الجيش السوري يتقدم في جميع المناطق والأمريكيون يرفضون الحوار حول الأزمة السورية

 يبدو أن المساعدة العسكرية الروسية لجيش سورية الوطني في مواجهته لغزو الإرهابيين قد أدت إلى انكشاف الموقف الأمريكي المناور من الأزمة السورية، فالأمريكيون يدفعون إلى حل هذه الأزمة، لكن وفق توجهاتهم وإيقاعهم وشروطهم التي تنال من خيارات الشعب السوري، وهي توجهات تعادل من حيث المحتوى الوصاية على سورية وشعبها ومستقبلها السياسي.

قبل قرار القيادة السورية طلب المساعدة العسكرية الروسية، كان الأمريكيون يدعون إلى الإسراع في حل الأزمة السورية استناداً إلى واقع ساهموا في خلقه ومساندته وتسليحه، وهو تقدّم الإرهابيين في بعض المناطق السورية، والتورط التركي في دعمهم بشرياً ولوجستياً. كانوا يهدفون إلى استثمار هذه الوقائع في فرض حل للأزمة السورية، يتوافق مع مخططاتهم، لكن الإنجازات التي حققها الجيش السوري بعد الدعم الروسي أوقفت طموحاتهم وأحبطت سيناريوهات التسوية التي تدور في مخيلتهم، ولكنها بالدرجة الأولى وجهت ضربات مؤلمة لأدواتهم الإرهابية المتطرفة والمعتدلة، وها هم يرفضون أي حوار حول الأزمة السورية، هذا ما أشار إليه الرئيس بوتين في كازاخستان حين قال بأن موقف الأمريكيين من الأزمة السورية غير بنّاء.. خاصة بعد عرض روسيا إرسال رئيس الوزراء الروسي إلى واشنطن لإجراء الحوار.

الإعلام الأمريكي والغربي والخليجي الذي ساعد الغزو الإرهابي لسورية والعراق، ونشر الأكاذيب، وقلب الحقائق، واستنفر المحللين العسكريين والسياسيين لإيهام العالم بدنوّ انهيار الدولة السورية، هذا الإعلام كان أشد (المصدومين) بالمساعدة الروسية وبالإنجازات التي تتحقق على الأرض وفي جميع المناطق السورية، فمضى يسن سكاكينه ليبدأ معركة جديدة، وفبركة جديدة عن ضحايا القصف الروسي والتقدم البرّي للجيش السوري.

السوريون قبل المساعدة الروسية وبعدها كانوا ومازالوا يشككون بالمواقف الأمريكية، فمن يسعى إلى حل الأزمة السورية عبر الطرق السياسية، عليه وقف مساعدة الإرهابيين، وعدم التدخل في حقوق المواطن السوري.. كذلك لم تعد ألاعيب الميديا الغربية وتركيباتها تعني شيئاً بالنسبة للسوريين الذين كشفوا دورها في دعم الإرهابيين وتحريضها على تقسيم سورية وتفتيت مكونها الاجتماعي والإثني الذي كان وسيبقى منسجماً متآلفاً رغم الضرر الذي أصاب تلاحمه وتآلفه.

أردوغان يتسول موقفاً أوربياً مسانداً لإدخاله الجسم الأوربي، والاتحاد الأوربي يغريه بملياري دولار وبعض التسهيلات لطيّ ملف لجوء السوريين، لكن طموحه مازال قائماً إلى إقامة منطقة (آمنة) في الأرض السورية رغم الرفض الدولي، ويحاول اليوم استثمار الوعود الأوربية لدعم موقفه المتداعي في الانتخابات القادمة، التي يجمع المحللون على أنها لن تسفر عن تحقيق طموحاته بالحصول على الأكثرية المطلقة.

لن نذهب إلى التفاؤل المفرط، لكننا متفائلون بشعبنا، وبجيشنا، وبأصدقائنا وعلى رأسهم الصديق الروسي.. متفائلون، بعد التقدم الذي أحرزه جيشنا البطل في الجنوب، وفي المنطقة الوسطى، وفي ريف حلب، وفي دير الزور، وبعد الضربات الموجعة التي وجهها لداعش والنصرة وشركائهما.. ننتظر المزيد ونطمح إلى الخلاص من الإرهاب بفضل صمود شعبنا وجيشنا، والالتفات بعد ذلك إلى بناء سورية المتجددة الديمقراطية.. العلمانية.. المدنية، على قاعدة التوافق بين مكوناتها السياسية والاجتماعية.

العدد 1140 - 22/01/2025