الشباب.. وتحدّيات المستقبل

واقع الشباب السوري والتحديات المستقبلية أمامهم كانت أهم محاور الندوة التفاعلية الحوارية التي أقامها فرع اللاذقية لجمعية العلوم الاقتصادية، وقد زاد  الندوة جماليةً حضور شباب النادي السينمائي وبعض الشباب من مدينة جبلة إضافة إلى بعض الأكاديميين والنخبويين من (الذهب العتيق) ليكون حوار أجيال بدلاً من الصراع، كما يروج له..

وقد أجمع الحضور على خطورة الخلل الحاصل في العملية التعليمية وانقيادها لتحصيل الأموال على حساب الجودة ولإقحام التعليم الخاص وعدم السعي لجودة التعليم أسوة بباقي الدول، على الرغم من توفر البنى التحتية وعلى الرغم مما خرجت المنشآت السورية من كوادر تبني حضارة العالم، وخاصة في مجال الطب والهندسات والمدرسين، وكذلك ظهر إجماع على تخبط السياسات التعليمية من نواحي المناهج والقوانين وضعف المراقبة والمحاسبة وتفشي الدروس الخصوصية بغياب عين الرقيب، وضعف التسويق للتعليم المهني رغم أهميته، وتسويق نظرة الطب والهندسة هي فقط الفروع المهمة رغم حاجة البلد لكل الفروع لتكامل دورها .كذلك ركزوا على عدم تكافؤ الفرص والمساواة سواء في التعليم أو التوظيف وكأن الحظوة لمن يملك المال والوساطة فقط. وبالتالي فإن تحدي  تأمين فرصة العمل من أهم التحديات.

وركز الشباب على ضعف أداء مؤسسات التنشئة وخاصة في ظل الغزو الثقافي الأمريكي المعولم وترك الشباب أمام عواصف الأمركة، لتصبح أدوات التواصل مولدة لرأي عام قطيعي زاد في أزمتنا وأعاق الحلول وأوجد شرخاً في العلاقات الأخوية وزاد التعصب والجهل. وكذلك تطرق الشباب والحضور إلى إقحام منظمات المجتمع المدني المرتبطة بمشاريع خطيرة، وإحدى أدوات خلخلة المجتمعات عبر مصطلحات كاذبة بدعوى حقوق الإنسان والديمقراطية، والدول الداعمة لها هي أكثر الدول عرقلة لتنميتنا المستقلة المتوازنة، وانجرار شخصيات فاسدة مع هذه المنظمات للحصول على الأموال السوداء حتى ولو على حساب سرقة المعونات، ولو على حساب أن يصبحوا أدوات لزيادة الدماء.

وتساءل الحضور عن دور المنظمات الحكومية الوطنية التي بنت سابقاً الإنسان السوري الوطني، ومن يحجّم دورها رغم قدراتها وفاعليتها ولماذا لا يكون هناك تنافس بدلاً من القضاء عليها وفاعليتها ولو بقيت هياكل. وبغياب هذا الدور فرغت البلاد وتضاعف الفساد واشتد عوده. وتساءل الشباب هل عجزت المؤسسات المنضبطة عن الإحاطة بالفساد الذي قتل البلد وقتلنا منه وزاد أضعافاً مضاعفة.وكانت الندوة قد بدأت بالوقوف دقيقة صمت تمجيداً للدم السوري المقدس، وبدأ الكلام د. سنان علي ديب رئيس الجمعية عن أهمية الشباب في تحصين البلد وبنائه المستقبلي، ومن يبني الشباب فكرياً وأخلاقياً ومعرفياً يملك المستقبل، وإن قصّرنا بحق الشباب بنزوحنا نحو اللبرلة، ولكن هذا لا يعني الاستسلام ولكن يجب تجميع الجهود لإعادة دورهم وخاصة الشباب السوري بعد الاستقلال هم أداة التنمية والاستقرار وأي تغيير لا يحصل من دون المرور بجيل الشباب إن كان وطنياً حقاً. ثم تكلم الشاب الجامعي الورد طراف حول أهم أزمات الشباب المتعلقة بأزمة التعليم وأزمات الإدمان المختلفة من المخدرات لوسائل التواصل وأزمة البطالة وأزمة صراع الأجيال.

ثم تكلم الشاب علي الشبل حول مشكلة طبقية التعليم وفساده وحول البطالة، وتكلم الشاب جعفر علي عن هجرة الشباب وكيفية استقطابهم والتقليل منها، وكذلك تكلمت الشابة شام نور الدين عن قصور العملية التعليمية وعدم مواجهة فساد الأداء بالعام لفرض الخاص، وتكلم الأستاذ حمزة القاضي عن عدم شعور أهلنا في الساحل بأننا في أزمة رغم كوننا أكثر المتضررين معاشياً ودموياً، وحق الشباب المثالية ولكن الأصح الانطلاق من الواقع المأزوم وأكثر المتضررين في الحروب هم الشباب.

وختم د. سنان بتأكيده أنه بسبب نهج اللبرلة قبل الأزمة وكوارث الحرب والانحطاط الأخلاقي لتجارها وتماهيهم مع الفكر الصهيوني أساس البلاء زادت هموم الشباب وتحدياتهم، وأنهم الخاسر الأكبر وبخسارتهم خسر الوطن بسبب الموت أو الهجرة وإن لم تستعد مؤسسات الحكومة ومنظماتها الدور الواجب لتحمل المسؤولية وإن لم تواجه القوى التي عرقلت هذا الدور يصعب حل المشاكل، ومهما يكن يجب تعاون الجميع للوصول إلى بر الأمان. وبخصوص الخدمة الإلزامية في ظل  الظروف الراهنة ومئات الآلاف من المسلحين تكون القرارات استثنائية ويصعب أخذ قرار كهذا، ولا يقف مع الوطن ولا يدفع الضريبة سوى الشرفاء ولا يمكن مواجهة الفساد إلا بسلطة القانون فوق الجميع وبإعطاء المبادرة لمؤسسات قادرة على الحزم والحسم والمحاسبة.

ثم تكلم الأستاذ عبد الرزاق الدرجي عن أن  الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة وأن اكبر مصائبنا بسبب تراجع الحكومة عن دورها التنموي، وأن التوسع بالتعليم بكل أنواعه كان على حساب الطبقات الكادحة، والنهج السياسي لأي بلد يلعب دوراً أساسياً في تحسين الحياة الاجتماعية.

العدد 1140 - 22/01/2025