشت ركائزهم.
صنعت الأزمات المحلية والإقليمية والدولية في تعدد أهدافها وتنوعها السياسي والاقتصادي والعسكري مصطلحاتها الخاصة بها.. فكثيرون من الساسة المخضرمين والرأسماليين (المعتقين والجدد) يتداولون مصطلحات غَدت معروفة عالميا منها مثلاً: (حيتان المال، وأثرياء الحروب، وتجار الأزمات، وأرباب السوق السوداء، والقطط السمان..). وما إن تتحرك رياح الأزمات في أية منطقة في العالم، سرعان ما يتشكل التحالف بين الطفيليين والبيروقراطيين والكمبرادور وجميع الفاسدين، الذين يضعون استراتيجية النهب والاستغلال ونتف رياش الناس دون النظر إلى حَسبهم ونسبهم ومصادر رزقهم ولم ينسوا الصغير والكبير والتاجر بالجملة والمفرّق .. المهم أنهم يزرعون الفساد ويروونه بدموع التماسيح ويحصدون الغلال الوفيرة.. ولم يتركوا إلاَّ العظام وحثالة ضمائرهم.!
لقد كان العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين في الواقع (عقد الليبراليين الجدد) كما يدّعون وعن (جدارة) أو (عقد الانفتاح على الرأسمالية العالمية والتحالف معها).. المهم أن سياستهم تعمل على جمع الأموال وتحقيق الصفقات التجارية بأية وسيلة وبأي أسلوب، وإدارة الظهر لما يسمى ب (الاقتصاد الوطني الرعائي)، وترك الزراعة على (عثمانيتها) وعدم النظر إلى تأمين خدمات المواطنين أو كحد أدنى العمل على ترقيعها.. فقد سبقتهم شهرتهم لاتباعهم سياسة تيئيسية عنوانها البؤس والنهب والسرقة واللصوصية وثقب الجيوب والعمل على تفليس الدولة، واتباع نهج التفقير و(التعتير) والتجويع والركض خلف رغيف مصنَّع من طحين مستورد…!