السيسي وعبدالله وآل نهيان في روسيا.. وأمريكا وآل سعود يصعّدان.. هل تتحقّق «المعجزة»؟
تابعت روسيا مساعيها لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وحسب مقترحها بتشكيل تحالف إقليمي يتصدى لمكافحة الإرهاب في سورية والعراق ودول أخرى.
الرئيس السيسي والملك عبدالله ومحمد بن زايد آل نهيان كانوا ضيوف الرئيس بوتين، وإضافة إلى ملفات العلاقات الثنائية بين كل من هذه الدول وروسيا، كانت مواجهة الإرهاب حاضرة، وكانت الأزمة السورية محط اهتمام الجميع.
ما أعلن عنه بعد زيارة الزعماء الثلاثة يشير إلى اتفاق حول أهمية إنشاء تحالف إقليمي ودولي لمواجهة إرهاب داعش والنصرة وشركائهما، كما يؤكد ضرورة حل المسألة السورية عبر الطرق السياسية، وعلى أساس الحوار بين السوريين.. لكن الولايات المتحدة، كعادتها كلما لاحت بوادر إيجابية في المساعي الدولية والروسية لحل الأزمة السورية، تتدخل بأشكال مختلفة، لإحباط هذه الجهود التي (تغرد) بعيداً عن مخططها الرئيسي الهادف إلى إنهاك سورية والعراق واستنزافهما، وتفكيك كيانهما الدولتي، وتقسيمهما إلى (كانتونات) طائفية.
في الظاهر تبدو الولايات المتحدة قائدة لتحالف دولي يواجه داعش والإرهاب، فالمسألة هنا، حسب براغماتية (أوباما) وإدارته، مصيرية للحفاظ على أمن الشرق الأوسط.. وأمن حلفاء واشنطن الذين ترتعد فرائصهم.. لكن في جوهر الأمر لا تشتكي واشنطن من التقاء أهدافها مع أهداف الإرهاب في ضرب قلعتَيْ الشرق الأوسط الكبيرتين سورية والعراق، اللذين نبهت الصهيونية العالمية إلى أهمية تفكيكهما إذا ما أراد الكيان الصهيوني النوم بلا قلق.
الولايات المتحدة لا تبدو مستاءة من إنشاء تحالف إقليمي مواجه للإرهاب، لكن مزاجها، بمجرد الحديث عن حل المسألة السورية على قاعدة هذه المواجهة، يتعكر، وتبدأ التعليقات والتصريحات، وترن أجراس الهاتف في مكاتب الحلفاء: هيا إلى العمل!
فتصدر الخارجية الأمريكية تصريحاً عن محادثات مبعوث أمريكا إلى روسيا التي تتناول حل المسألة السورية (بعيداً عن الأسد)، ويصرح (الجُبير) العارف بالغيب وبالمستقبل: (لا مكان للأسد في مستقبل سورية)!
يريدون مكافحة انتقائية للإرهاب، طلعات جوية لضرب مواقع داعش في بعض المناطق العراقية والسورية، ويقدمون مساندة لأنصارها في قضم الأراضي السورية، وارتكاب المجازر والمذابح بحق الشعب السوري، أما خيارات السوريين فهم من يحددها!
أمام مشهد مركب كهذا، هل تتحقق (المعجزة) كما أسماها الوزير وليد المعلم، بعد اقتراح الرئيس الروسي بتشكيل التحالف الإقليمي لمكافحة الإرهاب؟ وهل يفهم الجميع أن حلاً سلمياً للأزمة السورية بعيداً عن أولوية ضرب الإرهاب التكفيري وإلى الأبد، لن يكون مجدياً، فأيّ سلام على أرض سورية، والدواعش وشركاؤهم يتلذذون بقتل السوريين؟!
لا تبدو روسيا، رغم العثرات الأمريكية والسعودية، يائسة من إيجاد السبل لحل الأزمة السورية، ربما لديها بعض الأوراق التي لم تطرح بعد، أما بالنسبة للسوريين فلا رجاء لديهم أقوى من رجائهم بإنهاء مأساة بلادهم والخلاص من معاناتهم، ووقف نزيف دمائهم، والحفاظ على دولتهم وجيشهم الوطني الذي يعدّ بجميع المقاييس عامل الأمان الأبرز للحيلولة دون إدخال سورية وشعبها في مغاور الظلاميين.
نؤكد مرة أخرى أن التفاؤل مبرر، فهناك قوى إقليمية ودولية بدأت تعدّل مواقفها بعد تنامي خطر الإرهاب، وهي تساهم بهذا الشكل أو ذاك في الجهود الدولية لحل الأزمة السورية سلمياً، لكن الحذر مطلوب أيضاً، فهناك أيضاً من يدفع باتجاه التصعيد لتدمير سورية، وتهديم العراق، كي تنام دولة العدوان الصهيونية بلا قلق.
السوريون، بعد خمس سنوات من معاناتهم التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لشدّتها، لن يتنازلوا عن طموحهم وخيارهم الذي سعوا إليه: سورية الواحدة ذات التكوين الاجتماعي والديني المتعدد والمنسجم، سورية المدنية.. الديمقراطية.. العلمانية.