جديدة الفضل.. والخدمات المفقودة!
جديدة الفضل بلدة صغيرة لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن مدينة دمشق، ولا يفصل بينها وبين جديدة عرطوز سوى طريق الأوتستراد الدولي الذي يصل العاصمة بالجنوب (قطنا وغيرها)، وهي في السجلات الرسمية توءم جديدة عرطوز، حتى أن بلدية الفضل تسمى (بلدية تجمّع جديدة عرطوز)، ولكن بلدية جديدة عرطوز تابعة لمحافظة ريف دمشق، أما بلدية الفضل فهي تتبع لمحافظة القنيطرة، وتكاد بيوت البلدتين تتلاصقان من شدة القرب بينهما.
لكن يأخذك العجب العجاب حين تحاول أن تقارن بين البلدتين على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والخدمية، فالفرق شاسع بينهما، ولا أبالغ في الكلام، ومن أراد أن يتحقق مما أقول، عليه أن يزور البلدتين، ويتلمس على أرض الواقع حقيقة ما أقول، ويتعرف على البون الشاسع ما بين البلدتين.
فالفروق واضحة من حيث التخطيط العمراني، واتساع الشوارع هنا وضيقها هناك، وانتظام الخدمات، ونظافة الشوارع والطرق والأسواق.. فجديدة عرطوز تعيش في القرن الحادي والعشرين من حيث الحداثة والرقي والجمال والنظافة والمستوى الاجتماعية والاقتصادي والثقافي والحضارة.
أما جديدة الفضل فهي تعيش اليوم وكأنها لاتزال تحيا في القرن السادس عشر أو ما قبل ذلك، فالشوارع ضيقة معوجّة وغير معبّدة، وهي أشبه بالأزقة، وهي أزقة فعلاً وليست شوارع، وتنتشر فيها الحفر والغدران المائية الآسنة انتشاراً كبيراً، ولا ترى فيها شارعاً مستقيماً طويلاً نظيفاً معبداً، وتوحي لك أزقتها بقوافل الإبل في القرون الوسطى، وهي تسير فيها بحثاً عن (خانات) تقيم فيها.. كما أن الفروق واضحة بين البلدتين من حيث المساكن والمظهر العام للبلدة، ومن حيث حداثة الأسواق والمحلات والعيادات والصيدليات وغيرها من الخدمات.
في حين لاترى في جديدة الفضل إلا البؤس والحرمان، والفقر المدقع واضح على سكانها وأسواقها ومحلاتها ومدارسها، وحتى على طلاب تلك المدارس، فالفقر يكاد يصرخ في وجه كل مرفق أو قاطن في هذه البلدة.
وبنظرة سريعة فقط على أهم أسواق بلدة الفضل وهو سوق الهال، ستجعلك مذهولاً، لما فيه من سوء، فالمظلات التي هي من مساعدات الإغاثة تغطي معظم محلات البيع، ولكنها لم توضع بحيث تحمي الخضار والفواكه ، فهي معروضة بصناديق على امتداد سوق الهال، معرّضة لكل أنواع البعوض والذباب والحشرات، وعلى الرغم من سوء المادة وعرضها، فالناس يقبلون على شرائها، لأن ثمنها رخيص، أضف إلى ذلك أنك لا تجد في سوق الهال من يراقب أو ينظم، فالإهمال الشديد واضح بيّن في كل مرافق السوق.
أما الكهرباء، وما أدراك ما الكهرباء في الفضل، فهي مسألة غاية في العجب، فلا نظام لها.. تأتي كيف ما تشاء، وتنقطع كيف ما تشاء، تنتظم يوماً أربع ساعات انقطاع وساعتَيْ عمل، ولا تنتظم في أغلب الأيام، ويسود الظلام الدامس أغلب ليالي الفضل، أما إنارة الشوارع، فهذا كان شائعاً ويسري في ليالي ألف ليلة وليلة في الزمن السحيق.
وقلة وصول الماء أيضاً هو مما يعانيه أهل الفضل وحتى جديدة عرطوز، أشد المعاناة وخاصة الحصول على ماء نظيف، نتيجة كثرة ساعات انقطاعها.
الخبز متوفر ويوجد فرن واحد يعمل ليلاً ونهاراً، وهو مزدحم دائماً بالمواطنين، والكل يشكر الله على وجوده رغم أنه سيئ ولا يزال عجيناً وغير ناضج، فلدى السكان خوف وخشية من توقفه.. فقد توقف مثلاً يوم الاثنين 16/11/2015 لمدة ساعات من أجل الصيانة، ما أثار في قلوبهم الخوف والرعب.
و تحتاج المرافق الأخرى من صحة وثقافة وخدمات إلى المراقبة والمعاينة والعمل على إحداث نقلة حضارية في هذا التجمع الفقير.
إن نظرة مسؤولة إلى هذه البلدة (جديدة الفضل) من قبل القائمين عليها، وعمل مؤمن بالوطن، يمكن أن يخفف عن أهالي هذه البلدة، وينقلها لتساير ركب الحضارة والحداثة والتطور.