هفوات ستلقى السماح
من أقوال السيد المسيح (ملكوت السماء لا يعرف الحاقد ومن قلبه يفيض كرهاً حتى لو كان لأعدائه).
كانت نتيجة مكافحة قسوة تلك الحرب التي لم تنتهِ حتى هذه اللحظة، أن أدرك الشعب الأكثر تضرراً منها زيف النزاع القائم والموَجَّه لإضعاف الموارد البشرية بتفرقتها أولا ً وآخراً، فما كان إلاّ أن تعالت أصوات الفئات السورية داعية للتسامح والغفران.
وبمنأى عن الأفلاطونية (التسامح) ليس بفطرة أتت على السوريين كافة، التسامح والغفران هو تداعيات مقتضى الحال، حال اللعنة التي أفقدت الجميع القدرة على استيعاب الخراب الحاصل والضرر الذي مسّ الجميع على حدٍ سواء.
ولتجنب تلك اللحظات الخاوية من الفعل، والعجز عن الإتيان بحركة لإنقاذ ما تبقى من الشعب وبقايا الدولة السورية، كان لابدّ من المصالحة بصيغة التعامل على كوننا سوريين ولسنا مؤيدين ومعارضين، فالحدّ الفاصل بين هاتين الفئتين إذا بقي حبيس التكتم والتحفظ عليه بشكل مؤقت، ومجرد التطرّق إلى ذكر مسميات التأييد والمعارضة، يؤول بنا الحال للانقسام مجدداً، وهذا نقيض الدعوة للتسامح، كما هو الحال في توجيه أصابع الاتهام بطريقة عبثية، وملاحقة عثرات الآخر.
فالسقوط الذي حلّ بالأمة كان مسؤولية الجميع، والهزيمة نالت من السوريين ككل، ولا من داعٍ لنكران حقيقة ما جرى على الأراضي السورية.
غير أن تجريد هذا من جنسيته، ورفض ذاك لتوصيفه المُغاير لمعتقداتنا وتوجهاتنا لن يحل الأزمة بجلّها، لكن سيقف عائقاً في مسيرة التطور والاندماج الأمثل في إخماد النزاعات.
فالشجرة لا تحجب ظلّها حتى عن الحطاب.
والتسامح هو الوسيلة الأمثل للتغلّب واحتواء تداعيات هذه الظواهر المدمرة للإنسانية والمعززة للعنف والإرهاب. غير أن الشراكة في الأرض تعني الشراكة في الحياة وعدم المساواة في تشاركية الشعب السوري بهذه الأرض هو نوع من الانحياز العرقي والطائفي.