تجري الرياح كما تجري سفينتنا
ربما يُقال عن حُبي وشغفي بالحياة إنها حالة طبيعية أو (عنفوان الشباب)، ولكن الفرق شاسع بين أن تعيش الحياة لأن نَفَسك مازال يهدر في صدرك، وأن تعيش الحياة لأجلك.. لأجل زهرة حب قابعة في آخر الطريق وأنت تدفع أيام عمرك حتى تطولها.
اليوم أنا طالبة جامعية أسابق الغد، أعيش كل لحظة بقمة السعادة والحب، خطواتي متلاحقة في السعي نحو التخرج، فهو المفتاح الذهبي لباقي أحلامي المرسومة، أطرق كل شبابيك الأيام وأترك عند كل قنديل شيئاً من أنفاس عطري.
هناك من بعيد صوت يناديني، يدغدغ جفوني كل صباح حتى أنهض وأسعى نحوه، لعلّه طيف أسطورتي الشخصية التي حلمت.
أمتطي صهوة الشمس بكل ما في هذا العالم من حب وأمل حتى أن التفاؤل الذي في صدري يلف وجه العالم بأكمله ويزيد.
أمشي في طريقي سماعات الرأس تذوب مع الموسيقا المفضلة في رأسي تنحلُّ مع جزيئات الأكسجين، وعند كل جدار أقف أهمس بنظرة حب وأمشي تلاحقني قبلات السلام من القصص العتيقة التي تنشقها غبار الشوارع، وعند كل منعطف أو بعد كل عثرة تمسح على قلبي حرف أعشقها (تجري الرياح كما تجري سفينتنا ** نحن الرياح ونحن البحر والسفن) يا الله كم تنعش أعصابي وتمدّني بالقوة والصبر!
وإلى جامعتي ودفاتري ما زلت أمضي.
وللقصة بقية، فالأمر لا يقف هنا بكمية المشاعر والآمال تجاه دراستي ومستقبلي، فأنا من صميم مجتمع أرى ما يخدش نظرتي إلى الغد أخاف على أحلامي من قنبلة تخلف وجهل، أو ربما تحطم أعمدة كانت ستسند مستقبلي، لذا كان التطوع مع جمعية إنسانية غير حكومية ملاذاً وسلاحاً أحمله اليوم.
في بعض الأحيان كانت هذه الأفكار المتمردة في رأسي مع أهداف الجمعية هي مضاد الالتهاب المنتشر في جراح الوطن، صار رابط التطوع عندي أكبر من قضية، فالآن أقف مستندة على أسس نعمل عليها كشباب يؤسس للغد.
فجامعتي اليوم ونشاطاتي المجتمعية أهم الخطوات التي أقوم بها في سبيل بناء لبنة من صرح كبير في مخيلتي، وأود لو أستطيع الوصول لمكانة مرموقة في المجتمع وأصل إلى منصب مهم يخولني تصحيح المسارات وتغيير معطيات الواقع، وكرسي المنصب بحدّ ذاته ليس هدفاً لكنه الآلة لتحريك الواقع.
صحيح أن أحلامي والمساعي المبذولة إلى الآن تصب في مصلحتي الشخصية ربما.. لكن حين أبني نفسي فأنا أبني إنساناً ومواطناً عله يغيّر بعض الوجوه البائسة.
الوطن.. الوطن.. الوطن كلمة ما أكثر دورانها في حديثي وحديث غيري، لكن الوطن هو المكان الوحيد الذي أعيش فيه لحظاتي وأعشق ما أفعل حين أراه واقعاً، فهو جزء من تفاصيلي.