الواقع المعيشي معقد!

يزداد الواقع المعيشي تعقيداً، وباتت حالة الناس بهذا المجال مزرية. الفقر الذي نراه الآن بأم العين، يختلف كلياً عن الفقر الذي كنا نتحدث عنه سابقاً، ويحتاج إلى اجراءات بسيطة لمعالجته، لكن لم تتوفر يومذاك الإرادة الكافية للخوض في هذا المضمار، لمساعدة الشرائح الفقيرة والطبقات المهمشة. اللافت غياب الإجراءات التي تسهم في إيقاف تدهور الحالة المعيشية، وعدم اتخاذ قرارات حكومية تؤدي إلى ردم الفجوة التي تزداد اتساعاً بين الدخول واحتياجات الانفاق الأساسية. ويبرز تساؤل هنا، هل تستطيع الحكومة اتخاذ مثل هذه الإجراءات؟ طبعاً، ويمكنها مساعدة الشرائح المهمشة والضعيفة اقتصادياً، باتباع سبل كثيرة، أبرزها ضبط ملف الإغاثة، والحزم في توزيع الإعانات الإنسانية والإغاثية للمستحقين، والإشراف الصارم على عمل الجمعيات الأهلية التي تمارس دوراً (خيرياً)، والتأكد من كل ما يسمى تخفيضات الأسعار لاسيما على السلع الاستهلاكية الأساسية. فتصريحات البيع بأقل من أسعار السوق بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 30 بالمئة، أو أن التنزيلات تصل إلى 50 بالمئة، هذه التصريحات الباهتة لا أساس لها على أرض الواقع. كما يمكن أن تقوم الحكومة بممارسة دور تدخلي إيجابي حقيقي وفاعل، لا أن تكتفي بما تعرضه في صالات المؤسسات المعنية بهذا التدخل، الموجودة أساساً في مناطق سكنية قد لا تحتاجها كثيراً، بينما في المناطق التي يقطنها الفقراء، لا يوجد حضور لهذه المؤسسات، ويمكن إعادة تفعيل سيارات البيع المتنقلة، وتملك مؤسسات التدخل لإيجابي تجربة جيدة في هذا المجال.

مختزل القول، إن الأوضاع المعيشية الصعبة، والتحديات الهائلة التي تتراكم أمام الأسر، تتطلب نهجاً تدخلياً حكومياً مختلفاً، وإجراءات قوية تعيد الثقة إلى المستهلك بإمكانية مواجهة الأزمة الراهنة معيشياً، دون الانزلاق إلى سلوكيات غير مقبولة، أو دفع المحتاجين إلى الانجرار خلف شعارات براقة، إذ إن البطون الخاوية تدفع بأصحابها نحو شرعنة ما لايمكن قبوله، وقبول المرفوض حتماً، ولابد من التصدي لهذا الواقع قبل أن ينفلت أكثر.

العدد 1140 - 22/01/2025